سيناريو الدمار الاقتصادي الشامل.. تكلفة «حرب الجنوب» تدفع لبنان إلى الهاوية
4 أعوام متواصلة من السقوط المدوي للاقتصاد اللبناني، حيث توصف أزمته الاقتصادية بالأشد قسوة بمنطقة الشرق الأوسط خلال قرن مضى.
ويبدو أن حالة الترنح التي يعيشها الاقتصاد اللبناني المنهك لم تكن كافية على هذا البلد الذي وضعته الجغرافيا في أتون صراع سياسي وعسكري ضخم، ذلك الصراع الذي تدور وقائعه يوميا بين جماعة حزب الله وإسرائيل في وقت يعاني فيه لبنان من أزمات مالية واقتصادية طاحنة مما يزيد من حجم المخاطر التي قد تقود نحو 4 ملايين لبنانيا إلى الهاوية.
ويحذر الخبراء من اندلاع حرب شاملة، ستدفع لبنان الجزء الأكبر من تكلفتها، حيث يتبادل حزب الله إطلاق النار مع إسرائيل منذ بداية الحرب على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وقد تزايدت احتمالات التصعيد بعد أن هددت إسرائيل بضرب جماعة حزب الله بقوة إذ تتهمها بالتسبب في مقتل 12 طفلا وصبيا في هجوم صاروخي على ملعب كرة قدم في هضبة الجولان المحتلة. ورغم أن حزب الله نفى مسؤوليته عن الهجوم إلا أن إسرائيل لا تتوقف عن العبث بأمن المنطقة ومقدراتها.
دمار اقتصادي
الحرب الشاملة المتوقعة بين حزب الله ولبنان، سيتبعها بلا شك انهيار مالي واقتصادي ضخم، فلا يزال لبنان يعاني من تبعات انهيار مالي كارثي ضرب البلاد في 2019، في أعقاب فترة الإغلاق التي فرضها جائحة كورونا، فضلا عما تعرض له القطاع المصرفي من أزمات عنيفة.
ووفقا لتقرير رويترز، فقد نجم هذا الانهيار الاقتصادي عن ارتفاع معدلات الإنفاق والفساد الداخلي على مدى عقود، وهو ما أدى إلى غرق العملة المحلية وإفقار قطاع كبير من السكان وإصابة البنوك بالشلل، وترتب على ذلك أكبر موجة هجرة منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990.
ووصف البنك الدولي حالة الانهيار هذه بأنها واحدة من أشد فترات الكساد في العصر الحديث. وانخفضت قيمة إجمالي الناتج المحلي للبنان من 55 مليار دولار في 2018 إلى 31.7 مليار دولار في 2020. ولم تنفذ الحكومة الإصلاحات اللازمة للتعافي حتى الآن.
والعاملون في القطاع العام، الذين تقلصت رواتبهم، هم من بين أولئك الذين ما زالوا يشعرون بتأثير ذلك. وأعطت المساعدات المقدمة من قطر والولايات المتحدة دفعة طفيفة لأجور الجيش اللبناني، الذي يُنظر إليه منذ فترة طويلة على أن وجوده حيوي للحفاظ على السلم المدني.
تقرير البنك الدولي
وأصدر البنك الدولي تقريرا في مايو/أيار الماضي أوضح فيه أن استمرار الانكماش الاقتصادي أدى إلى تراجعٍ ملحوظٍ في الدخل المتاح للإنفاق.
وانخفض نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي بنسبة 36.5% بين عامي 2019 و2021،
وأعاد البنك الدولي في يوليو/تموز 2022 تصنيف لبنان ضمن الشريحة الدنيا من البلدان متوسطة الدخل، نزولاً من وضع الشريحة العليا من البلدان متوسطة الدخل.
وتجدر الإشارة إلى أن مثل هذا الانكماش القاسي يصاحب في العادة الصراعات أو الحروب.
وأكد أيضا استمرار تأثر لبنان بالأزمة وخلص البنك الدولي إلى أن معدل الفقر زاد بأكثر من ثلاثة أمثال في البلاد خلال العقد المنصرم ليصل إلى 44 بالمئة من السكان.
وجاء في التقرير أيضا أن واحدا من كل ثلاثة لبنانيين وقع في براثن الفقر في 2022 في خمس محافظات شملتها الدراسة، من بينها بيروت.
وبينما تقدم مطاعم بيروت الجديدة خدماتها للأغنياء، قال تقرير البنك الدولي إن ثلاثا من كل خمس أسر خفضت إنفاقها على الغذاء.
وقال صندوق النقد الدولي في مايو/أيار إن عدم اتخاذ إجراءات بخصوص الإصلاحات الاقتصادية الضرورية ما زال يلحق خسائر فادحة بالاقتصاد والسكان.
وأضاف أن النظام المصرفي يفتقر إلى استراتيجية ذات مصداقية وقابلة للتطبيق ماليا.
انهيار العملة الوطنية
واستكمل الاقتصاد اللبناني مسار التدهور مع انهيار العملة الوطنية بشكل دراماتيكي، لتفقد الليرة اللبنانية أكثر من 95% من قيمتها مقابل الدولار الأمريكي، وتنخفض من 1500 ليرة لبنانية للدولار الواحد في أكتوبر/تشرين الأول 2019 إلى قرابة الـ90 ألف ليرة للدولار حالياً، وقد تسبب هذا التراجع في تدمير القوة الشرائية لـ "اللبنانيين" الذين عاشوا تحت وطأة مستويات غير مسبوقة من ارتفاع أسعار الاستهلاك، حيث كشفت بيانات إدارة الإحصاء المركزي، أن أسعار المواد الغذائية في البلاد، سجلت ارتفاعات فاقت نسبتها الـ6000 بالمئة منذ ديسمبر 2019 وحتى عام 2023.
أزمة اللاجئين
أزمة جانبية أخرى تتعلق باللاجئين، فبعد مرور 13 عاما على اندلاع الصراع السوري، لا يزال لبنان موطنا لأكبر عدد من اللاجئين بالنسبة لعدد السكان في العالم، إذ يعيش على أراضيه نحو 1.5 مليون سوري نصفهم لاجئون مسجلون رسميا لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ويبلغ عدد السكان اللبنانيين نحو أربعة ملايين.
ويتراجع حجم التمويل المخصص للأزمة السورية، وهو ما يعكس معاناة المانحين الذين يتعاملون مع صراعات أخرى حول العالم. وعلى الرغم من خلافاتها، تتفق الأطراف من مختلف الأطياف السياسية في لبنان على ضرورة عودة السوريين إلى وطنهم.
aXA6IDMuMTM4LjEwMS4yMTkg
جزيرة ام اند امز