بنوك الطعام في أمريكا اللاتينية تفتح خزائنها لـ«العين الإخبارية» (مقابلة)
في 2022، عانى ما يقرب من 735 مليون إنسان حول العالم من الجوع، ولم يتمكن 3 مليارات من أصل 8 مليارات إنسان من تحمل تكاليف نظام غذائي صحي.
من جانب آخر، أُهدر وفُقد نحو 30% من الإنتاج الغذائي العالمي، ما زالت الحاجة إلى استراتيجيات أو تدابير لإعادة توزيع الطعام وإيصاله للمحتاجين. وهناك بعض المنظمات التي تقوم بهذا الدور، على رأسها شبكة بنوك الطعام العالمية، وفي COP28 الذي انتهت فعالياته الشهر الماضي بدولة الإمارات العربية المتحدة ، أجرت "العين الإخبارية" مقابلة مع «آنا كاتالينا»، مديرة العلاقات ونقطة الاتصال لبنوك الطعام في أمريكا اللاتينية.
إليكم نص الحوار..
ما الفرق بين فقد وإهدار الطعام؟
حسنًا، فقْد الطعام يعني الخسارة في الطعام قبل التسويق له، بينما هدر الطعام؛ فهو إهدار البشر للطعام بعد بدء التجارة فيه خلال سلسلة التوريد. وهناك بعض المناطق التي تعاني من خسارة الطعام، وأخرى تعاني من إهدار الطعام؛ فعادةً ما تنتشر مشكلة إهدار الطعام في البلدان المتوسطة ومرتفعة الدخل، ويأتي هدر الطعام هناك بصورة واضحة في المطاعم والضيافة.
أما في الجنوب العالمي؛ فغالبية الأطعمة التي نخسرها، تكون بسبب عدم توّفر القدرات في قطاع الزراعة. وهذا يعود بالسلب على إنتاجية الغذاء وما يتبعه من وسائل نقله وتسويقه. لذلك تزداد معاناة مناطق الجنوب العالمي؛ لأن 80% من الغذاء في تلك المناطق يأتي من صغار ومتوسطي المزارعين، الذين يعانون من نقص الإمكانات والموارد.
هل هناك مبادرات أو مشاريع ناجحة ساهمت في خفض معدلات فقد وإهدار الطعام؟
طبعًا، أنا جزء من منظمة تسمى شبكة بنوك الطعام العالمية. وبنوك الطعام العالمية هي منظمات غير حكومية تعمل مع المجتمعات على استعادة وإعادة توزيع الطعام، مثل فائض الطعام الذي لم تتمكن المنظمات والشركات من بيعه، وبذلك نساعد المنظمات على تجنب فقد أو إهدار المواد الغذائية. ونقوم بفرز تلك الأغذية وفقًا لأعلى معايير السلامة الغذائية. بعد ذلك، تأتي خطوة توصيل ذلك الطعام إلى الأشخاص المحتاجين. إننا نؤمن أنّ استعادة الطعام وإعادة توزيعه، هي أسرع طريقة لتقليل فقد وهدر الطعام.
وكيف تلعب التكنولوجيا دورًا في ذلك؟
حسنًا، هذا سؤال مهم للغاية؛ ففي وقتنا الحاضر، نتحدث عن التكنولوجيا كل يوم أكثر فأكثر؛ لكن عند التدقيق قليلًا، نجد أنّ أغلب الابتكارات قد أتت من المجتمعات المحلية؛ ليُساعدوا أنفسهم أن يكونوا أكثر مرونة في مواجهة تغيرات المناخ والمشكلات الاجتماعية، مثل: الفقر أو عدم المساواة بين الجنسين التي نعيشها في هذه اللحظة. لذلك، نجد أنّ الابتكارات التقنية التي نشهدها اليوم، بدأت كفكرة في المجتمعات المحلية.
وبالفعل ساعدتنا التكنولوجيا اليوم في تصميم برنامج، عبارة عن شبكة افتراضية لبنوك الطعام. يساعدنا هذا البرنامج باستخدام التكنولوجيا على استعادة المزيد والمزيد من المواد الغذائية؛ للتأكد من استعادتنا للفائض من المواد الغذائية قبل انتهاء الصلاحية. وقبل حدوث أي مشكلة.
وما هي توصياتكم للسيطرة على فقدان أو إهدار الطعام على النطاق العالمي؟
هناك العديد من الحلول لمشكلة فقد الطعام وهدره. اسمحي لي أن أبدأ بأكبر واحد فيهم، وهو السياسات، نحن بحاجة إلى سياسات أكثر وأفضل لتنظيم فقد الطعام وهدره. مثل القوانين التي تسمح للشركات والمنظمات بتلقي بعض الضرائب، والحوافز مقابل العمل الذي يقومون به. لكن في الوقت نفسه، نحتاج إلى بعض الحواجز التي تمنع الشركات من إتلاف المواد الغذائية؛ فهناك ما يزيد عن 800 مليون شخص يعاني من انعدام الأمن الغذائي، وفي المقابل تُقدر كمية الطعام المهدرة أو المفقودة سنويًا بـ 30%. إننا بحاجة إلى حل؛ لوضع بعض الحواجز في نفس الوقت الذي نحفز فيه المنظمات على تجنب هدر أو فقد الطعام.
لكن العنصر الآخر الذي أعتقد أنه مهم للغاية، هو أننا بحاجة إلى زيادة الوعي بما يحدث، وكيف أن الجميع جزء من الحل. وهناك شيء آخر مهم، وهو أنّ التغييرات الملموسة تأتي من خلال كل قرار فردي يتخذه جميع الناس في هذا الكوكب.
بالتأكيد هناك العديد من المنظمات على المستوى المحلي تعمل على حل المشكلة بناءً على ما تحتاجه. يمكنهم، بناءً على إمكانياتهم، التواصل مع بنك الطعام ومحاولة معرفة كيف يمكنه مساعدة بنك الطعام على القيام بالعمل الذي يقومون به بشكل أفضل.
وهناك شيء أخير مهم، وهو لا يقل أهمية عن التوصيات السابقة، وهو الاستثمار. كما كنت أقول، غالبية الابتكارات تأتي من المجتمعات، لكنهم لا يتلقون الأموال مقابل الابتكارات التي يقومون بها. نحن نعمل على إنشاء العديد من الصناديق لحل المشاكل التي يعاني منها الجنوب العالمي. ونضمن أنّ هذه الاستثمارات تصل إلى تلك المجتمعات.
وهل هناك تحديات أو معوقات يجب معالجتها لتحقيق التقدم المطلوب في تقليل هدر أو فقدان الطعام؟
نعم، بالطبع الاستثمار مطلوب، لدينا عجز في الاستثمار خلال هذه اللحظة. وتحاول المجتمعات وبنوك الطعام حل المشكلة على أرض الواقع. وهذه هي المرة الأول في COP، التي تكون فيها الأنظمة الغذائية في مركز محادثات المناخ. لذلك؛ فإنّ الافتقار إلى الوعي والمساءلة بشأن فقدان الأغذية وهدرها لا يزال مرتفعًا للغاية. ويتعين علينا حل التحديات المتمثلة في تحديد وكيف يعمل الناس على الحد من فقد الأغذية وهدرها.
ما هي رسالتك لقادة العالم؟
نحن نعلم أن الحد من غاز الميثان هو أسرع وسيلة لخفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، كما أن استعادة الغذاء وإعادة توزيعه هو أسرع وسيلة للحد من فقدان الغذاء وهدره. نحن بحاجة إلى أن يقرر الجميع أننا لا نستطيع أن نخسر أو نهدر المزيد من الطعام ونفوز. هذه ليست مجرد مشكلة الجوع. هذه مشكلة مناخية. ومرة أخرى، فإن الأشخاص الأكثر ضعفًا هم الذين يعانون من عواقب عدم اتخاذ قرارات لحل مشكلة فقد الأغذية وهدرها.