"شباب من أجل المناخ".. مبادرات لحماية الكوكب
رفع أصوات الشباب وتقديم حلول مبتكرة لأزمات المناخ
رغم التقديرات التي تشير إلى أن عام 2023 ربما يكون السنة الأكثر حرارة، يرى البعض أنها قد تكون السنة الأكثر برودة للأجيال الجديدة.
تؤدي التغيرات المناخية المتفاقمة إلى زيادة حالة عدم اليقين بشأن مستقبل كوكب الأرض الذي نعيش عليه، ومع تزايد حدة هذه التغيرات، والتداعيات الناجمة عنها، في كل سنة بعد الأخرى، يبقى الأمر المؤكد أننا سنترك الأرض للأطفال والشباب الذين يعيشون في عالمنا اليوم، أو في الأجيال المقبلة، ليتحملوا العبء الأكبر، رغم أنهم الفئة الأقل مسؤولية عن تغير المناخ.
ويختلف تعريف "الشباب" من دولة إلى أخرى، إلا أن الأمم المتحدة ترى أن هذا المصطلح يشير إلى الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً، ووفقاً لتقديرات المنظمة الأممية، يبلغ عدد الشباب في العالم حالياً، نحو 1.21 مليار نسمة، يمثلون أكبر جيل من هذه الفئة العمرية عبر التاريخ.
وبينما يجد كثير من الشباب أنفسهم في الطرف المتلقي للعواقب الوخيمة الناجمة عن تغير المناخ، بما في ذلك تدهور الأمن الغذائي، وندرة المياه، والكوارث الطبيعية، التي تتزايد بوتيرة متسارعة، إلا أن هؤلاء الشباب، الذين يشكلون غالبية السكان في العديد من البلدان، يمكنهم أن يكونوا قوة دافعة لإنقاذ كوكب الأرض من التداعيات الناجمة عن التغيرات المناخية.
فمن منطلق رسالة تبدو واضحة للجميع، مفادها أن الجيل الأكبر قد فشل في حماية الأرض، وأن الشباب هم الذين سيدفعون الثمن بالكامل، عبر التضحية بمستقبلهم، يمكن للشباب أن يكون قوة هائلة للضغط على صانعي السياسات، بل ومساءلتهم عما يتركونه لهم من إرث يهدد مستقبلهم، كما يمكنهم إحداث التغيير نحو بناء مستقبل منخفض الكربون، وقادر على التكيف مع تغير المناخ.
وعبر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن الدور الذي يمكن أن يقوم به الشباب في حماية مستقبل كوكب الأرض من التداعيات الخطيرة للتغيرات المناخية، بقوله مخاطباً الشباب: "لقد فشل جيلي، إلى حد كبير حتى الآن، في الحفاظ على العدالة في العالم، والحفاظ على الكوكب، إن جيلكم هو الذي يجب أن يجعلنا مسؤولين للتأكد من أننا لا نخون مستقبل البشرية".
رفع أصوات الشباب بشأن أزمة المناخ
وتشير تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" إلى أن حوالي 559 مليون طفل يواجهون موجات متلاحقة من الحرارة المرتفعة في أنحاء العالم، كما يتعرض حوالي 624 مليون طفل لواحد على الأقل من المقاييس الثلاثة الأخرى للحرارة المرتفعة، والتي تتمثل في طول مدة موجات الحر، أو الشدة العالية لموجات الحر، أو درجات الحرارة المرتفعة بشدة.
وتؤكد منظمة "يونيسف" أن الأطفال واليافعين من الشباب ليسوا فقط مجرد ضحايا لتغير المناخ، وإنما هم أيضاً مساهمون مهمون في العمل المناخي، من خلال دورهم كوكلاء للتغيير أو رواد أعمال ومبدعون، فهم يكثفون جهودهم، ويستخدمون مهاراتهم، لتسريع العمل المناخي، كما أنهم قادة المستقبل، ومصير التغيرات المناخية يرتبط بالضرورة بمستقبلهم.
وتقول المديرة التنفيذية للمنظمة، كاثرين راسل: "نحن ملتزمون بمساعدة اليافعين على القيام بعمل لحماية مستقبل كوكب الأرض، ونقوم بذلك من خلال رفع أصوات الشباب بشأن أزمة المناخ، وزيادة مشاركة الشباب في التصدي لتغير المناخ"، فمن خلال التعليم أو التقنيات أو العلوم أو القانون، بدأ الشباب يستفيدون من مهاراتهم لرفع أصواتهم، والمجاهرة بمواقفهم من أجل العمل المناخي.
ونظراً لأن الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل تنص على أنه يحق لجميع الأشخاص دون سن الثامنة عشرة، المشاركة في عمليات صنع القرار التي تؤثر عليهم، فقد عملت "يونيسف" على إطلاق منصة "أصوات الشباب"، التي توفر لهم منبراً عاماً للتعبير عن آرائهم حول القضايا التي تهمهم، وتقديم الدعم اللازم لهم، حتي يبقى صوتهم مسموعاً.
ويشير بيان لـ"يونيسف"، تلقت "العين الإخبارية" نسخة منه، إلى أنه بين فترة وأخرى تتيح المنظمة وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بها، والتي يزيد عدد متابعيها على 20 مليون شخص، للنشطاء من الشباب المعنيين بالعمل المناخي، كما تعمل مع الشباب على نشر رسائلهم المختلفة عبر مبادرات غير تقليدية، مثل مسابقات القصص المصورة لأبطال المناخ الخارقين، وهي الأولى من نوعها.
كما أن أحد أهم الطرق الأخرى، التي تساعد بها منظمة يونيسف اليافعين من الشباب للمشاركة في العمل المناخي، من خلال منحهم فرصة للتواصل مع القادة وصانعي السياسات في مجتمعاتهم المحلية، ضمن الفعاليات المخصصة للشباب، التي يجري تنظيمها من قبل قمة الأمم المتحدة للمناخ.
السنة الأكثر برودة لبقية حياتهم
ووفق تقرير لمنظمة يونيسف، فإن درجات الحرارة المسجلة في نصفي الكرة الأرضية الشمالي والجنوبي، على مدار العام الماضي، قد تجاوزت الأرقام القياسية، وسط مؤشرات على أن عام 2023 قد يكون الأكثر حرارة على الإطلاق منذ بداية تسجيل درجات الحرارة على كوكب الأرض.
ويطلق التقرير، الذي جاء بعنوان "السنة الأكثر برودة لبقية حياتهم: حماية الأطفال من التأثيرات المتصاعدة لموجات الحر"، تحذيراً من التأثيرات واسعة النطاق لموجات الحرارة على الأطفال، كما يقدم التقرير صورة تبدو قاتمة بشأن مستقبل العمل المناخي، بأنه حتى لو حقق العالم مستويات منخفضة من الاحترار العالمي، فإن موجات الحرارة الشديدة باتت أمراً لا يمكن تجنبه على مدار ثلاثة عقود على الأقل.
وفي هذا الإطار، أطلقت يونيسف نداً لحشد تمويل طارئ بقيمة 10.3 مليار دولار، للوصول إلى أكثر من 173 مليون شخص، بمن فيهم 110 ملايين طفل، يواجهون تهديدات متزايدة بالتعرض للظواهر الجوية الشديدة، الناجمة عن تغير المناخ.
وقالت المديرة التنفيذية ليونيسف: "لقد بات عدد من الأطفال المحتاجين للمساعدة الإنسانية حالياً أكبر من أي وقت مضى في التاريخ القريب، وهم يواجهون خليطاً فتاكاً من الأزمات في جميع أنحاء الكوكب، من النزاعات والتهجير، إلى انتشار الأمراض، والمعدلات المتصاعدة لسوء التغذية. وفي هذه الأثناء، يعمل تغير المناخ على مفاقمة هذه الأزمات والتسبب بأزمات جديدة".
قافلة الشباب والمناخ لطرح الحلول المبتكرة
وفي إطار الاستعدادات التي شهدتها مصر لاستضافة مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP27) في شرم الشيخ، أواخر العام الماضي، أطلقت منظمة "يونيسف"، عبر مكتبها في القاهرة، بالتعاون مع وزارتي البيئة والشباب والرياضة ومكتب الأمم المتحدة في مصر، قافلة "الشباب والمناخ"، بهدف رفع وعي الشباب بقضايا تغير المناخ.
حظيت القافلة، التي تُعد الأولى من نوعها، بدعم رسمي وشعبي كبير، حيث جرى إطلاقها بحضور الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، وإلينا بانوفا، المنسق المقيم للأمم المتحدة في مصر، والدكتور علي أبو سنة، الرئيس التنفيذي لجهاز شؤون البيئة، وجريمي هوبكنز، ممثل يونيسف في مصر، والفنان أحمد حلمي، سفير يونيسف الإقليمي للنوايا الحسنة.
وطافت قافلة "الشباب والمناخ"، وهي عبارة عن حافلة صغيرة تعمل بالغاز الطبيعي، على متنها مجموعة من الشباب، بين عدد من المحافظات المصرية، وصولاً إلى مدينة شرم الشيخ، حيث تُعقد قمة المناخ، وذلك لتشجيع الشباب على المشاركة في قضايا تغير المناخ، وطرح الحلول المبتكرة، سواء فيما يتعلق بالتخفيف من حدة التغيرات المناخية، أو التكيف مع تداعياتها.