دهاء أم صدفة؟ روسيا تقلب سوق الغاز في أوروبا بمناورة "الصيانة"
فجر قرار روسيا بتعليق بعض صادرات الغاز إلى أوروبا بسبب "عمليات صيانة" قلقا كبيرا في سوق الغاز بالقارة العجوز.
وتتسابق دول أوروبا حاليا لإعادة ملء مخزوناتها من الغاز، مستغلة تراجع الطلب في فصل الصيف، ولتجنب مآس صعبة في حال دخول الشتاء القادم بينما الحرب الروسية الأوكرانية لا تزال قائمة.
- النفط يتجاوز 120 دولارا للبرميل.. ويستعد لسداد فواتير "رفع الفائدة"
- صفقة تصدير الغاز المصري إلى لبنان تدخل المرحلة النهائية
وبينما تسعى أوروبا لتأمين نفسها بالغاز الروسي، قبل سريان عدة قرارات تمنع استيراده، فاجأت موسكو الجميع بقرار "الصيانة".
تعثر التدفقات
ومنذ القرار، انخفضت إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا عبر خط أنابيب نورد ستريم 1 بشكل كبير.
وقالت موسكو بالأمس إن المزيد من التأخير في أعمال صيانة ربما يؤدي إلى تعليق جميع التدفقات.
ويأتي تعثر التدفقات بينما زار قادة ألمانيا وإيطاليا وفرنسا أوكرانيا التي تضغط من أجل الإسراع في تسليمها شحنات أسلحة لمحاربة القوات الروسية وتسعى لدعم محاولة انضمامها للاتحاد الأوروبي.
وقالت شركة جازبروم الروسية، التي تسيطر عليها الدولة، إنها خفضت إمدادات الغاز للمرة الثانية خلال يومين عبر نورد ستريم 1 الذي يمر تحت بحر البلطيق إلى ألمانيا. وتقلص الخطوة الإمداد إلى 40 % فقط من قدرة خط الأنابيب.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن التخفيضات في الإمدادات ليست متعمدة، لكنها تتعلق بمسائل الصيانة، في إشارة إلى تصريحات سابقة بأن روسيا غير قادرة على استعادة معدات أرسلتها إلى كندا للإصلاح.
انقلاب السوق
وقالت ألمانيا إن حجة روسيا "لا أساس لها من الصحة" من الناحية الفنية، وإنها تهدف إلى رفع أسعار الغاز.
وقفزت أسعار الغاز بالجملة في هولندا، وهو معيار أوروبي لتداول الغاز، بنحو 30 % بعد ظهر اليوم الخميس.
وقال سفير روسيا لدى الاتحاد الأوروبي لوكالة الإعلام الروسية إن التدفقات عبر خط الأنابيب قد تتوقف بالكامل بسبب مشكلات تتعلق بإصلاح توربينات في كندا.
وقال أليكسي ميلر الرئيس التنفيذي لشركة جازبروم، التي تحتكر صادرات الغاز الروسي عبر خط الأنابيب، إن العقوبات الغربية جعلت من المستحيل تأمين عودة المعدات من كندا لمحطة الضغط الخاصة بخط الأنابيب في بورتوفايا.
فرنسا تفقد الغاز
واليوم، أعلنت الشركة المشرفة على شبكة نقل الغاز الفرنسية "جي آر تي غاز" (GRTgaz) عدم تلقي الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب منذ 15 يونيو/حزيران، مع "انقطاع التدفق المادي بين فرنسا وألمانيا".
وتعتمد فرنسا على روسيا في حوالي 17% من غازها، الذي يصل عبر خطوط الأنابيب أو على شكل سائل عن طريق ناقلات الغاز الطبيعي المسال.
وتصل الغالبية العظمى من الغاز المستورد عادة عن طريق خط الأنابيب، من خلال نقطة الترابط الوحيدة مع ألمانيا.
وانخفضت التدفقات بنسبة 60% منذ بداية العام، وتعمل نقطة الاستيراد هذه بنسبة 10% فقط من طاقتها "منذ بداية عام 2022"، وفق "جي آر تي غاز".
ومنذ يومين، انخفض التوريد إلى الصفر.
ولا تعرف "جي آر تي غاز" سبب الانخفاض، لكنه يأتي في وقت خفضت فيه "غازبروم" بشكل كبير شحنات الغاز إلى ألمانيا، عبر خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 1".
لكن الشركة الفرنسية طمأنت إلى المخزونات الفرنسية مع ترقب الشتاء المقبل، والتي تبلغ 56% في مقابل 50% عادة في التاريخ نفسه.
وتستورد فرنسا الغاز من دول أخرى، بينها إسبانيا، التي زادت شحناتها في الفترة الأخيرة.