إغلاق الحكومة الأمريكية.. التفاصيل الكاملة لأزمة ترامب والكونجرس
مئات الآلاف من موظفي وزارات منها الخارجية ووكالات أبرزها "ناسا" سيقضون أعياد الميلاد في منازلهم بدون أجر بسبب خلاف حول 5 مليارات دولار.
تخيم على أعياد الميلاد في الولايات المتحدة هذا العام ظلال أزمة الميزانية الأمريكية وفشل الرئيس دونالد ترامب في الاتفاق مع الكونجرس على تمريرها، وهو ما تسبب في عطلة إجبارية لمئات الآلاف من الموظفين بدون أجر لحين التوصل لحل بين السياسيين.
ويعد تعطيل عمل مؤسسات فيدرالية 3 مرات في العام ذاته هو الأول من نوعه منذ 40 عاما، حيث أغلقت الحكومة الأمريكية العام الجاري للمرة الثالثة، بعد إغلاقين الأول في يناير/كانون الثاني، والثاني في فبراير/شباط، وأخيرا الإغلاق الحالي الذي بدأ في الـ22 من الشهر الجاري.
الإغلاق الذي يشمل توقف كل الخدمات الحكومية المصنفة على أنها "غير ضرورية" حسب قانون الحماية من العجز المالي، من المتوقع أن يستمر خلال عطلة عيد الميلاد بعد فشل التوصل لاتفاق بين الكونجرس والرئيس الأمريكي الذي يصر على توفير تمويل لبناء جدار على الحدود مع المكسيك يتكلف نحو 5 مليارات دولار.
الجدار الحدودي يراه ترامب ضروريا لمنع "انتشار الجرائم والأمراض على نطاق واسع" وهي أمور يحملها للمهاجرون غير شرعيين.
وحارب ترامب كثيرا من أجل مشروع الجدار وكان أساسيا خلال حملته الرئاسية، ولكنه يصطدم برفض الديموقراطيين الذين يعارضون بشدة هذه الخطة.
ويعد هذا التعطيل هو الأول في تاريخ الولايات المتحدة الذي يحدث أثناء سيطرة نفس الحزب على مجلس النواب والبيت الأبيض.
وكانت نتيجة التصويت يوم الجمعة الماضية بين 50 و49 صوتا، وهو أقل بكثير من العدد المطلوب وهو 60 صوتا للموافقة على مشروع الموازنة من إجمالي عدد الأعضاء البالغ 100 عضو.
ويبلغ عدد الجمهوريين في مجلس الشيوخ 51 عضوا، ولهذا السبب فهم يحتاجون إلى دعم 9 أعضاء من الحزب الديمقراطي لتمرير الميزانية.
مفاوضات جارية
تباعد وجهات النظر بين إدارة ترامب والديمقراطيين في الكونجرس وشدة الخلاف بينهما حول تمويل الجدار الحدودي الذي يصر ترامب على إنجازه، ربما يجعل الفشل هو عنوان المفاوضات المقبلة بين الجانبين قبيل عطلة أعياد الميلاد.
وقال ميتش ماكونيل زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ إن "المجلس سيعقد جلسة شكلية يوم الإثنين، وستكون الجلسة التالية يوم الخميس 27 ديسمبر/كانون الأول".
وأضاف "أنا مسرور لأنّ هناك مفاوضات متواصلة.. عندما تفضي هذه المفاوضات إلى حل مقبول من جميع الأطراف - أي 60 صوتا في مجلس الشيوخ - عندها سنعرضه على التصويت".
وألغى ترامب عطلة كانت مقررة في فلوريدا، بهدف متابعة المفاوضات في واشنطن بعد توقف عمل وكالات حكومية رئيسية فجر السبت.
وكتب عبر تويتر: "أنا في البيت الأبيض أعمل بجهد"، مضيفاً "نحن نتفاوض مع الديموقراطيين حول الحاجة الماسة إلى الأمن عند الحدود، لكن يبدو أنها ستكون مفاوضات طويلة".
وفي المقابل انتهى اجتماع السبت بين نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس وزعيمة الأقلية الديمقراطية تشارلز شومر، بعد 30 دقيقة، دون التوصل إلى قرار.
وصرح بنس للصحفيين بأن المحادثات لا تزال جارية، بينما قال متحدث ديمقراطي إن نائب الرئيس جاء للمناقشة وتقديم عرض، لكن للأسف لا نزال بعيدين للغاية.
مئات الآلاف في المنازل بدون أجر
نحو ثلاثة أرباع الإدارات الحكومية بما في ذلك الجيش ووزارة الصحة والخدمات الإنسانية لا تزال تملك تمويلا كاملا حتى نهاية سبتمبر/ أيلول 2019، لكن الربع الباقي أصبح مع التوقف الحالي للحكومة السبت بلا تمويل.
مئات الآلاف من الموظفين في وزارات التجارة والتعليم والطاقة والصحة والخدمات الإنسانية والإسكان والخارجية والمالية والنقل وحماية البيئة والداخلية، بما في ذلك كل وحدات جهاز الحدائق الوطنية، وكذلك إدارة الغذاء والدواء ومعاهد الصحة الوطنية وغيرها من الهيئات والمؤسسات التي لا تملك أي برامج حماية من العجز المالي أغلقت.
وعلى غرار ما حدث في عام 2013 ستمنح وزارة التجارة نحو 40 ألف موظف من أصل 46 ألفا إجازة بدون مرتب، فيما ستمنح وزارة الطاقة نحو 10 آلاف موظف من أصل 13 ألفا إجازة بدون أجر، وسيستمر الباقي في العمل حتى يتم استنفاد الموارد المالية للوزارة.
وفيما يتم في هذه الحالات إغلاق كل وحدات جهاز الحدائق الوطنية، سيتم الإبقاء على عدد محدود من حراس الغابات ورجال الإطفاء، كما لن تعقد إدارة سلامة الطرق السريعة الوطنية أي حملات استدعاء لسيارات معطوبة، وسيتمكن المستهلكون من تقديم شكاوى بخصوص سلامة السيارات ولكن لن يتم العمل عليها من قبل الإدارة.
المؤسسات العلمية، وعلى رأسها وكالة "ناسا" لعلوم الفضاء هي الأخرى من أبرز القطاعات التي تتوقف عن العمل بشكل كبير، وقد أعطت "ناسا" خلال أزمة 2013 إجازة بدون أجر لنحو 97% من موظفيها، مما ترك لها أقل من 600 موظف يعمل من أصل 18000، وقد تم تقليل التعامل مع المركبات الفضائية غير المأهولة إلى أقل المستويات الممكنة، ولكنها استمرت في دعم رواد الفضاء الموجودين على محطة الفضاء الدولية.
جدار مكلف وغير فعال
ويصرّ ترامب على تخصيص 5 مليارات دولار لبناء جدار عند الحدود مع المكسيك بهدف منع الهجرة غير الشرعية، وهو ما يرفضه الديموقراطيون الذين يعارضون بشدة هذا المطلب.
وانتقد زعيم الديموقراطيين تشاك شومر ترامب وحمّله مسؤولية التسبّب بالإغلاق وخاطبه قائلا "أيّها الرئيس ترامب، إذا أردت أن تفتح الحكومة عليك أن تتخلّى عن الجدار، هكذا بوضوح وبساطة".
وأضاف أنّ "إغلاق ترامب" ليس حول أمن الحدود، بل بسبب مطالبة الرئيس ترامب بمليارات الدولارات من أجل جدار مكلف وغير فعال وغالبية الأميركيين لا يدعمونه".
وفي المقابل حمل ترامب الديمقراطيين المسؤولية عن الأزمة، قائلا: "الأمر متروك للديموقراطيين في ما إذا كنا سنغلق هذه الليلة أم لا".
ولكنه بعث بعض الأمل، بقوله إن الإغلاق "لن يستمر طويلا"، بعد تصريحه في وقت سابق أنه جاهز لمثل هذا السيناريو.
ومع أن حزبه الجمهوري لا يزال يسيطر على الكونجرس بمجلسيه، إلا أن الوضع سيتغير بعد بضعة أيام في مطلع يناير/كانون الثاني عندما يتحوّل مجلس النواب إلى سيطرة الديموقراطيين.
استياء عام
رغم إعلان إدارة ترامب عزمها التخفيف من آثار التعطيل، وأنها ستبقي مرافق إدارة المتنزهات الوطنية مفتوحة بشكلٍ عام، كما ستظل المعالم الوطنية مفتوحة في واشنطن العاصمة، إلا أن حالة من الاستياء انتابت الشارع الأمريكي بسبب هذا الإغلاق.
ويبقى من غير الواضح إلى متى سيستمر الإغلاق مع عدم قدرة واشنطن على إتمام احدى مهامها الأساسية، أي إبقاء الحكومة تعمل.
وقال رئيس اتحاد الموظفين الحكوميين ديفيد كوكس: "هذا تقصير من قبل الكونجرس والرئيس في واجباتهما".
وحضّ رالف نورثام حاكم ولاية فرجينيا التي يوجد فيها عدد هائل من الموظفين الحكوميين في رسالة السبت الرئيس الأمريكي على القيام بعمل فوري لإنهاء الإغلاق الحكومي، وقال إن هذا "يتسبب باضرار حقيقية" للموظفين.
وقال الحاكم الديموقراطي: "أشاركك رغبتك من أجل نمو اقتصادي قوي من الولايات المتحدة، لكن الإغلاق الحكومي الجزئي يجعل من الصعب تحقيق ذلك".
aXA6IDE4LjIyNS4xNzUuMjMwIA== جزيرة ام اند امز