إخوان تونس والرئاسيات.. مناورة التسلل للقصر في «جيب» الشابي؟
حسم إخوان تونس موقفهم من الانتخابات الرئاسية المقررة خريف العام الجاري بالإعلان عن الانخراط فيها عبر دعم مرشح واحد.
لكن خلف الوضوح البادي لموقف جماعة الإخوان المصنفة إرهابية في عدد من الأقطار العربية، ثمة ظلال بشأن فرس الرهان الذي ستعتمد عليه قيادات حركة النهضة، جناحها السياسي بتونس.
ولا يزال من غير المعروف ما إذا كانت الجماعة ستعلن عن دعم مرشح وإن استبعد الخبراء الإقدام على الخطوة لكن المؤكد أن الجماعة أقدمت على مناورة أخرى بتغيير اسمها واسم مجلس شوراها لتقديمها كحزب مدني في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
ومنذ أيام قليلة أكد القيادي في حركة النهضة رياض الشعيبي أن حزبه معني بالانتخابات الرئاسية عن طريق دعم مرشح واحد.
ويرى مراقبون للمشهد السياسي التونسي أن النهضة تتكتم على اسم مرشحها لكن أحمد نجيب الشابي رئيس جبهة الخلاص الموالية للإخوان يعد الأبرز نظرا لعدم انتمائه للتنظيم ظاهريا وتحالفه معها.
وقال الناشط السياسي التونسي عبد الرزاق الرايس إن النهضة منذ وصولها للحكم عام 2011 بعد سقوط نظام زين العابدين بن علي لم ترشح أي إخواني لمنصب رئيس الجمهورية ما عدا نائب رئيس حركة النهضة عبد الفتاح مورو في الانتخابات الرئاسية عام 2019.
وأكد في حديث لـ"العين الاخبارية" أنه في عام 2011، لم ترشح النهضة أي اسم إخواني بل دعمت محمد المنصف المرزوقي رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية حينها لرئاسة، وفي انتخابات 2014، لم تقدم مرشحا أيضا.
وأوضح أن النهضة لم يكن يعنيها منصب الرئاسة باعتبار أنها منذ وصولها للحكم غيرت نظام الحكم من رئاسي إلى شبه برلماني وكانت تلعب في حدود زاوية البرلمان من أجل تمرير مخططاتها عبر نصوص القانون والفصول التي تتم المصادقة عليها من أجل مصالحها الذاتية الضيقة.
وأشار إلى أنه خلال السنوات العشر الماضية كان منصب رئيس الجمهورية مهمشا دون صلاحيات ولا يغري أحدا لتقلده حيث كان الجميع يتهافتون على الانتخابات التشريعية من أجل الظفر بمقعد، لكن منذ تغيير الدستور في 25 يوليو/تموز 2022، إثر إجراء استفتاء، أصبح نظام الحكم في تونس رئاسيا.
وأوضح أنه "عندما رشحت حركة النهضة في عام 2019 عبد الفتاح مورو لمنصب الرئاسة لم تدعمه بالقدر الكافي نظرا للصراعات التي كانت موجودة داخل الحزب".
من جهة أخرى، يعتقد الرايس أن النهضة لن ترشح أي إخواني من داخل الحركة بل ستطرح مرشحا من خارجها ظاهريا لكنه يصطف معها في قراراتها مثل أحمد نجيب الشابي رئيس حزب الأمل ورئيس جبهة الخلاص الموالية للإخوان.
وأكد أن النهضة تدرك جيدا أنها ملفوظة شعبيا وبأنها لن تحظى بثقة التونسيين باعتبارها المسؤولة عن أزمات البلاد الاقتصادية والاجتماعية والاغتيالات والإرهاب والفساد المالي .
وأوضح أنه رغم إعلان بعض الترشحات، فإن طريق قيس سعيد للفوز معبد ولا يتوقع أن يواجه صعوبة أو منافسة في الإطاحة بمنافسيه.
من جانبه، قال قيس القروي الناشط السياسي التونسي إن "النهضة ليس لديها أي حظ في الفوز"، موضحا أن أحمد نجيب الشابي فقد سبق أن ترشح في انتخابات 2014 وخسر ولم يحصد سوى 1.4%".
واكد لـ"العين الإخبارية" أن "تلك الطبقة السياسية الموجودة في تونس منذ 30 عاما أفلست ولم تعد قادرة على أن تواصل بنفس الأفكار السابقة".
واعتبر القروي أن الرئيس الحالي قيس سعيد هو المرشح الأبرز الذي سيفوز بالاقتراع.
وأكد أن "مشروع سعيد الإصلاحي الذي بدأ منذ 25 يوليو (تموز) 2021 يجب أن يتواصل من أجل إنقاذ البلاد، لذلك ينبغي أن يفوز الرئيس بالانتخابات المقبلة".
واعتبر أن "الساحة السياسية في تونس تشهد "حالة تصحر"، لأن الطبقة السياسية أصبحت مستهلكة وانتهت، لذلك يجب إعطاء المشعل للأجيال الجديدة.
أحمد نجيب الشابي
وأحمد نجيب الشابي هو رئيس حزب "الأمل" ذي التوجه الاشتراكي القومي، ويحاول يائسا الوصول إلى السلطة، ويعتقد أن تحالفه مع الإخوان سيجعل منه رمزا سياسيا ينافس قيس سعيد في الانتخابات الرئاسية المقبلة لعام 2024، على ما يقول مراقبون.
لكنه أخفق كعادته في أن يتحول إلى رجل سياسة قادر على تجميع القوى التقدمية والحداثية وكل من يشاركونه الفكر والانتماء، فكان أن تراجع بخطوات نسفت تاريخه السياسي حين قرر التحالف مع الأحزاب الإخوانية.
وتضم جبهة "الخلاص" 10 مكونات سياسية موالية للجماعة (5 أحزاب و5 تنظيمات)، من بينها حركة النهضة، وقلب تونس (حزب نبيل القروي) وائتلاف الكرامة الإخواني، وحراك تونس الإرادة (حزب الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي) وحزب الأمل، بالإضافة إلى 5 مجموعات سياسية أخرى منها "مواطنون ضد الانقلاب" و"توانسة من أجل الديمقراطية" (أنصار الإخوان).
وانتُخب قيس سعيد رئيسا في أكتوبر /تشرين الأول 2019، وفاز في الدور الثاني لهذه الانتخابات، بعد منافسة مع نبيل القروي مرشح حزب "قلب تونس".
وتمتد الولاية الرئاسية بحسب الدستور التونسي على مدى خمس سنوات (2019 – 2024).
وسبق أن قال الرئيس التونسي قيس سعيد في خطابات سابقة ''هناك من يدعون اليوم أنهم من جبهة الإنقاذ والخلاص وكان حرّي بهم إنقاذ أنفسهم من الفساد.. هؤلاء كانوا يتعاملون مع عملاء في الخارج وهذا موثق"، في إشارة إلى جبهة الخلاص الإخوانية.
وأكد سعيد حينها أن الجميع في سباق ضد الساعة لصناعة تاريخ جديد لتونس، منتقدا العديد من الأطراف و''مواقفهم التي أبرزت عمالتهم وخيانتهم في العديد من المناسبات وارتموا في أحضان الخارج..''، وفق تعبيره.
aXA6IDMuMTQ3LjgyLjI1MiA= جزيرة ام اند امز