بين الأمل والإحباط.. نظرة على نتائج قمة المناخ COP 27
حقق مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ COP 27 المنعقد في شرم الشيخ نجاحات تاريخية في بعض الملفات، لكنه أيضا كان مخيبا للآمال في ملفات أخرى.
وبين الأمل والإحباط، يمكن رصد أكبر انتصار في هذه القمة وهو للدول النامية والفقيرة التي نجحت في فرض إنشاء صندوق للخسائر والأضرار لتعويضها عن خسائرها جراء التغير المناخي من قبل كبار الملوثين من الدول المتقدمة.
أما الإحباط الأكبر فيتمثل في عدم التقدم على مستوى التزامات الدول تجاه التغير المناخي والاحترار.
وتأتي هذه النتائج بعد مفاوضات طويلة وصعبة تجاوزت بكثير الموعد المحدد، حيث اختتم مؤتمر الأطراف حول المناخ (COP 27) صباح اليوم الأحد.
واستمرت أعمال المؤتمر أكثر من أسبوعين ليصبح أحد أطول مؤتمرات المناخ.
الخسائر والأضرار.. قرار تاريخي
وتميزت هذه النسخة من المؤتمر باعتماد قرار وصف بأنه "تاريخي" من قبل مروجيه، حول تعويض الأضرار الناجمة عن التغير المناخي التي تتعرض لها أفقر دول العالم.
وأقر المؤتمر نصا كان محور نقاشات محمومة ينشئ صندوقا لتعويض الدول الفقيرة المتضررة من التغيّر المناخي.
ورحّب محمد ادوو مدير منظمة "باور شيفت أفريكا" غير الحكومية والداعم الكبير لإنشاء الصندوق، بهذه الخطوة قائلًا "في بداية المباحثات لم تكن مسألة الخسائر والأضرار على جدول الأعمال حتّى. والآن دخلنا التاريخ".
وكاد ملف "الخسائر والأضرار" يفشل المؤتمر برمته قبل أن تحصل تسوية بشأنه في اللحظة الأخيرة تبقي الكثير من المسائل عالقة لكنها تقر مبدأ إنشاء صندوق مالي محدد لهذا الغرض.
ولكن المعركة لن تنتهي مع إقرار الصندوق في شرم الشيخ إذ ان القرار لم يحدد عمدا بعض النقاط التي تثير جدلا.
وستحدد التفاصيل العملية لهذا الصندوق لاحقا بهدف إقرارها في مؤتمر الأطراف المقبل نهاية 2023 في دولة الإمارات مع توقع مواجهة جديدة لا سيما على صعيد البلدان المساهمة إذ تشدد الدول المتطورة على أن تكون الصين من بينها.
وقالت الناشطة الأوغندية الشابة فانيسا ناكاته "لا يمكن بعد الآن تجاهل الخسائر والأضرار في الدول الضعيفة رغم أن بعض الدول المتطورة قررت تجاهل معاناتنا".
و في العام 2022 توالت موجات الجفاف والحر والحرائق الضخمة والفيضانات المدمرة ما ألحق ضررا كبيرا بالمحاصيل والبنى التحتية.
وقد ارتفعت كلفة هذه الظواهر المناخية القصوى بشكل مطرد. فقدر البنك الدولي ب30 مليار دولار كلفة الفيضانات التي غمرت ثلث أراضي باكستان على مدى أسابيع فيما بلغ عدد المنكوبين الملايين.
وتطالب الدول الفقيرة الأكثر عرضة للتداعيات مع أن مسؤوليتها محدودة جدا عموما في الاحترار، منذ سنوات بتمويل "الخسائر والأضرار" التي تتكبدها.
لا أهداف جديدة
لكن أكبر إحباطات المؤتمر كانت عدم تأكيد أهداف جديدة لخفض انبعاثات غازات الدفيئة.
وأُقر الإعلان الختامي بعد الكثير من التسويات، الدعوة إلى خفض "سريع" لانبعاثات غازات الدفيئة من دون تحديد أهداف جديدة مقارنة بكوب26 العام الماضي في غلاسكو.
وكان النص المتعلق بخفض الانبعاثات موضع نقاشات حادة إذ نددت دول كثيرة بما اعتبرته تراجعا في الأهداف المحددة خلال المؤتمرات السابقة ولا سيما إبقاء هدف حصر الاحترار ب1,5 درجة مئوية مقارنة بما قبل الثورة الصناعية "حيا".
واعتبرت الكثير من الدول أن النصوص التي اقترحتها الرئاسة المصرية للمؤتمر تشكل تراجعا عن التزامات بزيادتها بانتظام اتخذت العام الماضي خلال كوب26 في غلاسكو.
وأسفت لورانس توبيانا إحدى مهندسات اتفاق باريس للمناخ في 2015 لكون "مؤتمر الأطراف هذا أضعف واجبات الدول في تقديم التزامات جديدة أكثر طموحا".
ويضاف إلى ذلك مسألة خفض استخدام الطاقة الأحفورية المسببة للاحترار التي بالكاد أتت وثائق المؤتمر على ذكرها.
وتم ذكر الفحم العام الماضي بعد مناقشات حادة.
إلا أن تطوير مصادر الطاقة المتجددة ذكر للمرة الأولى إلى جانب مصادر الطاقة "المنخفضة الانبعاثات" في إشارة إلى الطاقة النووية.
ولا تسمح الالتزامات الحالية للدول المختلفة بتاتا بتحقيق هدف حصر الاحترار ب1,5 درجة مئوية.
وتفيد الأمم المتحدة بأنها تسمح بأفضل الحالات بحصر الاحترار ب2,4 درجة مئوية في نهاية القرن الحالي، لكن مع وتيرة الانبعاثات الحالية قد ترتفع الحرارة 2,8 درجة مئوية وهو مستوى كارثي.
ومع بلوغ الاحترار حوالى 1,2 درجة مئوية حتى الآن، كثرت التداعيات الكارثية للتغير المناخي.
"نفذنا مهمتنا"
وقال رئيس المؤتمر وزير خارجية مصر سامح شكري "لم يكن الأمر سهلا" لكن "نفذنا مهمتنا في نهاية المطاف".
وأضاف: "لا بد من توفير تمويل للدول النامية يؤهلها للاضطلاع بمسؤوليتها في مكافحة تغير المناخ".
"خطوة مهمة"
من جهته، قال الدكتور أنور محمد قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات إن نتائج قمة المناخ في شرم الشيخ خطوة أخرى مهمة في التحدي الوجودي الذي يواجه البشرية.
وقال إن الاتفاق على تمويل الأضرار المناخية للدول الفقيرة يعد إنجازا إيجابيا في تعزيز الاستجابة الجماعية لتداعيات الاحتباس الحراري.
"طموح قليل"
من جهتها وصفت فرنسا اتفاق COP27 بأنه توصل إلى نتائج ملموسة رغم "الطموح القليل".
"أمل وإحباط"
من جهتها، أعربت ألمانيا عن "أملها وإحباطها" بشأن نتائج قمة المناخ COP27.
وكتبت وزيرة الخارجية أنالينا بربوك على تويتر "لقد حققنا اختراقا في مجال العدالة المناخية - مع تحالف واسع من الدول بعد سنوات من الركود".
وأضافت أن عدم وجود طموح لخفض الانبعاثات يعني أن "العالم يضيع وقتا ثمينا على طريق 1.5 درجة".
"خيبة أمل"
كذلك، أعرب الاتحاد الأوروبي عن خيبة أمله. وقال نائب رئيسة المفوضية الأوروبية فرانس تيمرمانس في الجلسة الختامية للمؤتمر "ما لدينا ليس كافيا كخطوة للأمام (..) ولا يأتي بجهود إضافية من كبار الملوثين لزياد خفض انبعاثاتهم وتسريعه".
"فشل في الحل الجذري"
وأسف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لكون مؤتمر الأطراف فشل في وضع خطة "لخفض الانبعاثات بشكل جذري".
وأكد غوتيريش "كوكبنا لا يزال في قسم الطوارئ. نحتاج إلى خفض جذري للانبعاثات الآن وهذه مسألة لم يعالجها مؤتمر المناخ هذا".
aXA6IDMuMTQ1LjMzLjIzMCA= جزيرة ام اند امز