أبرد شتاء منذ 15 سنة.. تفعيل خطة «البرد القارس» في فرنسا
مع أبرد شتاء منذ أكثر من عقد، تواجه فرنسا خطرا يهدد آلاف المشردين، والجمعيات تطلق نداء استغاثة عاجل لحمايتهم.
تتزايد المخاوف في فرنسا بشأن مصير آلاف الأشخاص الذين يعيشون في الشوارع، في ظل درجات حرارة متدنية ونقص حاد في أماكن الإيواء الطارئ، بينما تطلق الجمعيات الإنسانية تحذيراتها من كارثة اجتماعية تتفاقم مع كل ليلة باردة، وسط تحرك السلطات لتفعيل خطط الطوارئ، وخصوصًا في باريس ومنطقة إيل-دو-فرانس، وفقًا لإذاعة "20 مينيت" الفرنسية.
شتاء استثنائي البرودة وقلق متزايد
تشهد فرنسا هذا العام أبرد عيد ميلاد منذ عام 2010، وفق المؤشرات الجوية. وأعاد العثور على جثة شخص بلا مأوى في مدينة رانس، الخميس الماضي، تسليط الضوء على هشاشة أوضاع المشردين، وزاد من المخاوف حول استمرارية الطقس القارس خلال الأيام المقبلة.
وأعلنت وزارة الإسكان أن أكثر من 30 محافظة فعّلت "خطة البرد القارس"، وهي آلية طوارئ تهدف إلى تعزيز الاستقبال النهاري، تكثيف الدوريات الميدانية، وفتح أماكن إضافية للإيواء الليلي عند هبوط درجات الحرارة إلى مستويات خطرة، بقرار من المحافظين.
باريس ومنطقة إيل-دو-فرانس تدخلان حالة الطوارئ

استجابة للمطالب المتكررة من بلدية باريس، فُعّلت خطة البرد القارس رسميًا في العاصمة ومنطقة إيل-دو-فرانس، استنادًا إلى توقعات هيئة الأرصاد الفرنسية التي تشير إلى استمرار درجات الحرارة السلبية ليلًا.
وأكدت السلطات أن جميع محافظات المنطقة ستكون تحت هذه الخطة، في خطوة جاءت متأخرة لأسباب تتعلق بالقيود الميزانية، خاصة أن إيل-دو-فرانس تضم أكبر عدد من المشردين في البلاد.
ضغط هائل على رقم الطوارئ 115
حتى قبل موجة البرد الحالية، كانت أوضاع المشردين مقلقة للغاية. بحسب باسكال بريس، رئيس فيدرالية العاملين في التضامن، أظهر آخر إحصاء منتصف ديسمبر/كانون الأول أن نحو 7 آلاف شخص، بينهم ألفا طفل، اتصلوا برقم الطوارئ 115 ولم يحصلوا على مكان في مراكز الإيواء، واضطروا للنوم في الشارع.
وأضاف بريس أن العدد الحقيقي قد يكون ضعف ذلك، إذ توقف كثيرون عن الاتصال لعلمهم المسبق بعدم توفر أماكن. ورغم توفير نحو 200 ألف مكان للإيواء الطارئ هذا العام، يشهد الرقم تراجعًا مقارنة بالسنوات السابقة، في وقت يتزايد فيه عدد الأشخاص بلا مأوى.
فئات جديدة تنضم إلى صفوف المشردين
لم تعد ظاهرة التشرد مقتصرة على الفئات الهشة التقليدية، بل تشمل اليوم عمالًا ذوي دخول متدنية، شبابًا خرجوا من رعاية الطفولة، نساءً ضحايا عنف، مسنين عاجزين عن دفع الإيجارات، إضافة إلى مهاجرين بلا وثائق.
وفي عام 2024 وحده، توفي أكثر من 900 شخص بلا مأوى في فرنسا، وفق جماعة "ضحايا الشارع"، وهو رقم غير مسبوق منذ بدء التوثيق عام 2012.
هشاشة الجمعيات وسط ضبابية سياسية
تزيد حالة عدم الاستقرار السياسي من قلق الجمعيات، إذ يؤخر إقرار الميزانيات وصول الدعم المالي، ما يضع هذه المنظمات تحت ضغط شديد. ويؤكد باسكال بريس أن الجمعيات تعيش على احتياطيات شبه مستنزفة، في انتظار إعانات قد تتأخر في الوصول.
تعزيز الإيواء والدوريات الميدانية
في إطار خطة البرد القارس، أعلنت محافظة إيل-دو-فرانس توسيع ساعات عمل مراكز الاستقبال النهاري، زيادة الدوريات الميدانية، وفتح أماكن جديدة للإيواء، بما في ذلك قاعات مخصصة وغرف فندقية للعائلات.
كما تقرر استقبال 60 امرأة بلا مأوى في مرافق المحافظة بالدائرة الخامسة عشرة بباريس، وتحويل بعض مراكز الاستقبال النهاري إلى ملاجئ ليلية. وامتدت الإجراءات إلى محافظات أخرى مثل أو-دو-سين، سين-سان-دوني، سين-إي-مارن، وفال-دواز، حيث فُتحت قاعات رياضية وأضيفت عشرات الأماكن الفندقية الطارئة.
سباق مع البرد
في الوقت الذي تستمر فيه موجة الصقيع، يبدو أن فرنسا تخوض سباقًا مع الزمن لحماية آلاف الأرواح المعرضة للخطر. وتشير الجمعيات إلى أن الإجراءات الحالية، رغم أهميتها، تظل غير كافية ما لم تُعزّز بسياسات مستدامة لمكافحة التشرد وضمان كرامة الفئات الأضعف، في بلد يواجه شتاءً قاسيًا وتحديات اجتماعية متراكمة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA== جزيرة ام اند امز