كيف يؤثر التغير المناخي على البراكين؟
هناك علاقة متبادلة بين التغيرات المناخية والبراكين، كل واحد منهما يؤثر على الآخر بشكل ما.
في مطلع الألفية الأولى بعد الميلاد، وتحديدًا في عام 79 ميلاديًا، بينما كان سكان مدينة بومبي في إيطاليا يقضون حياتهم اليومية بشكل طبيعي، اندلع بركان كان على مسافة قريبة جدًا من المدينة، وأخفى ملامحها كاملة بالرماد، لمدة 16 قرنًا من الزمان، إلى أن عُثر عليها في أثناء القرن الثامن عشر، وكُشف الستار عن ملامح المدينة التي كان سكانها يحيون في ترف إلى أن جاءتهم الحمم البركانية لتُعكر صفوهم وتُنهي نسلهم ووجودهم من سطح الأرض. اضطُرت العديد من الأسر إلى هجر موطنها في بالي بإندونيسيا؛ تجنبًا لثوران بركان بالي، وما يتبعه من خسائر.
لكن ظلت قصة بومبي في أذهان العلماء، ما دفعهم للاهتمام بالبراكين، والعوامل المتسببة في حدوثها، والبحث عما إذا كان للتغير المناخي دور في إثارة غضب البراكين.
- النساء في علوم المناخ.. متى تتحقق المساواة؟ (حوار)
- أسماك ثلاثية الأبعاد مطبوعة بالأحبار الحيوية.. طبق يدعم المناخ
لفهم انفجارات البراكين
توجد ظروف استثنائية داخل البراكين من الحرارة والضغط المرتفعين جدًا. وهي ظروف مثالية لتحويل الصخور الموجودة داخله إلى صهارة، مرتفعة الحرارة، لكن بسبب طبيعة الصخور الصلبة، تستغرق هذه العملية آلاف السنين؛ حتى تتحول إلى صهارة، وعند لحظة معينة، وهي أكثر اللحظات رعبًا، وبسبب الضغط والحرارة الهائلين، يلفظ البركان قطع الصهارة هذه التي كوّنها عبر شقوق الأرض.
تندفع الصهارة من البركان ومعها غازات وشظايا مرتفعة الحرارة، وعندما يكون الثوران قويًا، قد يمتد تأثيره إلى العالم، وقد يؤثر على مناخ الأرض، من جانب آخر، من الممكن أن يتأثر البركان بالتغيرات المناخية الحاصلة حوله؛ فتشتد قوة ثورانه.
تأثير التبريد
وتذهب دراسة، أجرتها مجموعة بحثية في جامعة كامبريدج إلى أنّ التغير المناخي، سيتسبب في رفع أعمدة البراكين الكبيرة، وهذه فرصة مثالية لتجتمع ذرات الكبريت المنبعثة من البراكين مع غازات الغلاف الجوي؛ فتكوّن هباءً، يعكس الأشعة الشمسية إلى الفضاء، ما يساعد في تبريد الكوكب؛ فيما يُعرف بـ«تأثير التبريد»، ومن المرجح أن يزداد معدل التبريد هذا بنحو 15% مقارنة بالمناخ الحالي. أما في حالة البراكين الصغيرة؛ فتُشير التوقعات إلى انخفاض تأثير التبريد بمعدل 75%، في حال إذا استمر الاحترار العالمي في حالة تطور. ونُشرت الدراسة في دورية «نيتشر كومينوكيشنز» (Nature Communications) في أغسطس/آب 2021.
ذوبان الجليد
ولأن الاحتباس الحراري يتسبب في إذابة الأنهار الجليدية، والتي تُغطي جوانب البراكين، ومع ذوبانها، قد تتأثر هياكل البراكين، ما يقلل استقرارها؛ فقد وجدت أن المناخ البارد يُبطئ انفجارات البراكين، بينما المناخ الحار، يتسبب في ذوبان الغطاء الجليدي؛ فيتأثر هيكل البركان، ما يُحفز انفجار البراكين.
ربما يبدو انفجار البراكين أمرًا مرعبًا، لكنه أداة فعّالة وقوية في تبريد الكوكب بعدما يثور، وتبقى العلاقة بين المناخ وانفجار البراكين متبادلة؛ فمرة يؤثر التغير المناخي على البراكين، ومرة تؤثر البراكين على التغير المناخي.