الصراع مع إيران وسيناريوهات مستقبل الشرق الأوسط
الكتاب توقع أن تحرك طهران برنامجها النووي السري "إن لم تكن حركته بالفعل، وهذا سيخلق سباق تسلح نووي في المنطقة"
باتت منطقة الشرق الأوسط محور الاهتمام والقلق العالميين، في ظل تزايد الأدوار الإيرانية المزعزعة للاستقرار، ومحاولة الغرب والدول العربية مواجهة هذا التهديد، بالتزامن مع تحركات تركية عدائية، ووصول عدد من أزمات المنطقة إلى طريق مسدود.
وفي كتابه الجديد الصادر في الأول من أكتوبر الجاري، يرسم غيدو شتاينبرغ، وهو واحد من أهم الخبراء الألمان في شؤون الشرق الأوسط، سيناريوهات المستقبل بالمنطقة، ويوضح التنافس المتزايد في الخليج تحديدا، مركزا على الملف الإيراني.
الكتاب المعنون "الحرب في الخليج.. كيف يهدد صراع القوة بين إيران والسعودية الأمن العالمي"، أبرز الصراع مع نظام طهران كأهم محرك للعلاقات والسياسة في الشرق الأوسط في الوقت الحالي.
ويقول الكتاب الواقع في 352 صفحة، إنه "منذ أن أنهى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاتفاق النووي مع إيران من جانب واحد في مايو 2018، تصاعدت التوترات في الشرق الأوسط والخليج العربي".
وتابع: "رغم محاولات طهران إظهار القوة في المنطقة، إلا أنها في أضعف حالاتها حاليا، ولديها مشاكل اقتصادية كبيرة بسبب العقوبات الأمريكية والتخطيط الاقتصادي الفاشل وأزمة تفشي فيروس "كورونا المستجد".
الكتاب أوضح أيضاً "أن إيران تحاول الظهور في مظهر القوى الإقليمية رغم مشاكلها الداخلية، وتوسعت في المنطقة بشدة منذ 2011: لقد أصبحت فجأة تلعب دورا في سوريا، وكثفت دعمها لحزب الله في لبنان، ودعمت الحوثيين في اليمن، ما حرك مشاعر قلق في العواصم الغربية والعربية على حد سواء".
ووفق الكتاب، فإن توقيع الاتفاق النووي مع إيران في 2015 فاقم الصراع في الشرق الأوسط، ووسع حالة القلق الأمني من النفوذ الإيراني، لأنه تجاهل اقتناع عدد من العواصم بأن طهران تستمر في تشغيل برنامج نووي سري.
وتابع: "كان تحرك الإدارة الأمريكية في 2018 وإعلانها الانسحاب من الاتفاق النووي مطلوبا، لكن الولايات المتحدة لا تزال غير راغبة في الدخول في حرب، وظهر ذلك في موقفها من الهجوم على منشآت النفط في الخليج في 2019، إذ لم ترد واشنطن بالشكل المتوقع".
ومضى قائلا: "مع مقتل قائد فيلق القدس (الإرهابي) قاسم سليماني في غارة أمريكية بالعراق، ورد إيران الضعيف، بات واضحا أن الأخيرة أيضا غير راغبة بل وغير قادرة على الحرب".
وأضاف الكتاب: "في الوقت الحالي، تصب التحركات السياسية في الشرق الأوسط في خانة تشكيل تحالف قوي لمحاصرة ومواجهة إيران التي تمثل التهديد الأكبر".
وبخلاف سيناريو محاصرة إيران عبر تحالف قوي، توقع الكتاب اندلاع سباق تسلح نووي في المنطقة بسبب إيران، وقال "طهران ستحرك برنامجها النووي السري، إن لم تكن حركته بالفعل، وهذا سيخلق سباق تسلح نووي في المنطقة".
وحول احتمالية حدوث ثورة شعبية في إيران، قال الكتاب "رأينا بوضوح التعامل الأمني الوحشي مع مظاهرات نوفمبر الماضي"، مضيفا "قادة نظام طهران يعرفون أن حياتهم وحياة عائلاتهم ستكون في خطر في حال سقوط النظام، لذا سيردون على أي احتجاجات بوحشية شديدة".
ولفت الكتاب إلى تآكل الدور الأوروبي بالشرق الأوسط، وأوضح أن "تراجع دورنا يدل على أن حتى أصدقائنا لا يأخذوننا على محمل الجد"، مضيفا "الأمر يتطلب إرادة سياسية أوروبية موحدة وقوات مسلحة أوروبية مشتركة، للعودة إلى الواجهة في المنطقة"، مشيرا إلى أن "الشرق الأوسط أقرب إلينا من الولايات المتحدة.. إنه جوارنا المباشر".
وغيدو شتاينبرغ، من مواليد 1968، وحاصل على دكتوراه في الدراسات الإسلامية، ويعمل في مؤسسة العلوم والسياسة (SWP) البحثية في برلين.
في الفترة بين 2001 و2005، عمل كمستشار في المستشارية الاتحادية الألمانية "مكتب المستشار جيرهارد شرودر في ذلك الوقت".