سحب الثقة من حكومة الدبيبة.. أبرز السيناريوهات المحتملة في ليبيا
قرر مجلس النواب الليبي، الثلاثاء، سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة بأغلبية الحضور.
واعتبر خبراء أن القرار، وإن كانت له مبرراته لدى مجلس النواب ولديه السلطة التشريعية لاتخاذ ذلك، إلا أنه من المحتمل أن يكون هناك تصعيد يفضي إلى تأخير الانتخابات عن موعدها في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وأكد الخبراء لـ"العين الإخبارية" أنه "من المحتمل أن يعترض رئيس حكومة الوحدة الوطنية على القرار ويطعن في قانونيته -إلا أن الدائرة الدستورية معطلة- وبالتالي ستبقى الحكومة لتسيير الأعمال فقط، وقد تنشأ حكومتان متوازيتان".
3 أشهر
ومن جانبه، قال النائب الليبي الدكتور علي التكبالي، إن "حكومة عبدالحميد الدبيبة تلقت ما تستحقه، والمجلس الذي أعطاه الثقة ويحق له أن يسحبها".
وتابع، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "الدبيبة كان يتصرف وحده وكأن الوزراء ليسوا موجودين، ويعين أقاربه في المناصب الحساسة، ويعطي للأتراك ما يريد، وأن النواب لم يريدوا لهذا الرجل أن يبقى لأنه لم يكن أمينا على أموال الشعب"، وفق قوله.
وأردف أن "حكومة الدبيبة ستبقى لتصريف الأعمال فقط، وأنه في ليبيا تعلمون أن الذي يقال لا يقبل، ولكن أن يقبل أو لا يقبل هو لم يعد يمثل الشعب ولا مجلس النواب".
ووفق حديث التكبالي أضاف: "إذا أراد أن يحدث فوضى أخرى كما كانت في السابق والعودة لنقطة الصفر وتقسيم البلاد إلى شرقية وغربية فهذا أمره ويعود إليه، ونفى احتمالية أن تتم تشكيل حكومة جديدة لأن الذي سيحل محله سيكون من نفس المنطقة ومن نفس التحالفات".
وأشار إلى أن "حكومة الدبيبة ستستمر لتسيير الأعمال وإن أراد أن يبقى بهذا الشكل للثلاثة أشهر الأخرى فهذا موجود ولكن لن يتم السماح له بصرف الأموال والبقاء أكثر من ذلك وليفعل ما يفعل".
تعطيل الدائرة الدستورية
ومن جانبه، قال الخبير القانوني الليبي عبدالحفيظ السنوسي، إن "مجلس النواب هو المجلس الشرعي، ومن حقه دراسة منح الثقة أو سحبها والتصويت على ذلك".
وتابع في حديث لـ"العين الإخبارية" أنه "رغم قرار سحب الثقة من الحكومة، فإنها ستستمر في تسيير أعمالها إلى حين منح الثقة لحكومة جديدة أو إلى حين إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل أو بصدور حكم من الدائرة الدستورية بإلغاء قرار سحب الثقة".
وأشار إلى أن نص المادة (194) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب تنص على أنه "إذا قـرر مجلـس النـواب بأغلبيـة أعضـائه سحب الثقـة مـن الحكومـة عـدت مستقيلة وتسـتمر فـي تسـيير الأعمـال إلـى حـين تكليـف حكومـة جـديـدة".
وحول أزمة النصاب القانوني وتحديده أشار إلى أن "هناك عدة آراء نظرا لتعارض نصوص اللائحة الداخلية والاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات المغربية، من اللجوء إلى الأغلبية الموصوفة أم المطلقة حول مسالة سحب الثقة من الحكومة؟".
واختتم، بالتأكيد على أنه "حتى لو كان إصدار البرلمان للقرار مخالفا للاتفاق السياسي بسحب الثقة من الحكومة دون بلوغ النصاب القانوني لسحب الثقة، فإن الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا المختصة بنظر تلك المخالفة معطلة منذ عام 2016، وبالتالي سيستمر الوضع وفقا لما قرره المجلس".
تصعيد محتمل
ويقول أستاذ الأمن القومي الليبي يوسف الفارسي، إن "خطوة مجلس النواب خطيرة وقد تؤدي إلى تصعيد من الطرفين ينتهي بتشكيل حكومتين متوازيتين، وانقسام في البلاد".
وأضاف الفارسي، قائلا إن "المرحلة المقبلة قد يتم تأجيل الانتخابات على إثر الصراع فإن كانت الحكومة قد فقدت شرعيتها إلا أنها لا يزال لديها الدعم الدولي، تماما مثل حكومة فايز السراج السابقة".
ونوه إلى أن "حكومة الدبيبة كانت ضعيفة وأداؤها يوصف بالفشل ومن حق مجلس النواب أن يتخذ هذه الخطوة سواء سياسيا أو قانونيا، لكن المشكلة تكمن في أن الإجراء قد يؤدي للتصعيد وتأجيل الانتخابات أو انقسام البلاد".
وأشار إلى أن "الانقسام لن يرضي أحدا لأن الثروة والنفط يقع معظمه في المنطقة الشرقية، وهو ما لا يرضي الأتراك وغيرهم الذين يطمعون في ثروات البلاد".
تعطيل الانتخابات
ومن جانبه، قال الخبير السياسي الليبي رضوان الفيتوري، إنه من المحتمل أن يفتح القرار سيناريوهات غير متوقعة.
وتابع، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، أن "الطرف الآخر إن صح التعبير لن يسكت وعندهم خبراء دستوريون وقانونيون وأن الدبيبة قد يلجأ إلى فتوى قانونية تعيد البلاد إلى المربع الأول".
وأردف الفيتوري أن "الطرف الذي يسعى لعرقلة الانتخابات بأي شكل قد يستغل الإجراء لتعطيل الانتخابات وإرباك المشهد برمته".
ونوه إلى أن "حكومة السراج السابقة مكثت طويلا وأنفقت المليارات واستجلبت السلاح والمرتزقة، رغم عدم حصولها على ثقة مجلس النواب، ولذلك فإن الطرف الآخر لن يتوقف وسيستمر وقد نشهد إبقاء حكومة الدبيبة لمدة أكثر من المدة الممنوحة أصلا بفتوى قانونية".
وحذر من أن تعود البلاد إلى مربع وجود حكومتين متوازيتين وجهات تدعي الشرعية في ظل هذا التخبط، وأن الطرف الآخر هو المستفيد منها وفرح بها لأنه سيتخذها ذريعة للبقاء وإرباك المشهد.
وتوقع أن "الدبيبة سيرفض هذا القرار وسيستمر في عمل حكومته وسحب المبالغ من مصرف ليبيا المركزي، بعيدا عن النواب، وهو سيزيد الانقسام في البلاد".
تسيير الأعمال
وقرر مجلس النواب الليبي، اليوم الثلاثاء، في جلسته بحضور 113 نائباً سحب الثقة من الحكومة بالغالبية المطلقة 89 صوتا وقد تم بآلية التصويت برفع الأيدي.
وأعلن عبدالله بليحق، المتحدث الرسمي باسم المجلس، أن "الحكومة ستستمر في تسيير أعمالها اليومية كحكومة تصريف أعمال".
وحكومة تصريف الأعمال تعني تيسير حياة المواطن فقط لا غير، أي الأمور الخدمية، وعدم توقيع أي عقود أو زيارات أو اتفاقيات خارجية لحين تشكيل الحكومة الجديدة، بعد الانتخابات.
وأردف أن "سحب الثقة لا يحتاج إلى تصويت الغالبية الموصوفة وهي 120 صوتا، بل الغالبية المطلقة، التي يمثلها وفق الوضع الحالي للنواب 86 صوتا".
وأوضح بليحق أن "النواب الحاضرين لجلسة اليوم 113 نائباً، وأن المصوتين بسحب الثقة 89 نائباً حاضرين في الجلسة، وقد تقدم 11 نائبا لم يتمكنوا من الحضور لجلسة اليوم لأسباب مختلفة لرئاسة المجلس بطلبات لاحتسابهم بالتصويت مع سحب الثقة، لكن لم يتم احتسابهم في التصويت لعدم حضورهم الجلسة".
وفي وقت سابق، قال عقيلة صالح، رئيس المجلس، إن "45 نائبا تقدموا وفقا للقانون بعد الاستماع إلى إجابات الحكومة بطلب لسحب الثقة منها".
وأشار إلى أنه إذا قرر المجلس سحب الثقة بأغلبية أعضائه عدت مستقيلة وتستمر في تسيير الأعمال إلى حين تشكيل حكومة جديدة، لذلك تقرر تأجيل البت في هذا الأمر إلى جلسة الأسبوع الجاري.
aXA6IDMuMTQ3LjY4LjM5IA== جزيرة ام اند امز