تجديد الكونغرس والسياسة الخارجية.. أي تأثيرات محتملة؟
"تنافس مع الصين.. سياسة مرتبكة تجاه إيران.. وحرب دائرة بقلب أوروبا" ملفات تسيطر على دوائر صنع السياسة الخارجية الأمريكية بالوقت الحالي.
لكن السؤال الأهم الآن ليس ماهية القضايا الرئيسية في سياسة واشنطن، ولكن ماهي التأثيرات المحتملة لانتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأمريكي المقررة اليوم الثلاثاء، على قضايا ومواقف هذه السياسة في العامين المقبلين؟
هذا السؤال يطرح نفسه بقوة في ظل توقعات استطلاعات الرأي الحالية، والتي تفيد بأن الحزب الجمهوري يتجه للسيطرة على مجلسي الكونغرس، الشيوخ والنواب، وما يعنيه ذلك من تعطيل لأجندة الرئيس الديمقراطي، جو بايدن.
وفي حين أن القضايا المحلية مثل التضخم والجريمة والإجهاض سيطرت على الحملة الدعائية التي سبقت انتخابات التجديد النصفي وينتظر أن تحدد نمط تصويت الناخبين في الاقتراع المنتظر.
إلا أن أصوات الناخبين في هذا الاقتراع، قد يكون لها أيضًا عواقب على مجموعة من الملفات الدولية الملحة، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا وملف إيران، وبالتحديد مفاوضات الاتفاق النووي.
تأثير متواضع؟
وفي هذا الإطار، كتبت ريتشارد هاس، رئيس مجلس العلاقات الخارجية (بحثي)، في تغريدة على حسابه بـ"تويتر": "لن تلعب السياسة الخارجية أي دور تقريبًا في الانتخابات النصفية نفسها، ولكن ما هو تأثير الانتخابات النصفية على السياسة الخارجية للولايات المتحدة؟".
وتابع مقدما إجابة على هذا السؤال "أعتقد أنه سيكون تأثيرا متواضعا.. هناك إجماع من الحزبين في ملفي الصين والتجارة الحرة، وخطة العمل المشتركة الشاملة (الاتفاق النووي) غير مطروحة (على الطاولة)".
ومضى قائلا في التغريدة التي رصدتها العين الإخبارية "وفي الوقت الحالي، هناك أغلبية مؤيدة لمواصلة المساعدات لأوكرانيا".
على الجانب الآخر، كتب مارك ستون، الكاتب والصحفي الأمريكي، في تغريدة على "تويتر": "هناك رؤيتان مختلفتان تمامًا لأمريكا معروضتان (للتصويت) في التجديد النصفي".
وتابع "إذا تغير التوازن في الكابيتول هيل (مقر الكونغرس)، فتوقع دفعة كبيرة لتغيير السياسة الخارجية"، دون أن يكشف تفاصيل هذا التغيير في التغريدة التي رصدتها "العين الإخبارية".
هذا التغيير المتوقع ظهرت بوادره في تحذير زعيم الأقلية في مجلس النواب كيفين مكارثي، المرشح الرئيسي لمنصب رئيس مجلس النواب إذا سيطر الجمهوريون على المجلس، الشهر الماضي، من أن حزبه لن "يكتب شيكًا على بياض" لأوكرانيا، مما يشير إلى أن سيطرة الجمهورين قد تعني تراجع دعم كييف.
أوكرانيا: تغيير تدريجي
سكوت أندرسون، الدبلوماسي السابق والزميل الزائر في دراسات الحوكمة في معهد "بروكينغز"، يقول في هذا الإطار إن معارضة لحزم المساعدات الكبرى لأوكرانيا يمكن أن تظهر (بالفعل) في مجلس نواب يديره الجمهوريون، لكن من غير المرجح أن يحدث ذلك بين عشية وضحاها.
ومضى موضحا "اعتقد أنه سيكون تحولًا بطيئًا وتدريجيًا على مدار عمر الكونغرس القادم"، متابعا "بشكل عام، يبدو أن الدعم لأوكرانيا يحظى بشعبية كبيرة في الوقت الحالي".
وأضاف "لا أعتقد أن الجمهوريين سيرغبون في الركض ضد هذه (الشعبية الكبيرة)" بشكل سريع، وفق ما نقلته شبكة "أيه بي سي" نيوز الأمريكية.
بدوره، يجادل أنتوني كوردسمان، الرئيس الفخري للاستراتيجية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومساعد الأمن القومي السابق للسناتور الجمهوري جون ماكين، بأن المشاكل الاقتصادية (في أمريكا) يمكن أن تمثل تحدى لاستمرار الدعم لأوكرانيا بعد انتخابات التجديد النصفي.
وقال كوردسمان: "عندما تنظر حقًا إلى الأموال التي تذهب إلى الخارج، فإنها لا تزال محدودة جدًا حتى الآن مقارنة بما كنا ننفقه على أفغانستان".
لكنه استدرك قائلا "ولكن إذا كانت هناك زيادة مطردة في التضخم والمشاكل الاقتصادية، فقد يكون هناك ضغط من أجل الإنفاق المدني على حساب الإنفاق الدفاعي".
وأوضح كوردسمان أن "يجب أن يتعرض الاقتصاد لمزيد من الضربات للوصول إلى هذه النقطة (خفض الانفاق الدفاعي الخارجي)"، لكن هذا "لا يعني أنه لن يكون هناك الكثير من الضجيج" بشأن تدفق الأموال إلى الخارج في الكونغرس الجديد.
إيران: مزيد من الضغط
ووفق "أيه بي سي" نيوز، يمكن لكونغرس يهيمن عليه الجمهوريون أن يدفع إدارة بايدن إلى إيلاء المزيد من الاهتمام لشوكة أخرى في ظهرها: إيران.
في الأصل، كانت مقاربة الرئيس الأمريكي لكبح البرنامج النووي الإيراني تستند إلى العودة للاتفاق النووي الموقع في 2015.
وبعد شهور من المفاوضات المتعثرة، تم التخلي عن هذا الهدف تقريبًا، وفق الشبكة الأمريكية، لكن البيت الأبيض لم يعلن رسميًا عن موت المحادثات.
وفي هذا الإطار، قال بهنام بن طالبلو، الزميل البارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات: "لقد أشارت إدارة بايدن إلى أن الاتفاق النووي ليس من أولوياتها، ولكن هناك انفصالا كبيرا بين أفعالها وكلماتها بشأن التهديد الإيراني".
وتابع "إذا كان هناك تغيير في السيطرة على الكونغرس، فسيكون هناك المزيد من الضغط على الإدارة في ملف إيران"، مضيفا "ستكون هناك بالتأكيد رغبة في مزيد من التدقيق والرقابة".
الصين: استمرارية
وفيما يتعلق بملف الصين، قالت إيمي ماكينونن في مجلة فورين بولسي الأمريكية، إنها تتوقع استمرارية لسياسة الإدارة الأمريكية الحالية، والتي لا تختلف كثيرا عن سياسية الإدارة السابقة، فيما يتعلق بالعلاقات مع الصين.
وأوضحت "أعتقد أننا سنرى استمرارًا على نطاق واسع.. أحد الأشياء التي كانت مثيرة للاهتمام حول الانتقال من إدارة ترامب إلى إدارة بايدن، أنه كان هناك الكثير من الاستمرارية في السياسة تجاه الصين"، وبالأخص التشدد في العلاقات مع الصين.
ومضت قائلة "عندما كنا نغطي إطلاق استراتيجية الأمن القومي للإدارة الجديدة، قال أحد الأشخاص الذين تحدثت إليهم إنه شعر بأن الأمر كان أكثر تشددًا تجاه الصين (في إدارة بايدن) مما كان عليه ترامب"، والذي كان يتبع سياسة متشددة أيضا تجاه بكين، خاصة في ملف التجارة.