ماذا نعرف عن الدوامة القطبية وكيفية قياس شدتها؟
لا يوجد سبب يدعو للقلق عندما تسمع عن الدوامة القطبية، ولكن يجب أن تكون مستعدًا لدرجات حرارة أكثر برودة.
ما الدوامة القطبية؟
الدوامة القطبية Polar Vortex هي الاسم الذي يطلق على التيارات القوية للرياح والتي تكونت بفعل الضغط المنخفض الذي يحدث في مناطق القطب الشمالي والمنطقة القطبية الجنوبية. ينشأ الاسم من حقيقة أن هذه الرياح تدور وتشكل دوامة بالقرب من القطبين الشمالي والجنوبي للكوكب. في حين أن المصطلح قد يبدو وكأنه اختراع حديث، إلا أنه تم استخدامه منذ منتصف القرن التاسع عشر.
عندما تظل الدوامة القطبية مستقرة، فإن التيار النفاث (Jet Stream) القطبي يبقيها ملفوفة بإحكام في دائرة مرتبة فوق القطب الشمالي، مما يحافظ على كل تلك الرياح الباردة بالقرب من القطب الجنوبي. ومع ذلك، إذا تعطلت الدوامة، يمكن للتيار النفاث القطبي أن ينخفض نحو خط الاستواء، مما يتسبب في انحراف الرياح الباردة عن القطبين.
تختلف قوة الدوامة القطبية باختلاف الفصول، لكنها تكون أقوى خلال فصل الشتاء في كل نصف من الكرة الأرضية، عندما يكون التباين في درجات الحرارة بين القطب وخط الاستواء أكبر. قد يضعف أو يختفي تمامًا خلال الأشهر الأكثر دفئًا من العام.
- كارثة بيئية "تختمر".. هل تختفي الأنهار الجليدية من الكوكب؟
- العصر الجليدي الدافئ.. ماذا حدث للمناخ قبل 700 ألف سنة؟
كيف تتشكل؟
تتشكل الدوامة القطبية من الضغط المنخفض الذي يحدث في القطب الشمالي ومنطقة القطب الجنوبي. غالبًا ما يتم احتواء الهواء بواسطة نفاثة قوية من الرياح المتحركة من الغرب إلى الشرق والتي تعمل كجدار يحتوي على الهواء البارد.
الدوامة القطبية الستراتوسفيرية (Stratospheric Polar Vortex):
عبارة عن نظام ضغط منخفض واسع النطاق ينشط بشكل خاص في فصل الشتاء البارد، وتقع الرياح الدوارة عالية السرعة على ارتفاع ما بين 16- 48 كيلومترًا. تقوى الدوامة القطبية الستراتوسفيرية وتمتد في الخريف وتتقلص في الربيع، وتغيب في الصيف لأن نشأتها الخريفية ناتجة عن الهواء البارد المتكون في مناطق القطب الشمالي.
الدوامة القطبية التروبوسفيرية (Tropospheric Polar Vortex):
تُعرَّف على أنها المنطقة القطبية للتيار النفاث التروبوسفيري، والتي تمتد من الأرض وحتى ارتفاع حوالي 10- 18 كيلومترًا، وهي موجودة على مدار السنة، على عكس الدوامة القطبية الستراتوسفيرية، لكن يمكن أن تُعرض الأحداث المؤقتة وجودها للخطر، على سبيل المثال، قد يتسبب تجزئها وهبوطها باتجاه خطوط العرض الوسطى في سيادة البرد الشديد في أوروبا أو الولايات المتحدة.
هل كل طقس بارد بسبب دوامة قطبية؟
ليس كل الطقس البارد يأتي من الدوامة القطبية، على الرغم من إمكانية دفع الهواء البارد من الدوامة القطبية جنوبًا، إلا أنه يظل متوقفًا في المناطق القطبية. يتطلب الأمر ظروفًا غير معتادة حتى تضعف الدوامة أو تهاجر إلى أقصى الجنوب. يمكن أن تتسبب ظروف الطقس الأخرى في انتقال الطقس البارد في القطب الشمالي جنوبًا أيضًا.
كيف تؤثر الدوامة القطبية على طبقة الأوزون؟
أدى التركيب الكيميائي للدوامة القطبية الجنوبية إلى استنفاد شديد لطبقة الأوزون؛ حيث يتفاعل حمض النيتريك الموجود في الغيوم الموجود في طبقة الستراتوسفير مع مركبات الكربون لتكوين الكلور الذي يسرع من تدمير طبقة الأوزون.
كيف يمكن أن تسبب الدوامة القطبية درجات حرارة شديدة البرودة في الولايات المتحدة؟
في بعض الأحيان، قد يضعف نظام الضغط المنخفض هذا، المليء بهواء القطب الشمالي، وينتقل جنوباً، حاملاً معه الكثير من الهواء البارد. ونتيجة لذلك، قد تتعرض مناطق في أقصى الجنوب مثل فلوريدا لطقس قطبي. فعندما يكون نظام الضغط المنخفض قويًا، فإنه يحافظ على انتقال التيار النفاث حول الأرض في مسار دائري.
عند الحافة السفلية للدوامة توجد الجبهة القطبية، أو التيار النفاث القطبي. ينتقل التيار النفاث القطبي من الغرب إلى الشرق، ولهذا السبب غالبًا ما تكون الأجزاء الشمالية الشرقية من أمريكا الشمالية الأكثر تضررًا من طقس الدوامة القطبية، فضلًا عن أجزاء من أوروبا وآسيا تُعاني أيضًا من موجات العواصف الباردة المرتبطة بالدوامة القطبية.
هل يمكننا التنبؤ بالدوامة القطبية وقياس شدتها؟
تساعد الأقمار الصناعية الخاصة بالطقس التابعة لهيئة الأرصاد الجوية الوطنية NOAA، مثل الأقمار الصناعية من سلسلة GOES-R ، على التنبؤ بالطقس من خلال مراقبة طقس الأرض وتشكيلات العواصف المحتملة، يمكن لهذه الأقمار الصناعية أن توفر أحدث المعلومات حول طقس الأرض، والتي بدورها تساعد العلماء في عمل تنبؤات حول الطقس المتطرف، مثل الطقس البارد المصاحب للدوامة القطبية.
وفي هذا الصدد، تجدُر الإشارة إلى إمكانية قياس شدة الدوامة القطبية، وذلك من خلال تذبذب القطب الشمالي (Arctic Oscillation) أو كما يرمز له (AO)، والذي يرتبط بشكل وثيق مع تذبذب شمال الأطلسي (North Atlantic Oscillation) أو (NAO)، والذي يعتمد على الاختلافات في الضغط الجوي بين أيسلندا وجزر الأزور.
وفي المحيط الهادئ، يُعرف تذبذب شمال المحيط الهادئ (North Pacific Oscillation) أو (NPO) بتذبذب للضغط الجوي ودرجة حرارة سطح البحر، والذي يعتبر من بين العوامل التي تؤثر على درجة حرارة الشتاء في معظم أنحاء أمريكا الشمالية. هذا، ويرتبط مؤشر NPO المنخفض بالرياح الجنوبية على طول الساحل الغربي لأمريكا الشمالية، والتي تميل إلى جلب هواء أكثر دفئًا إلى المنطقة، ويجلب مؤشر NPO العالي تدفق هواء شمالي، مع الحركة المقابلة في منطقة الهواء البارد شبه القطبي.
تغير المناخ والدوامة القطبية
مع استمرار الانبعاثات العالمية لثاني أكسيد الكربون المحتجز للحرارة، ترتفع درجة حرارة القطب الشمالي بمعدل أسرع أربع مرات قريبًا من أجزاء أخرى من الكوكب، وفقًا لأحدث التحليلات، وتتقلص تغطية الجليد البحري في المنطقة. لذلك عندما تتقلب الدوامة جنوبًا، يظهر سؤالان أساسيان. ما هو الدور -إن وجد- الذي يلعبه تغير المناخ؟ وهل ستزداد درجات التجمد الشديدة مع استمرار الاحترار؟