تهمة «تلويث المناخ» تطارد نجوم الدوري الإنجليزي.. ماذا عن مو صلاح؟
كثُر الحديث عن الدوري الإنجليزي وانبعاثاته الكربونية، مع تعرض الأندية لهجوم شديد بسبب السفر جواً، وهو ما طال محمد صلاح نجم ليفربول.
مع قاعدة مشجعين تبلغ 3,5 مليار نسمة، أي ما يقرب من نصف سكان العالم، تُعَد كرة القدم الرياضة الأكثر شعبيةً في العالم، والأضخم في بصمتها الكربونية أيضًا.
وتؤثر اللعبة الشعبية بشكل كبير على مناخ الكوكب، مع الانبعاثات الناتجة عن استخدام الطاقة في الملاعب، وسفر الفرق والمشجعين، والبث، وسوق الأدوات والسلع المستخدمة في اللعبة، والذي تبلغ قيمته مليارات الدولارات.
تشير التقديرات إلى أن كرة القدم تساهم بحوالي 0.3% -0.4% من إجمالي الانبعاثات العالمية، ويعتبر السفر داخليًا وخارجيًا، سواء من قبل الفرق أو المشجعين، هو المساهم الأكبر في هذه الانبعاثات ويمثل حوالي 60% منها.
وعند الحديث عن مسابقات كرة القدم، يُعد الدوري الإنجليزي الممتاز أشهر وأهم وأغلى مسابقة كروية عالميًا، بجانب أنه الأكثر انبعاثات كربونية أيضًا.
- العالم يدخل عصر الغذاء الأخضر.. ابتكار يجمع بين الأرز واللحوم
- صفر صافي بحلول 2050.. ماذا يحمل صندوق «طاقة المستقبل» لسنغافورة؟
المتهمون بتلويث المناخ
يتكون الدوري الإنجليزي من 20 فريقاً، و380 مباراة في الموسم الواحد، وينطلق في شهر أغسطس/آب من كل عام، وينتهي في مايو/أيار.
يُدر الدوري الإنجليزي دخلًا يصل إلى 6 مليارات و400 مليون دولار سنويًا، من بيع التذاكر ومنتجات الفرق والبث الفضائي وغيرها، وهو ما يتجاوز إيرادات قناة السويس المصرية.
كما يساهم في الناتج المحلى الإجمالي لبريطانيا بـ9 مليارات و700 مليون دولار، ويوفر 100 ألف وظيفة ثابتة، غير الوظائف الموسمية.
وفقًا لبحث أجرته SPORT + MARKT في عام 2020، فإن الدوري الإنجليزي الممتاز يتابعه جمهور تلفزيوني سنوي يبلغ 4.7 مليار شخص حول العالم.
لا تتوقف الأرقام القياسية للدوري الإنجليزي عند هذا الحد، بل امتدت لتشمل انبعاثاته الكربونية الملوثة للمناخ أيضًا، والتي بلغت حوالي 1.8 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون خلال موسم 2016-2017 فقط، وفق دراسة صادرة في 2019.
ما يعادل 61% من هذه الانبعاثات، أي حوالي 1.1 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، ناجمة عن السفر فقط، مما يعني أنه المساهم الأكبر في انبعاثات الدوري الإنجليزي بلا منازع.
وكشفت دراسة أخرى صادرة في 2022 عن أكثر فرق الدوري الإنجليزي سفرًا لمسافات بعيدة، وتنتج أكبر قدر من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون أثناء رحلاتها الجوية.
حللت الدراسة أكثر من 2000 مباراة لعبها 20 ناديًا لكرة القدم في الدوري الإنجليزي الممتاز خلال موسم 2020 /21.
تصدر مانشستر يونايتد التصنيف باعتباره قطع أكبر مسافة أثناء رحلاته الجوية منذ 2016، وذلك بسبب مشاركته في المسابقات الأوروبية كل عام على مدار السنوات الخمس الماضية.
بين عامي 2016 و2021، سافر مانشستر يونايتد إجمالي 94,460 ميلًا مما أدى إلى إنتاج 442.5 طنًا من ثاني أكسيد الكربون.
كما سافر الفريق أيضًا في أطول رحلة على الإطلاق، مقارنة برحلات الأندية الأخرى في نفس الفترة، قطعوا خلالها مسافة 9696 كيلومترًا إلى كازاخستان لحضور مباراة في الدوري الأوروبي، مما أدى إلى انبعاث تقدر بـ33.8 طنًا من ثاني أكسيد الكربون.
جاء أرسنال في المركز الثاني بمسافة إجمالية بلغت 87.421 ميلاً في السنوات الخمس محل الدراسة، وشارك الفريق أيضًا في أكثر من مسابقة أوروبية خلال هذه الفترة، بإجمالي 30 مباراة في الدوري الأوروبي بين عامي 2016 و2017.
بعد ذلك يأتي ليفربول وتوتنهام ومانشستر سيتي، على التوالي، بانبعاث ما بين 331 طن و273 طن من ثاني أكسيد الكربون في السنوات الخمس الماضية.
تأتي غالبية ثاني أكسيد الكربون التي تنتجها هذه الفرق من الطيران من وإلى المسابقات الأوروبية، مع نسبة صغيرة فقط من التنقلات البرية من وإلى المباريات.
سافر نيوكاسل إلى أبعد مسافة برًا، قطع خلالها 50797 ميلاً، وذلك لأنه الفريق الأبعد شمالًا من بين الفرق العشرين، وبالتالي يتعين عليهم عادةً السفر لمسافة أبعد للمباريات الخارجية.
على جانب آخر، كانت تكاليف الكربون الناجمة عن المباريات الودية التي لعبتها أندية الدوري الإنجليزي خارج البلاد باهظة أيضًا، رغم أهميتها الأقل.
تكشف بيانات الفترة التحضيرية للموسم 2022/23، عن أن 19 من أصل 20 ناديًا في الدوري الإنجليزي الممتاز، لعبوا 51 مباراة ودية خارج البلاد قبل بداية الموسم.
قطعت هذه الرحلات 282.589 ميلاً جوياً، وأنتجت 19,847 طنًا من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، أي ما يعادل استهلاك 2400 منزل من الطاقة لمدة عام كامل.
مو صلاح
تنتج الرحلات الجوية الغازات التي تسهم في الاحتباس الحراري، وبشكل أساسي ثاني أكسيد الكربون، من حرق الوقود.
من المعروف أن الانبعاثات الناتجة عن مسافة كل كيلومتر جواً، أسوأ بكثير من أي شكل آخر من أشكال النقل.
كما أن الطائرات الخاصة تنتج عموماً انبعاثات أكثر بكثير لكل راكب مقارنةً بالرحلات الجوية التجارية.
من هنا تظهر أزمة أخرى مرتبطة بانبعاثات كرة القدم، وهي البصمة الكربونية لمشاهير اللاعبين، سواء مع أنديتهم ومنتخباتهم أو خلال تنقلاتهم الشخصية، التي غالبًا ما تكون على متن طائرات خاصة.
نشرت مؤسسة football predictions الإنجليزية، تحليلًا حول أكثر اللاعبين المساهمين في الانبعاثات بالعالم، ضمت 20 لاعبًا في 5 دوريات أوروبية.
يجمع التحليل إجمالي الانبعاثات الصادرة عن رحلات السفر لكل لاعب مع ناديه خلال عام 2019، على درجة رجال الأعمال، بالإضافة إلى الرحلات التي خاضوها للمشاركة في المباريات القارية والدولية، والرحلات الشخصية أيضًا.
ضمت القائمة، وقتها، 10 لاعبين من أندية الدوري الإنجليزي، 4 منهم من ليفربول، و3 من مانشستر سيتي، وإثنين من توتنهام، ولاعب واحد في أرسنال.
كما شملت القائمة 3 لاعبين في باريس سان جيرمان الفرنسي، و3 في أندية برشلونة وريال مدريد وأتلتيكو مدريد الإسبانية، و3 في أندية اليوفنتوس ونابولي الإيطالية، ولاعب واحد في بايرن ميونيخ الألماني.
وتصدر القائمة البرازيلي ماركينيوس لاعب باريس سان جيرمان، وتلاه فيرمينو لاعب ليفربول السابق، وأهلي جدة السعودي الحالي.
حل محمد صلاح ثامناً ضمن القائمة، التي شملت أيضًا ميسي في المركز التاسع، وكريستيانو رونالدو في المركز العشرين.
وفق القائمة، تسببت رحلات صلاح الشخصية والكروية خلال عام واحد في انبعاث قدره 22.7 طناً من ثاني أوكسيد الكربون بإجمالي مسافة قدرها 47257 كيلومتراً.
خطوات نحو الاستدامة
وقع الدوري الإنجليزي الممتاز على إطار الأمم المتحدة للرياضة من أجل العمل المناخي في 2021، والتزم بتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2040.
يعرف إطار الأمم المتحدة للرياضة من أجل العمل المناخي بأنه تعهد عالمي من الهيئات الرياضية لمساعدة البيئة وتحقيق الأهداف المناخية، عبر مواءمة القطاع الرياضي مع أهداف اتفاق باريس، وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2040.
أعلن الدوري الإنجليزي في فبراير/شباط الجاري أنه: "يضع اللمسات النهائية على استراتيجية الاستدامة البيئية التي ستضع خططًا لتنفيذ الإجراءات المناخية الخاصة به".
بالتوازي، اتخذت بعض الأندية في الدوري الإنجليزي الممتاز خطوات فعلية نحو الاستدامة، وفق الأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.
على رأس هذه الأندية، أرسنال، الذي يقع مقره في لندن، ويعد بمثابة رائد بيئي في الدوري الإنجليزي الممتاز، بعد أن تحول إلى استخدام الكهرباء الخضراء بنسبة 100٪ في عام 2016.
كان أرسنال أيضًا أول نادي في الدوري الإنجليزي الممتاز يشترك في إطار الأمم المتحدة للرياضة من أجل العمل المناخي.
كما وقع توتنهام على إطار الأمم المتحدة للرياضة من أجل العمل المناخي في 2021، وهو أحد الأعضاء المؤسسين لمبادرة 10:10، التي تدعو الأفراد والمنظمات إلى خفض انبعاثاتهم بنسبة 10 في المائة في السنة.
يحتل ليفربول أيضًا مركزًا مهمًا في قائمة استدامة الأندية، فبجانب كونه أحد الموقعين على إطار الأمم المتحدة للرياضة من أجل العمل المناخي، أطلق النادي أيضًا مبادرة الطريق الأحمر في 2021، لجمع كل أنشطته المتعلقة بالاستدامة.
تأتي الطاقة المستخدمة في النادي من مصادر متجددة، وجميع عبوات الطعام الخاصة به قابلة للتحلل بنسبة 100%، بينما تُجمع مياه الأمطار ويعاد استخدامها لري ملاعب التدريب.
في 2023، احتل كل من توتنهام وليفربول المراكز الأولى في دوري الاستدامة البيئية الرياضية الإيجابية، هو عبارة عن مسابقة مستقلة لتقييم جميع أندية الدرجة الأولى بناءً على ممارساتها البيئية.
يسافر لاعبو توتنهام لحضور المباريات على متن عربات تعمل بالوقود الحيوي، مما يقلل بشكل كبير من انبعاثات سفرهم.
في الوقت نفسه، تعهد ليفربول بإزالة الكربون من وقود سفره، من خلال استخدام وقود الطيران المستدام، ومن المتوقع أن يخفض الانبعاثات بنسبة 80٪.
aXA6IDE4LjIyNC41OS4xMDcg جزيرة ام اند امز