مطرقة بيلوسي تسقط من يد كيفن مكارثي.. التاريخ يرحب بـ"بائع الشطائر"
دخل الجمهوري كيفن مكارثي تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية كأول رئيس لمجلس النواب يعزل من منصبه، بعد تمرد في حزبه على قيادته.
لكن كل شيء كتب سلفا، النائب من كاليفورنيا احتاج 15 جولة من التصويت ليؤمن فوزه بالمنصب الذي كانت تشغله الديمقراطية المخضرمة نانسي بيلوسي.
وعقب إعلان ترشحه رسميا من قبل الحزب الجمهوري قال مكارثي للصحفيين، إنه يملك "الرقم القياسي لأطول خطاب على الإطلاق. ليست لدي مشكلة في الحصول على رقم قياسي لأكبر عدد من الأصوات لرئيس المجلس".
إلا أن رياح مكارثي جاءت بما لا يشتهي حيث دخل التاريخ كأول رئيس لمجلس النواب يعزل من منصبه.
وكما بدأت أزمة انتخابه بخلافات مع أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب الذين عطلوا انتخابه في 14 جولة، كانت النهاية بطعنة منهم.
المحظوظ
نشأ كيفن مكارثي في عائلة أقرب للديمقراطيين بطابع ريفي حيث كان جده الأكبر يدير مزرعة ماشية.
وظل والد كيفن ديمقراطي الهوى للديمقراطيين قبل أن يغير بوصلته إلى الحزب الجمهوري مع ترشح رونالد ريجان لرئاسة الولايات المتحدة.
وبدأ مكارثي مسيرته المهنة بضربة حظ حينما فاز ببطاقة يانصيب قيمتها 5000 دولار استغلها لتأسيس متجر لبيع الشطائر.
ومال كيفن أكثر نحو بمبادئ السياسة الجمهورية المحافظة وبدأت تتشكل وجهات نظره في كيفية إدارة عمله.
وفي كاليفورنيا ترجم تلك المبادئ الجمهورية بنشاطه وسط مجموعات الشباب الجمهوريين، قبل أن يقرر العمل في طاقم النائب بيل توماس (جمهوري من كاليفورنيا)، والذي اشتهر بأنه معتدل وأحد أكثر أعضاء الكونغرس ذكاءً.
وفي عام 2002، انتخب مكارثي لعضوية مجلس ولاية كاليفورنيا، وبعد فوزه في انتخابات 2006 لشغل مقعد توماس المتقاعد، سرعان ما ترقى في قيادة مجلس النواب الجمهوري ليكون نائب رئيس جماعة الأقلية في فترة ولايته الثانية فقط.
وبقدرة مميزة على بناء التحالفات وبقليل من الحظ تزعم مكارثي الجناح اليميني داخل حزبه عندما فاز الجمهوريون بأغلبية النواب ليضعوا جون بونر، رئيس المجلس فيما خدم كانتور كزعيم للأغلبية.
وعندما خسر كانتور الانتخابات التمهيدية عام 2014، خلفه مكارثي وتعلم درسًا من هزيمة صديقه حول أهمية "القوة التخريبية" في السياسة، مما دفعه إلى قبول صعود دونالد ترامب بسهولة أكبر من بعض زملائه.
وعندما تنحى بونر عام 2015 تحت ضغط من اليمين من كتلة الحرية في مجلس النواب، كان مكارثي يشق طريق الصعود.
خلافات ترامب
بداية صدام مكارثي مع ترامب، بدأت مع مقابلة أجراها مع قناة "فوكس نيوز"، حين أخبر الشبكة بصراحة أن تحقيق مجلس النواب في هجوم بنغازي الليبية عام 2012، والذي قتل فيه 4 أمريكيين، كان وسيلة لتقويض هيلاري كلينتون، التي كانت وزيرة للخارجية في ذلك الوقت وكانت تستعد لخوض انتخابات الرئاسة عام 2016.
أغضبت تلك الكلمات ترامب وسارع مكارثي للاعتذار عن التصريح بصوت عالٍ، لما اعتبره البعض دافعًا واضحًا وراء التحقيق وتنازل عن مسعاه لقيادة الأغلبية في النواب عوضا عن ذلك، لكن بعد علاقة متوترة مع ترامب، لم يسع إلى إعادة انتخابه رئيسا للكونغرس في عام 2018.
وفقد الجمهوريون السيطرة على مجلس النواب في ذلك العام، وأصبح مكارثي زعيمًا للأقلية، مما جعله في طابور لإطلاق محاولة أخرى لعودة حزبه ونفسه.
وبعد أن شاهد عددًا من زملائه الجمهوريين يستسلمون لخصوم اليمين وهجمات ترامب، انحرف مكارثي أكثر عن سمعته الأولية باعتباره جمهوريًا معتدلًا وعمليًا نسبيًا، فبعد أن خسر ترامب انتخابات عام 2020، أصبح مكارثي من منكري الانتخابات الأبرز للحزب بخلاف الرئيس.
حينها خرج مكارثي بتصريح لقناة فوكس نيوز في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أي بعد يومين من يوم الانتخابات، قائلا: "فاز الرئيس ترامب في هذه الانتخابات، لذلك كل من يستمع، لا تسكت، لا تسكت بشأن هذا". ثم قام بتغريد مقطع الفيديو الخاص بمقابلته، وكتب: "لن يتم إسكات الجمهوريين".
وبعد أن اقتحم مثيرو الشغب مبنى الكابيتول في 6 يناير/كانون الثاني، صوت مكارثي ضد التصديق على فوز الرئيس جو بايدن في بنسلفانيا وأريزونا. لكن في الأيام التالية، أخبر مكارثي الجمهوريين في مجلس النواب بشكل خاص أن تصرفات ترامب كانت "فظيعة" وحرضت على الهجوم.
وعندما صوت مجلس النواب الذي يقوده الديمقراطيون لعزل ترامب بتهمة التحريض على أعمال الشغب، عارض مكارثي الإجراء لكنه أيضًا وبخ الرئيس السابق في قاعة مجلس النواب، قائلاً إن "الرئيس يتحمل المسؤولية عن هجوم الأربعاء على الكونغرس من قبل مثيري الشغب الغوغاء".
وفي النهاية، وبعد أول فشل مكارثي في حسم مقعد رئاسة الكونغرس لصالحه، دعا الرئيس السابق دونالد ترامب، الجمهوريين لدعم ترشيحه.
إلا أن مشهد النهاية كان متوقعا وعبرت عنه صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية حينها قائلة إن وصفة إعداد الفوضى موجودة بالفعل، والمتمثلة في مزيج سام من أغلبية حاكمة ضئيلة للجمهوريين، وجناح يميني متطرف لا يتزحزح، ويزدري العمليات العادية للحكومة ورئيس لمجلس النواب كثيرا ما انصاع لتلك الجبهة في سعيه وراء السلطة.
ومساء الثلاثاء انتهت مسيرة مكارثي في المنصب على يد أنصار ترامب بعد أن صوت 216 عضوا على عزله من المنصب الذي قضى فيه 10 شهور فقط في سابقة تاريخية في البلاد.
aXA6IDE4LjExOC4xOTMuMjIzIA== جزيرة ام اند امز