التغير المناخي يتسارع.. فهل من حلول؟
يتسارع التغير المناخي بوتيرة غير مسبوقة؛ فما هي الحلول المطروحة؟
بين ستينيات وثمانينيات القرن الماضي، ارتفع متوسط درجات الحرارة العالمية بمقدار 0.2 درجة مئوية. وذلك وفقًا لدراسة منشورة في دورية «ساينس» (Science) في أغسطس/آب عام 1981. وقتها ربط الباحثون بين ارتفاع درجات الحرارة والاحتباس الحراري الناتج عن زيادة قياسات غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وأوّضحوا أنّ ذلك الاحتباس الحراري ناتج عن الأنشطة البشرية. في تلك الحقبة الزمنية، كانت الحركات البيئية قد بدأت تنادي صناع القرار لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية كوكبنا.
سعيًا نحو الحلول
مع ذلك، ظلت الحرارة في الارتفاع إلى أن خرج اتفاق باريس إلى النور عام 2015، ودخل حيز التنفيذ في عام 2016، والذي يدعو الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي (UNFCCC) إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لعدم تجاوز متوسط حرارة الكوكب 1.5 درجة مئوية أعلى من عصر ما قبل الصناعة، والوصول إلى صافي الصفر بحلول 2050. وعلى الرغم من موافقة الأطراف على هذا الهدف، إلا أنّ عام 2023، سجل أعلى درجات الحرارة التي شهدها التاريخ، وارتفاع في متوسط درجات الحرارة العالمية بمقدار 1.48 مقارنة بعصر ما قبل الصناعة.
تسارع
في نوفمبر/تشرين الثاني للعام 2023، نُشرت مجموعة بحثية دولية دراسة تحذر من تسارع ظاهرة الاحتباس الحراري، تُشير إلى أنه في ظل النهج الجيوسياسي خلال الوقت الراهن، وتعامل العالم مع الانبعاثات الدفيئة؛ فمن المتوقع أن يتجاوز متوسط ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الصناعة خلال عشرينيات القرن الحادي والعشرين. وأوضحوا أنه خلال آخر 150 عام، ارتفعت درجات حرارة الأرض مقارنة بآخر 2000 عام.
هل من حلول؟
بالطبع، هناك محاولات كثيرة لحماية كوكبنا، لعل أبرزها:
الانتقال العادل نحو الطاقة المتجددة
يحتاج العالم إلى طاقة من أجل التقدم وتسهيل الحياة، لكن الاعتماد على الطاقة الناتجة عن الوقود الأحفوري، تسبب في رفع مستويات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي. لذلك، طُرح حل الانتقال إلى الطاقة المتجددة. وفي أثناء مؤتمر الأطراف المعني بتغير المناخ في دورته الثامنة والعشرين (COP 28) بمدينة إكسبو دبي، بالإمارات العربية المتحدة، تعهدت نحو 130 دولة بمضاعفة اعتمادها على الطاقة المتجددة بمقدار 3 مرات، لتسريع وتيرة الانتقال العادل نحو الطاقة المتجددة.
الحد من إهدار الأغذية
يتزايد استهلاكنا للمواد الغذائية، سواء الحيوانية أو النباتية يومًا بعد يوم، خاصة في ظل ارتفاع أعداد سكان العالم. لكن المشكلة الكبرى أنّ إنتاج الغذاء عمومًا يتسبب في إطلاق غازات الاحتباس الحراري، ويتوقع العلماء أن تصل نسبتها إلى 60% من إجمالي الانبعاثات البشرية بحلول 2050. لذلك، ينبغي الحد من إهدار الطعام وشراء السلع المطلوبة فقط، خاصة وأنّ الإنسان يهدر ما قد يصل إلى 30% من الإنتاج العالمي للغذاء.
وقف إزالة الغابات وإعادة بناء النظم البيئية
تلعب الغابات دورًا مهمًا في امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، وإزالتها تُساهم بصورة كبيرة في تغير المناخ ورفع مستويات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، وغالبًا ما تتسبب الممارسات الخاطئة المتمثلة في قطع الأشجار غير القانوني في إحداث الضرر سواء لتلك الغابات أو النظم البيئية هناك.
معالجة قضايا الفقر وعدم المساواة
إنّ تحقيق العدالة الاجتماعية المتمثل في انتشار الفقر، خاصة بين النساء والأطفال وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة والشعوب الاصلية، جزء مهم من أهداف العدالة المناخية؛ فهؤلاء الذين يعانون من التهميش المجتمعي، هم أكثر الطبقات تضررًا بآثار التغيرات المناخية. لذلك، ينبغي منحهم الموارد ومدهم بالقدرات التي تساعدهم في مواجهة أكبر خطر يواجه البشر في الوقت الراهن.
الحد من مخاطر الكوارث الطبيعية
يساهم الاستثمار في الحد من مخاطر الكوارث الطبيعية، خاصة المرتبطة بالتغيرات المناخية في حماية المجتمعات وتعزيز قدرتهم على تخفيف آثار الكوارث. لذلك، فإنّ الحد من تأثيرات تلك الكوارث، يحد من تأثيرها السلبي. خصوصًا أنه من الصعب العودة إلى صافي الصفر في الوقت الراهن، لكن يمكننا مساعدة الفئات الأكثر عرضة للخطر على تفعيل أنظمة الطوارئ.
التمويل العادل
يُعد التمويل هو القضية الأكثر حساسية على طاولة المفاوضات في مرة تجتمع الأطراف لإيجاد حلول بشأن تغير المناخ، وتبقى الأسئلة المطروحة كل عام: من الذي سيدفع؟ الإجابة على هذا السؤال تُصعب اتخاذ حلول جذرية وخطوات أكثر سرعة، تواكب سرعة التغيرات المناخية. وعلى الرغم من مبادرة بعض الدول الغنية في COP 28؛ لتقديم التمويل للعمل المناخي، على الرغم من كونها ليست ملزمة، لكن ظل موقف الدول المتقدمة المسؤولة تاريخيًا عن الانبعاثات غير واضح.
في الحقيقة، هناك الكثير من الحلول، لكن الفعل بطيئ؛ خاصة مع الصراعات والنزاعات التي يواجهها العالم في يومنا هذا، وما زال البشر في حاجة إلى الاتحاد من أجل مستقبل أفضل للأجيال القادمة.