تونس إلى أين؟.. مخاوف من تكرار السيناريو اللبناني
تبحث تونس عن حلول محلية لتجاوز أزمتها المالية التي تضرب قطاعات عديدة من البلاد.
وتسعى السلطات التونسية للحصول على تمويل مباشر من البنك المركزي بأكثر من 2 مليار دولار، وتعرض مشروع قانون لتنقيح استثنائي يسمح للبنك المركزي بتمويل ميزانية الدولة في خطوة لقيت معارضة من محافظ البنك المركزي وخبراء الاقتصاد.
وتتجه حكومة تونس نحو تثبيت مطالب التمويل المباشر لخزينة الدولة عن طريق شراء سندات من البنك المركزي بدل اللجوء إلى الاقتراض من المصارف المحلية، بينما ترتفع حاجة الحكومة للقروض الخارجية في موازنة 2024 إلى أكثر من 5 مليارات دولار، منها حوالي 3.2 مليارات دولار .
وفي مايو/أيار الماضي، وقعت تونس على اتفاق تعبئة موارد بالعملة الصعبة بقيمة 400 مليون دينار، أي نحو 133 مليون دولار، حُصِّلَت من 12 مصرفاً محلياً.
ويرى مراقبون أن تواصل الاقتراض الداخلي يجب أن يكون مشروطاً أو سيؤدي إلى ارتفاع نسب التضخم الذي يبلغ حاليا 8.1%.
وقال الخبير في الاقتصاد ووزير التجارة التونسي الأسبق محسن حسن، أن اقتراض الدولة مباشرة من البنك المركزي تم اعتماده في عدة دول في العالم ولكن بشروط.
وفسر حسن ذلك لـ"العين الإخبارية" بأنه يجب أن يكون في حدود مضبوطة ويجب أن يوجه للاستثمار ولا يجب أن يصرف في الرواتب والأجور.
وأكد أنه في حال تم توجيه هذه الأموال لخلق الثروة ودفع التنمية سيكون ذلك أمراً جيداً وفيه نفع لتونس وللتونسيين، لكن إذا تم توجيه تلك الأموال لنفقات التصرف وصرف الأجور فإن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع نسبة التضخم.
وأوضح أن اللجوء المفرط للدين الداخلي سيضعف قدرة النظام البنكي على تمويل الاستهلاك والاستثمار .
ودعا إلى ضرورة الاعتماد على الإصلاحات الضريبية ومقاومة التهرب الضريبي والتي بإمكانها توفير تمويلات إضافية للميزانية.
وأكد الخبير في الاقتصاد أن الدولة التونسية مطالبة في ميزانية 2024 بتعبئة 11 مليار دينار (نحو 3 مليارات دولار) كقروض داخلية و 16 مليار دينار (نحو 5 مليارات دولار) كقروض خارجية، مشيراً إلى أن التمويلات الخارجية ستوجه في مجملها لسداد الديون الخارجية والمقدرة بـ15 مليار دينار.
من جهة أخرى، قال أستاذ الاقتصاد التونسي والخبير المالي رضا الشكندالي، أنه في حالة تخصيص الأموال للاستهلاك وتسديد الرواتب ستكون كارثة وستشهد بلاده تضخماً غير مسبوق.
وأكد لـ"العين الإخبارية" أنه يجب أن تخصص الأموال لتمويل المشاريع والاستثمار، وكذلك أن تكون محددة، وحسب الحاجة التي يتطلبها المسار الاقتصادي.
وأشار إلى أن "السياسة النقدية المنفردة أي استقلالية البنك المركزي التونسي لا يجب أن تتواصل نظراً لأن البنك والحكومة يجب أن يخلقا سياسة مشتركة للمشاركة في دفع النمو الاقتصادي للبلاد.
ونبه من تكرار السيناريو اللبناني بتونس في حال عدم قدرة الحكومة على سدّ الثغرات عن طريق مقاربة محاسبتية"، مؤكدا أن "المقاربة الاقتصادية هي الحل الأمثل لدفع النمو الاقتصادي".
وحذر محافظ البنك المركزي في عام 2022 من أن خطط الحكومة لمطالبة المركزي بشراء سندات خزانة لها مخاطر حقيقية على الاقتصاد، بما في ذلك مزيد من الضغط على السيولة وارتفاع التضخم وانخفاض قيمة العملة التونسية.
وقال إن التمويل المباشر للميزانية من قبل البنك المركزي سيرفع التضخم بشكل لا يمكن السيطرة عليه وقد يصل إلى ثلاثة أرقام، محذراً من أن ذلك قد يقود إلى"تكرار السيناريو الفنزويلي في تونس".
وعانى التونسيون من تداعيات التضخم على معيشتهم، حيث تشهد الأسواق ارتفاعا تاريخيا للأسعار.
وفي 23 يناير/كانون الثاني الجاري، قالت وزيرة المالية التونسية سهام البوغديري إن تونس تمكنت من سداد جميع ديونها المحلية والخارجية لعام 2023 رغم الضغوط الهائلة على ماليتها العامة.
aXA6IDMuMTM1LjIwOS4xMDcg جزيرة ام اند امز