سباق الكوبالت في الكونغو.. واشنطن تدخل الحلبة وبكين تتأهب

تسعى الولايات المتحدة إلى تأمين إمدادات المعادن الأساسية في جمهورية الكونغو الديمقراطية، لتصنيع المكونات الإلكترونية، سعيا لمنافسة احتكار الصين شبه الكامل لهذا القطاع الاستراتيجي.
وتتسارع وتيرة الاستراتيجية الأمريكية التي بدأت قبل سنوات، منذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في مطلع العام.
وفقا لوكالة "فرانس برس" تُصنَّف جمهورية الكونغو الديمقراطية ضمن الدول الـ15 الأقل نموا رغم امتلاكها بعضا من أغنى موارد العالم لا سيما النحاس والكوبالت والكولتان والليثيوم.
تُعدّ هذه المواد أساسية لتصنيع مكونات الأسلحة والهواتف المحمولة والسيارات الكهربائية.
عام 2024 أمنت جمهورية الكونغو 76% من إنتاج الكوبالت العالمي، وفقا للمعهد الأمريكي للمسح الجيولوجي (USGS).
تسعى حكومة الرئيس فيليكس تشيسكيدي إلى توقيع اتفاق مع واشنطن من شأنه أن يضمن للولايات المتحدة سلسلة إمداد مستقرة ومباشرة للدفاع والتكنولوجيا، مقابل تعزيز التعاون الأمني.
لكن قطاع التعدين الكونغولي يشهد عمليات تهريب مزمنة وفسادا وتنشط فيه شبكات اجرامية، مما لا يشجع المستثمرين من القطاع الخاص.
في الوقت الحالي وفقا للخبراء، ينصب اهتمام واشنطن بشكل أساسي على جنوب شرق البلاد الذي ظل بمنأى من النزاعات الداخلية، والغني بالنحاس والكوبالت.
منذ سنوات تعمل الولايات المتحدة على الترويج لإنشاء "ممر لوبيتو"، أحد أكثر مشاريع البنى التحتية طموحا في القارة، للسماح بنقل المعادن من المقاطعات الجنوبية الشرقية في جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى ميناء أنغولي على المحيط الأطلسي.
وتستغل الشركات الصينية أغلبية الموارد في جمهورية الكونغو الديمقراطية، والتي عادة ما تستحوذ عليها من الشركات الغربية التي تغادر البلاد بسبب النزاعات أو مناخ الأعمال.
يقول كريستيان جيرو نيما الخبير في مشروع أفريقيا-الصين "إذا أراد الأمريكيون دخول هذا القطاع اليوم وتحقيق أرباح فورية، فسيتطلب ذلك انتزاع حقوق التعدين من بعض الشركات".
ويضيف "إذا أرادوا البدء من الصفر، فعليهم التقدم بطلبات للحصول على تصاريح بحث والشروع في الاستكشاف، وهو ما قد يستغرق 8 إلى 9 سنوات على الأقل قبل تحقيق نتائج".
وقعت مجموعة التعدين الأمريكية كوبولد ميتالز، وهي شركة ناشئة تستخدم الذكاء الاصطناعي لاكتشاف الرواسب المعدنية وخاصة الليثيوم، اتفاقية مبدئية مع كينشاسا في يوليو/تموز لاستكشاف "1700 مربع تعدين" (وحدة قياس تمثل حوالي 85 هكتارا).
وحصلت المجموعة الممولة بشكل خاص من جيف بيزوس وبيل غيتس، على موافقة السلطات في جمهورية الكونغو الديمقراطية للاستفادة من قاعدتها الخاصة ببيانات التعدين القيمة.
يقول جان جاك كايمبي منسق مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية في جمهورية الكونغو "إن جميع المناجم التي نعرفها تأتي من أبحاث أجريت قبل 80 أو 100 عام وأقل من 20% من الأراضي خضعت لدراسات معمقة".
في يوليو/تموز أعيدت 600 ملكية تعدينية إلى القطاع العام بعد عملية كبرى لتحديث الملف العقاري.
أشارت مصادر ومسؤولون أمنيون إلى ممارسة ضغوط حكومية لتلبية المطالب الأمريكية.
يقول كريسبين مبيندول رئيس مجلس إدارة سجل التعدين في جمهورية الكونغو الديمقراطية "لا تقوم جمهورية الكونغو بأي مساومة".
وأضاف أن الأمريكيين "اتبعوا جميع الإجراءات ودفعوا جميع الرسوم".
واضافة إلى اكتشاف رواسب جديدة، فإن إنشاء مشاريع مشتركة مع شركات التعدين التي تكون الدولة الكونغولية مساهمة فيها، يعد أحد الحلول لتلبية المصالح الأميركية، بحسب الخبير جان جاك كايمبي.