رصد آلية التواصل بين خلايا اللذة والألم في الدماغ
توازن النشاط بين خلايا اللذة والألم يحدد ما إذا كان الشخص يعمل على البحث عن تجارب ممتعة أو تجنب التجارب السلبية
بينما تأخذ أدمغتنا معلومات عن العالم وتستخدمها لتوجيه أعمالنا، هناك مبدآن أساسيان يرشدان خياراتنا، هما البحث عن المتعة وتجنب الألم.
وركز الباحثون في مختبر كولد سبرينج هاربور (CSHL) بالولايات المتحدة على مركز لمعالجة المعلومات في أدمغة الفئران لاكتشاف كيف تتعامل الخلايا العصبية مع هذه الدوافع السلوكية المتعارضة.
ويكشف البحث المنشور، الثلاثاء، في مجلة نيرون (Neuron)، أن فئات مختلفة من الخلايا العصبية تتحكم في الدوافع الإيجابية والسلبية، وترسل إشارات متعارضة على طول دائرة دماغية مشتركة لتجهيز التحفيز، وفي نهاية المطاف، قد يحدد توازن النشاط بين هاتين المجموعتين من الخلايا ما إذا كان الشخص يعمل على البحث عن تجارب ممتعة أو تجنب التجارب السلبية، حسب الباحث د.بو لي الذي قاد الدراسة.
ويهدف الفريق البحثي إلى فهم كيفية معالجة دوافع الدماغ لأن هذه الآلية تتعطل في الأشخاص المصابين بمرض عقلي، كما أن الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب، على سبيل المثال، قد يتوقفون عن فعل الأشياء التي منحتهم ذات مرة السعادة، في حين أن الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات القلق قد يصلون إلى أبعد من ذلك لتجنب التهديدات المحتملة.
وتعتمد القدرة على التعرف على المكافآت أو العقوبات المحتملة والاستجابة لها جزئيا على جزء من الدماغ يُطلق عليه ventral pallidum "الشاحبة البطنية"، ولاحظ الباحثون نشاطا في منطقة الدماغ عندما تسعى الفئران إلى الحصول على مكافآت، مثل رشفة من الماء، أو تجنب العقوبات، مثل نفخة مزعجة من الهواء.
ما أراد الفريق البحثي أن يفهمه هو كيف تضمن الأنواع المختلفة من الخلايا العصبية الموجودة في هذا الجزء من الدماغ استجابة الحيوان بشكل مناسب للإشارات المرتبطة بالنوعين من الدوافع.
وراقب الباحثون نشاط العقول وأكدوا هوية تلك الخلايا، فبعد تدريب الفئران على ربط بعض الأصوات، إما بمكافأة رشفة من الماء أو عقاب نفخة من الهواء، راقبوا النشاط العصبي في منطقة الشاحبة البطنية.
ووجدوا أن الخلايا العصبية التي تستخدم الناقل العصبي المعروف باسم GABA كانت مهمة في تحفيز الفئران للحصول على مكافأة مائية، وكانت الخلايا العصبية التي استخدمت الناقل العصبي المعروف باسم "الغلوتامات" ضرورية لتجنب عقوبة نفث الهواء.
في الحالات الأكثر تعقيدا، حيث تم عرض الحيوانات على كل من العقوبة والمكافأة، استجابت مجموعتا الخلايا العصبية، واتخذت الفئران خيارات مختلفة استجابة للمنبهات المشتركة: على سبيل المثال، كانت الحيوانات التي تشعر بالعطش أكثر استعدادا للمخاطرة بنفخ الهواء للحصول على رشفة ماء مقارنة بالحيوانات التي لم تكن تشعر بالعطش.
ويقول د.بو لي إن هذا التوازن بين الإشارات التي تمنع أو تثير الخلايا العصبية في منطقة الشاحبة البطنية يبدو حاسما في السيطرة على الدافع الذي يعمل عليه الحيوان، وهو ما يعني أن الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية من الاكتئاب أو القلق الناجم عن التوتر قد يكون سببها تغيرات في هذه المنطقة.