التعهدات المناخية للشركات الكبرى تحت مجهر COP28
الشركات الكبرى متعددة الجنسيات في العالم، تواجه حالة متزايدة من ضغوط الرأي العام المتسائل عن مسؤوليتها في التعامل مع تغير المناخ.
صحيح لدى معظم الشركات الكبرى الآن استراتيجيات وأهداف عامة بشأن المناخ، وتعهدات بتقليل مساهماتها في ظاهرة الاحتباس الحراري، لكن يظل السؤال حول مدى جديتها وكيفية قياس تنفيذ التعهدات ذات الصلة، محل بحث وتمحيص من عدة جهات متخصصة في مراقبة وتدقيق التعهدات المعلنة خصوصاً مع ضعف الالتزام بسياسات محددة للوصول لأهداف عام 2030، اعتبر معها أحدث تقرير دولي حول "رصد وتتبع المسؤوليات المناخية للشركات الكبري لعام 2023" الصادر عن معهد المناخ الجديد بالتعاون مع مراقبة سوق الكربون، كشف أن التزامات الشركات اعتبرت عام 2030 نقطة عمياء بالتالي برز ضعف التزام الشركات الكبرى محل الرصد بخفض انبعاثاتها الكربونية على مستوى سلاسل الإمداد، لا مجرد انبعاثاتها الكربونية المباشرة فقط.
بحسب التقرير، التسارع في تعهدات الشركات المناخية، جنباً إلى جنب مع تجزئة الأساليب، يعني أصبح من الصعب أكثر من أي وقت مضى التمييز بين القيادة المناخية الحقيقية والغسيل الأخضر مع التعهدات غير مدعمة بالأدلة.
خصوصا مع الافتقار العام للرقابة التنظيمية على المستويات الدولية والوطنية والقطاعية. يضيف التقرير، إن تحديد وتعزيز القيادة الحقيقية للمناخ، وفصلها عن الغسيل الأخضر، يشكل تحديا رئيسيا، اذا كان الهدف إطلاق العنان لطموح أكبر للتخفيف من تغير المناخ العالمي.
مرصد المسؤولية المناخية للشركات
قام مرصد المسؤولية المناخية للشركات لعام 2023 بتقييم استراتيجيات المناخ لـ 24 شركة عالمية كبرى، وحلل بشكل نقدي مدى إظهارها للقيادة المناخية. قيم المرصد سلامة التعهدات المناخية مقابل معايير الممارسات الجيدة لتحديد أمثلة للتكرار، وتسليط الضوء على المجالات التي تحتاج إلى تحسين
التقرير الحالي الثاني لمسؤولية الشركات المناخية، حيث كشف تحليل عام 2022 عن عدد من المشكلات المتعلقة باستراتيجيات الشركات المناخية.
الشفافية والنزاهة
يتم تتبع أنشطة الشركات حول الشفافية والنزاهة من خلال أربعة مجالات رئيسية للعمل المناخي للشركات تشمل تتبع الانبعاثات والكشف عن مصادرها وتحديد أهداف خفض الانبعاثات وتقليل الانبعاثات الخاصة بها مع تحديد المساهمات المناخية ومطالبات التعويض.
الشركات الـ 24 التي تم تقييمها في التقرير شركات كبرى متعددة الجنسيات. تتألف من أكبر ثلاث شركات عالمية مع تعهدات مناخية جريئة من ثمانية قطاعات صناعية تتعامل مع المستهلكين، إيراداتهم المجمعة بلغت 3.16 تريليون دولار أمريكي في عام 2021، ما يقرب من 10٪ من إجمالي الإيرادات لأكبر 500 شركة في العالم.
إجمالي بصمة انبعاثات الغازات الدفيئة التي تم الإبلاغ عنها ذاتيًا في عام 2019، تصل إلى حوالي 2.2 جيجا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون. ما يعادل حوالي 4% من انبعاثات الغازات الدفيئة العالمية في عام 2019.
- نشر الطاقة المتجددة في أفريقيا.. مبادرة تدشنها قمة "نيروبي" للمناخ
- قمة نيروبي.. تمويل المناخ والانتقال العادل للطاقة "التزام عالمي"
قادة غامضون في مجال المناخ
استراتيجيات المناخ التي تتبناها أغلب الشركات غارقة في التزامات غامضة، مما يعرض خططهم ‘لي الافتقار إلى المصداقية وقلة الممارسات الجيدة القابلة للتكرار. قدمت الشركات التي تم تحليلها في تقرير مراقبة مسؤولية المناخ للشركات لعام 2023 نفسها كقادة في مجال المناخ.
التزمت الشركات بإعداد وتنفيذ خطط إزالة الكربون التي تتماشى مع هدف الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية. تقدم الشركات نفسها كنماذج يحتذى بها للشركات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة الأخرى حول العالم.
بحسب مرصد التعهدات المناخية ينبغي أن يوفر تحليل الشركات الكبرى أفضل الفرص لتحديد الممارسات الجيدة القابلة للتكرار. من الضروري أيضًا التدقيق في خططهم لتحديد ما إذا كانوا قادة مؤثرين حقًا ويضربون الأمثلة الصحيحة أم لا.
بحسب المرصد نجد أن استراتيجيات المناخ الخاصة بـ 15 شركة من أصل 24 شركة ذات نزاهة منخفضة أو منخفضة جدًا. ومعظم استراتيجيات الشركات لا تمثل أمثلة على الممارسات الجيدة للقيادة المناخية، والتزامات الشركات المتعلقة بتغير المناخ لا تتطابق مع ما توحي به تعهداتها.
التزاماتها المجمعة بخفض الانبعاثات غير كافية على الإطلاق للتوافق مع مسارات إزالة الكربون المتوافقة مع 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2050، تظل الأهداف وخطط التعويض المحتملة غامضة، واستبعاد نطاقات الانبعاثات على مستوى سلاسل الامداد يقوض بشدة أهداف العديد من الشركات محل الرصد.
رغم ذلك وجد التقرير أن إفصاحات معظم الشركات تتمتع على الأقل بمستوى معتدل من الشفافية وهناك أمثلة لشركات لديها التزامات موثوقة بإزالة الكربون، وشركات تتخذ إجراءات استباقية ومبتكرة للحد من انبعاثات غازات الدفيئة.
النقطة العمياء عام 2030
تعهدات الشركات بشأن المناخ لعام 2030 لا ترقى لمستوى الطموح المطلوب، ولم يتم التحقق منها بشكل مناسب ولا يمكن أن تؤخذ أهداف الشركات لعام 2030 على محمل الجد. تعهدت جميع الشركات الأربع والعشرين التي قام مرصد التعهدات المناخية بتقييمها بأهداف عام 2030، خفض الانبعاثات بأكثر من النصف وجد أن الأهداف نادرا ما تؤخذ على محمل الجد، بالنسبة للعديد من الشركات، لا تتناول أهداف عام 2030 سوى نطاق محدود من مصادر الانبعاثات، مثل الانبعاثات المباشرة فقط أو الانبعاثات من الطاقة المشتراة أما الانبعاثات غير المباشرة الأخرى التي تمثل أكثر من 90% من حجم انبعاثات الغازات الدفيئة لمعظم الشركات يتم تجاهلها.
تعهدات المناخ للشركات الكبرى
لا ترقى إلى مستوى تخفيضات الانبعاثات على مستوى الاقتصاد ككل المطلوبة للبقاء تحت عتبة درجة الحرارة عند 1.5 درجة مئوية. بالنسبة للشركات الـ 22 التي لديها أهداف لعام 2030، وجد التقرير أن الأهداف تترجم إلى التزام متوسط بخفض الانبعاثات بنسبة 15% فقط من إجمالي انبعاثات سلسلة القيمة بين عامي 2019 و2030. ترتفع إلى 21% في ظل السيناريو الأكثر تفاؤلاً بأن الانبعاثات الكربونية يمكن خفضها بنسبة تتراوح من 43% إلى 48% بين عامي 2019 و2030 على التوالي، لتتماشى مع هدف الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية حسب الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، 2022.
قمة المناخ Cop28
ستمثل قمة المناخ الدولية في دولة الإمارات في نوفمبر المقبل فرصة لمواجهة الشركات الكبرى متعددة الجنسيات بتعهداتها المناخية، وفحص وتدقيق لما تم تنفيذه من التعهدات المعلنة، وتحديد مدى جديتها في تنفيذ التعهدات الغير متحققة على أرض الواقع، بحسب المراقبين، دون الحاجة لمبادرات جديدة من الشركات الكبرى تتعلق بالتزاماتها المناخية، إذ يكفي أن تخرج بتقارير محددة تعتمد مبادئ الشفافية والافصاح حول ما تحقق من تعهداتها المعلن عنها بالفعل وما لم يتحقق بعد ومتى يتحقق؟
aXA6IDE4LjExOS4xNDEuMTE1IA== جزيرة ام اند امز