"حافلات البرد" تنقذ مشردي برلين.. دفء متنقل في ليالٍ متجمدة
حافلات البرد مبادرة ألمانية غير حكومية تسعى لإنقاذ المشردين من البرد القارص وتجوب شوارع المدن للمساعدة بين 1 نوفمبر و31 مارس
أن تكون مشردا في ألمانيا هذه الأيام يعني أنك معرض للموت في أي لحظة، في ظل درجات حرارة دون الصفر وأجواء أقرب للتجمد، لكن مشروع "حافلات البرد" يحمل أمل النجاة لكل شخص لا يملك مأوى أو غطاء في ليالي الشتاء الصعبة.
وبعبارة "ليلة في العراء قد تعني فقدان الحياة"، و"دقائق قليلة تفصل بين الحياة والموت"، تطلب حملة مدينة برلين، وهي مبادرة غير حكومية، من السكان تقديم المساعدة لإنقاذ المشردين من الأجواء الباردة وتساقط الثلوج، عبر الإبلاغ عن أماكن وجودهم.
وفور تلقي البلاغ، تنتقل "حافلات البرد" لمكان وجود المشرد، وتقدم له وجبة ساخنة وتنقله إلى مراكز إيواء مخصصة للطوارئ، أو تمنحه حقيبة كبيرة للنوم بداخلها وأغطية، إذا رفض الانتقال لمراكز الإيواء.
ووفق موقع حملة برلين عبر الإنترنت، فإنها تهدف لمنع أي وفيات نتيجة الطقس البارد بتجول الحافلات والفرق المرافقة لها في شوارع برلين خلال الفترة بين 1 نوفمبر/تشرين الثاني و31 مارس/آذار من كل عام، من الساعة الثامنة مساء إلى الثالثة فجرا بتوقيت جرينتش؛ بحثا عن المشردين.
وقال ماتياس سبيرمان، قائد إحدى حافلات البرد في برلين، لموقع "واتسن" الألماني: "في السنوات الأخيرة، تزايدت البلاغات عن المشردين"، مشيرا إلى إنقاذهم حياة المئات سنويا في فصل الشتاء.
وفي شارع الكوادم التجاري في وسط برلين، ترجل سبيرمان من الحافلة، بعد أن رأى مشردا يلتصق بأحد جدران محل تجاري، ونقله إلى مكان دافئ.
وقال جميس شنايدر، مواطن من برلين، لـ"العين الإخبارية": "حافلات البرد وسيلة فعالة لإنقاذ المشردين من البرد القارص"، مضيفا: "كثير من سكان برلين يقدمون التبرعات لدعم هذه الحملة".
وأضاف: "بالتأكيد، إذا وجدت مشردا في أحد الشوارع، أبلغ حملة برلين فورا لإنقاذه".
ووفق تقديرات السلطات الألمانية، يعيش في برلين من 6 لـ10 آلاف مشرد، ويحتاج أغلبهم المساعدة خاصة في الشتاء.
وتعتمد "حافلات البرد" على مساعدات المواطنين، خصوصا في التبرعات، إذ تخصص حسابات بنكية تعرض أرقامها عبر موقعها الإلكتروني لتلقي التبرعات.
وكذلك تعتمد على المواطنين في الإبلاغ عن أماكن وجود المشردين، ويتلقى فريق كامل البلاغات كل ليلة عبر الهاتف.
رحلة ٢٥ عاما
بدأت "حافلات البرد" قبل 25 عاما، بالتحديد بعد أن توفي مشرد جراء الطقس البارد عام 1994، وإثر هذه الواقعة بحثت منظمات المجتمع المدني عن حل لتفادي الوفيات في الشتاء، ومن ثم خرجت للنور هذه الفكرة.
وذكرت صحيفة "برلينر تسايتونج" الألمانية أن حملة "حافلات البرد" تنقذ نحو 200 مشرد في برلين سنويا، فضلا عن عشرات آخرين يتلقون مساعدات من أغطية وحقائب نوم ومشروبات ووجبات في أماكن وجودهم.
ووفق سبيرمان، يرفض عدد من المشردين الانتقال إلى منازل أو مناطق الإيواء، لأن بعضهم اعتاد حياة الشارع ولا يرغب في التغيير.
ولا تشمل حملات "حافلات البرد" برلين وحدها، إذ تشغل منظمات أهلية عدة أبرزها الصليب الأحمر "حافلات البرد" في مدن هامبورج، وميونيخ، وهانوفر، وفرانكفورت، وماينز.
وفي هامبورج، على سبيل المثال، أنقذت حافلات البرد خلال هذا الشتاء 169 مشردا ونقلتهم إلى مراكز إيواء.
وتقدر الرابطة الاتحادية لرعاية المشردين الحكومية عدد المشردين في ألمانيا بنحو 40 ألف مشرد، بينهم من 6 إلى 10 آلاف في برلين وحدها.
وحملة مدينة برلين، هي مؤسسة مستقلة تعمل تحت مظلة الكنيسة البروتستانتية في برلين-براندنبورج، التي تهدف إلى مساعدة الناس في برلين وحول العالم.