صراع "رأس الإخوان".. رسالة جبهة إسطنبول لم شمل أم مزيد من التشظي؟
في محاولة لاستغلال حالة الارتباك داخل جبهة لندن بعد وفاة القائم بأعمال مرشد الإخوان إبراهيم منير، والإمساك بتلابيب التنظيم الإرهابي، فاجأ الأمين العام السابق للجماعة محمود حسين الجميع ببث رسالة بصفته قائما بأعمال المرشد ومكلفا من قبل مجلس الشورى العام.
الرسالة التي نشرها محمود حسين (جبهة إسطنبول)، مساء الأحد، محاولة استباقية للتأكيد على استحقاقه للمنصب مجددا وأنه هو الوريث الشرعي لقيادة الجماعة، ويقطع الطريق على أعضاء جبهة لندن" في مزاحمته في منصبه.
ووفق محللين فإن جبهة لندن أصيبت في مقتل عقب وفاة قائدها المخضرم فجأة، حيث لم تجد حلًا لأزمتها إلا بتعيين محي الدين الزايط كميسر لأعمال المرشد بشكل مؤقت، إلى أن تُستكمل إجراءات تسمية من يقوم مقامه.
وأكدوا أن هذا التلكؤ أصاب الجبهة بخسائر شديدة، فقد أتاح للبعض أن يتوقع وجود خلافات بين أعضائها على من يخلف منير، ومن ناحية أخرى أعطى فرصة لجبهة إسطنبول بقيادة حسين على ترتيب أوراقها سريعا واختياره قائما بالأعمال، وتأكيد هذا الاختيار برسالة مرئية لجموع الإخوان.
تفاصيل رسالة حسين
بدأت الرسالة المرئية، والتي بثتها فضائية تابعة لجبهة إسطنبول بمقدمة غنائية من أناشيد الجماعة والتي في مطلعها تقول "نجدد الولاء بالفهم والعمل" تمهيدا وتأكيدا على بيعتهم "لحسين" قائما بأعمال وربما مرشدا محتملا في حالة وفاة المرشد الحالي محمد بديع، الذي سيكمل عامه الثمانين في أغسطس/آب القادم والمحكوم عليه بالإعدام وبالمؤبد في العديد من قضايا الإرهاب بمصر.
وفي محاولة لصبغ ناحية شرعية على قرار جبهته، تعمد حسين أن يبدأ بالآية القرآنية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}، في مسعى لحث أفراد التنظيم على تأكيد بيعته بأنها قول سديد، وما دونها فهو لغو، وأن من يبايعه هم المتقون، ومن دونهم فهم الباغون.
ثم خاطب الإخوان في مشارق الأرض ومغاربها بجملة "المتابعون لشؤون الجماعة والمهتمون بأمرها"، في اتهام للجبهات الأخرى بأنهم لا يهتمون بشؤون الجماعة وأنهم لم يعودوا منها.
هاجس الشرعية
ثم ترحم على موتى التنظيم الإرهابي وعلى رأسهم المرشد السابق محمد مهدي عاكف والرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي، كما قام بتقديم الشكر والتحية والتقدير لكل المسجونين من الإخوان، فيما أكد أن مرشد الجماعة هو محمد بديع، ثم قدم شكره للجنة التي يرأسها مصطفى طلبة، والتي كانت تقوم بأعمال القائم بأعمال المرشد، تلك اللجنة التي كونها "حسين" بعد فصله "لإبراهيم منير" ورفاقه.
ثم وضح حسين بشكل لا لبس فيه أنه كُلف بعمل القائم بأعمال المرشد من قبل مجلس شورى الجماعة، وأنه متمسك بثوابت الجماعة وأن الجماعة ضد الذوبان وضد التطويع ومتمسكة بالثوابت التي أسسها الإخوان والأجيال التالية للمؤسس، في تلميح لاتهامات قديمة من جبهته لأنصار منير بأنهم يفرطون في ثوابت الجماعة وأنهم يسعون لتركيعها، والسير بالجماعة بعيدا عن طريقها المعروف ومسيرتها الثابتة.
وأكد ضرورة التحلي والتمسك بخلق الأخوة في الله، مهددا المعارضين بأنهم إذا استمروا في هذا فلن يكون لهم مكان في الجماعة وسيزول عنهم صفة الأخوة مما يعني تعريتهم من الغطاء الإخواني الذي يحميهم، في مطلب واضح لمعارضيه بالتوقف عن اتهامه بخيانة الأمانة حتى إن بعضهم يلقبه بالخائن العام بدلا من الأمين العام.
النساء والشباب والمئوية الثانية
وغازل حسين الأخوات وشباب الجماعة في محاولة لكسب تأييدهم، حيث إن الشباب هم أكثر الرافضين له لسابق ممارساته المتسلطة والمتغطرسة معهم، ولعله أراد ضمهم إلى صفة بوصفه لهم بأنهم قادة المستقبل، وشباب المئوية الثانية التي ستدخلها الجماعة بعد سنوات قليلة من الآن.
وزعم أن الجماعة هيئة إسلامية جامعة تحتكم على قواعد ولوائح تنظم شؤونها ومنها الشورى التي تنظم عملية التعاقب القيادي، كما أكد أن الجماعة مركزها التنظيمي في مصر رغم عالمية الدعوة.
ونقل محمود حسين الصراع إلى منطقة مختلفة جديدة على الإخوان، وهي لمن القيادة للإخوان في التنظيم الدولي أم للإخوان في التنظيم المصري، حيث طلب تعهد الإخوان بالحفاظ على ثوابت الجماعة، في إشارة واضحة لرفضه تغول التنظيم الدولي على التنظيم المصري، وأنهم تابعون للتنظيم المصري وليس العكس.
وبحسب محللين فإنها قضية شائكة تظهر كل فترة على السطح وتحديدا عند وفاة مرشد الجماعة وتولي آخر، وهذه المرة يخشى رجال التنظيم المصري من سيطرة رجال التنظيم الدولي على الجماعة، وهذا يعني أن لكل تنظيم توجهاته الخاصة، ومصالحه الخاصة، وأنه لا صحة على الإطلاق بادعاءاتهم أن هذه الجماعة متماسكة وأن سادتها زاهدون في مناصبها، وأثبتت الوقائع والأحداث العكس، وأنهم يتقاتلون على أموالها كما يتقاتلون على مناصبها.
تجاهل متعمد لجبهة لندن
وفي كلمته، تجاهل الأمين العام السابق للجماعة تماما ما أعلنته "جبهة لندن" عن أنها هي الجهة الشرعية الوحيدة التي تدير شؤون التنظيم، وأنهم في الجبهة قاموا بتعيين محيي الدين الزايط قائما بالأعمال بصورة مؤقتة قبل أسبوعين.
ووفق مراقبين فإن حسين تعمد ألا يتحدث عن تلك الجبهة كأنه لا يراهم وليس لهم وجود ولا لهم أي أهمية تذكر ولا يشغلونه، أو كأنهم أصبحوا داخل الجماعة ومقرين بشرعيته وبقيادته، في محاولة لمزيد من الثقة بنفسه وبشرعيته من أي وقت مضى، ربما لأنه شعر بتصدع جبهة لندن أو لأنه تمكن في الفترة السابقة من تمديد شبكة علاقات جديدة وقوية مع تنظيم الإخوان بالداخل المصري.
ولم تقم الجماعة فرع لندن بقيادة محي الدين الزايط بالرد على مزاعم حسين، إلا أنه قبل أيام أكدت في بيان على لسان المتحدث الرسمي أسامة سليمان أنه لا صحة لما يشاع أن ثمة تعيين قائم بالأعمال من قبل مجلس شورى الجماعة، وأن الجماعة ما زالت تحت قيادة الزايط مؤقتا لحين تكليف من يلزم بتلك المهمة.
المعركة قادمة والانشقاق حتمي
وأكد محللون أنه من الواضح أن الخلافات بين جبهات الإخوان المتصارعة لن ينتهي قريبا، وأن ثمة معركة إعلامية قادمة بين عناصر الإخوان بعضهم البعض، وستنتقل من الغرف المغلقة إلى الفضائيات، مما ستزيد من حالة تشتت وتشظي التنظيم الإرهابي.
aXA6IDMuMTMxLjEzLjI0IA== جزيرة ام اند امز