الفيروس القاتل يجتاح أوروبا بسبب تغير المناخ
ربطت دراسة جديدة بين تغير المناخ وانتشار فيروس غرب النيل في أوروبا، مما يهدد 240 مليون شخص بخطر الإصابة به في ظل ارتفاع درجات الحرارة.
أظهر فريق من الباحثين من مختبر علم الأوبئة المكانية وفريق المناخ التابعين لجامعة بروكسل الحرة، مساهمة تغير المناخ في التوسع الجغرافي لفيروس غرب النيل في أوروبا.
تثبت الدراسة المنشورة في Nature Communications الارتباط بين تغير المناخ والفيروس بشكل رسمي لأول مرة، في حين لم تحسم الدراسات السابقة هذا الأمر، رغم أنها وضعته في نطاق الاحتمال.
- مصايد الأسماك المصرية في مواجهة مزدوجة مع المناخ.. ما دور قناة السويس؟
- تغير المناخ يهدد بآثار كارثية على التنوع البيولوجي
ما هو فيروس غرب النيل؟
ينتمي فيروس غرب النيل إلى فصيلة الفيروسات المصفرة، وهو حيواني المنشأ، ويزيد انتشاره في فصلي الصيف والخريف عندما يتكاثر البعوض.
يوجد هذا الفيروس، عادة، في أفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا الشمالية وغرب آسيا، وبدأ في الظهور حديثًا داخل أوروبا.
وفق منظمة الصحة العالمية، يدور الفيروس في الطبيعة من خلال الانتقال بين الطيور والبعوض، ويمكن أن يطال البشر والخيول وغيرها من الثدييات.
ينتقل فيروس غرب النيل عن طريق الطيور والبعوض فقط، حيث لا تستطيع الثدييات، تحديدًا البشر والخيول، إعادة نقل الفيروس إلى البعوض.
يكتسب البعوض العدوى عندما يتغذى من الطيور التي تحمل الفيروس في دمها طيلة بضعة أيام.
تحدث العدوى البشرية والحيوانية، في أغلب الأحيان، نتيجة لدغات البعوض الحامل للفيروس، حيث يمكنه التكاثر وربّما إحداث المرض.
قد ينتقل أيضاً من خلال مخالطة حيوانات أخرى حاملة له أو مخالطة دمها أو أنسجتها.
يمكن أن يتسبّب الفيروس في إصابة البشر بمرض عصبي وخيم، وأحيانًا في وفاتهم.
على الرغم من أن العدوى لدى البشر غالبًا ما تكون بدون أعراض، إلا أن حوالي 25% من الضحايا تظهر عليهم أعراض مثل الحمى والصداع، وأقل من 1% يصابون بمضاعفات عصبية خطيرة يمكن أن تكون قاتلة.
ما علاقته بتغير المناخ؟
وجدت بعض الدراسات أن تغير المناخ يساهم في انتشار فيروس غرب النيل على نطاق أوسع، ذلك أنّ درجات الحرارة الأكثر دفئًا وتساقط المزيد من الأمطار، تسهل عملية تكاثر البعوض، الحشرة المسؤولة عن نقل المرض إلى الإنسان بشكل رئيس.
يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى زيادة في أعداد الحشرات الناقلة للفيروس، وفي عدد مرات عمليات مص الدم لدى البعوض.
كما يؤدي إلى تقليل فترة حضانة الفيروس اللازمة ليصبح البعوض ناقلاً للمرض، وزيادة سرعة تطور الفيروس داخل البعوض، وزيادة كفاءة انتقال الفيروس من البعوض إلى الطيور.
يتمكن الفيروس من التكاثر في نطاق واسع من درجات الحرارة، من 14- 45 درجة حرارة مئوية، ويكون التكاثر أسرع مع درجات الحرارة الأعلى.
على جانب أخر، يؤدي زيادة معدلات هطول الأمطار والثلوج عن مستواها بشكل عام إلى زيادة أعداد البعوض الحامل للفيروس، وزيادة خطر إصابة البشر بالمرض في الأشهر التي تلي هذه الزيادة.
كما يتسبب نقصان معدلات الهطول في زيادة انتشار الفيروس، لأن شح الأمطار يؤدي إلى جفاف الأراضي الرطبة، التي تقلل من التفاعلات الطبيعية الغذائية، وهي عملية تحد من أعداد البعوض عبر تعرضها للالتهام من قبل الحيوانات الأخرى التي تعيش في هذه الأراضي.
يؤدي الجفاف أيضًا إلى زيادة حدوث الاتصال بين البعوض والطيور التي تتجمع على مناطق تواجد الماء المتوفرة، مما يزيد من انتشار وتكاثر الفيروس.
يهدد أوروبا
تؤكد الدراسة الجديدة أن تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة هي أسباب محتملة لظهور الفيروس في أوروبا وزيادة انتشاره.
تقول ديانا إيرازو، المؤلفة الرئيسية للدراسة وباحثة ما بعد الدكتوراه في مختبر علم الأوبئة المكانية: "تشير نتائجنا إلى الدور الرئيس لتغير المناخ في ظهور فيروس غرب النيل في جنوب شرق أوروبا".
تضيف: "تظهر نتائجنا أيضًا زيادة حديثة ومثيرة في عدد الأشخاص المعرضين لخطر التعرض للفيروس، ويرجع ذلك جزئيًا إلى زيادة الكثافة السكانية، لكن تغير المناخ يظل عاملاً حاسمًا يؤثر على خطر التعرض والانتشار".
يقول البروفيسور ويم تيري، عالم المناخ في جامعة VUB والمؤلف المشارك للدراسة: "هذا وجه أخر لتغير المناخ، فتصاعد الظواهر المناخية المتطرفة ليس الوجه الوحيد، وأصبح الأن ظهور الأمراض الاستوائية في أوروبا هو أحد العواقب المنطقية العديدة لإدماننا على النفط والفحم والغاز".
درب الباحثون نموذج "بيئي متخصص" يحدد العلاقات الرياضية بين الظروف البيئية المحلية وخطر الانتشار المحلي للفيروس.
يقول سيمون ديليكور، منسق الدراسة ورئيس مختبر علم الأوبئة المكانية: "يوضح عملنا كيف يمكن استخدام البيانات المناخية بشكل فعال في السياق الوبائي".
أضاف: "يشكل تغير المناخ تحديًا متزايدًا للصحة العامة. ومن أجل اعتماد استراتيجيات المراقبة والتدخل الصحيحة، نحتاج إلى مواصلة التحقيق في تطور انتشار الأمراض المعدية في ظل سيناريوهات مختلفة لتغير المناخ في المستقبل".
وتابع: " نحتاج أيضًا إلى تحليل تقدمه، لأنه مشكلة صحية عامة جديدة سيتعين علينا التعايش معها في أوروبا، في حين أن هذا المرض لم يكن موجودًا في بلدنا قبل بضع سنوات فقط".
aXA6IDMuMTMzLjExNy4xMDcg جزيرة ام اند امز