"كوب 27" والمناخ.. هل يحقق العالم الأهداف؟
بعد أسبوعين من الجلسات الجادة وتعهدات التمويل والمبادرات الخضراء، يترقب العالم أن تتوصل "كوب 27" لاتفاق نهائي ملزم من أجل المناخ.
الكوكب والبشرية ينتظران منح الإقلاع نحو مستقبل نظيف بلا انبعاثات كربونية وكوارث مناخية، لكن لا يزال العالم يخشى أن تظل المسودات النهائية لاتفاقات المناخ وما يتم إقراره من توصيات ومخرجات قيد أدراج المجتمع الدولي.. فهل تُحدث الدورة الـ27 من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ والتي استضافتها مصر في الفترة من 6 – 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، التغيير المنتظر والبناء على مخرجاتها للتحول لمرحلة الالتزام بتنفيذ التعهدات وتسريع العمل المناخي وتوفير التعويضات والتمويل الذي تحتاجه الدول النامية والفقيرة للتعافي من الخسائر والأزمات المناخية العاصفة؟
"رويترز" حاولت الإجابة على هذا التساؤل عبر عرضها لنقاط شائكة، ربما تحتاج لدورة جديدة من مؤتمر المناخ، وإلى أن تنعقد، سيكافح العالم لعام آخر التغير المناخي وتداعياته المؤلمة، وتتمثل تلك النقاط فيما يلي:
حجم الخسائر والأضرار
أكبر عائق في محادثات هذا العام هو تمويل "الخسارة والضرر" للبلدان المنكوبة بفعل التأثيرات المناخية وهو المطلب الأساسي للدول النامية.
وتضمن جدول الأعمال هذا العام تلك القضية لأول مرة في محادثات الأمم المتحدة المناخ التي تقام سنويا منذ عقود. لكن أسبوعين من المفاوضات لم يشهدا تقدما يذكر نحو تقريب وجهات النظر، وبقى الأمر عند مرحلة التعهدات.
وتقول الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والاقتصادات الصناعية الأخرى إنها مستعدة لمناقشة توجيه مثل ذلك التمويل عبر البرامج والمؤسسات القائمة. لكنهم لا يريدون في "كوب27" إنشاء صندوق خاص لذلك الهدف. فيما تريد البلدان النامية الاتفاق فورا على إنشاء صندوق مخصص لذلك الغرض.
وحتى إذا وافقت الدول على إنشاء صندوق خاص، فسيترتب على ذلك بدء عملية تستمر عامًا أو عامين للاتفاق على تفاصيل آلية التمويل ومقداره والجهات الممولة.
"توديع" الوقود الأحفوري.. مآلات وفرص
فيما يتعلق بتعهدات حكومات العالم بمغادرة حقبة الوقود الأحفوري، وتسريع الانتقال الطاقوي النظيف رغم أزمات الطاقة العالمية الراهنة، اقترحت الهند التي تعتمد على الفحم فكرة تغيير صياغة اتفاق جلاسكو للمناخ الذي يدعو إلى تقليل استخدام الفحم تدريجيا لتشمل جميع أنواع الوقود الأحفوري، وهو ما سيشكل مزيدًا من الضغط على الدول المعتمدة على النفط والغاز.
وفي "كوب26" العام الماضي، نجحت مساعي الهند والصين ودول أخرى في تخفيف الصياغة لتصبح "التقليص التدريجي" بدلا من "التخلص التدريجي".
وحظي التنقيح المقترح للصياغة هذا العام لتشمل كل أنواع الوقود الأحفوري بدعم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول معرضة للتأثر بكوارث تغير المناخ بما في ذلك دول جزرية. لكن الدول المنتجة للنفط ما زالت تعارض هذه الصياغة.
الأهداف المناخية.. ومعضلة "تخفيف" المخاطر
يتمحور هذا الجهد حول مقدار التدقيق الذي يجب أن تخضع له الإجراءات التي تتخذها كل دولة للتأكد من أنها تحقق أهداف المناخ.
وفي كوب26، أقر المفاوضون بضرورة تقليص انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري عالميا بحلول عام 2030 بنسبة 45% عما كانت عليه عام 2010 وذلك للحد من متوسط ارتفاع درجة حرارة الكوكب عند 1.5 درجة مئوية.
ويقول العلماء إن الحد البالغ 1.5 درجة مئوية مهم لتجنب أسوأ آثار لتغير المناخ. وارتفعت درجات الحرارة بالفعل 1.1 درجة مئوية.
لكن مع استمرار زيادة الانبعاثات عالميا، اقترح المفاوضون ما يسمى "برنامج عمل للتخفيف"، وهو عبارة عن عملية فنية لمراجعة مستوى التقدم بصفة دورية.
ويريد الاتحاد الأوروبي عملية طويلة الأمد تركز على قطاعات معينة كثيفة التلويث، لكن آخرين مثل الصين يريدون عملية أقصر أجلا وأوسع نطاقا لتتبع مستوى التقدم.
وتعارض الهند ودول نامية أخرى أي محاولة لتطوير مثل هذا البرنامج الذي لا يصاحبه دعم مالي وتقني يساعدهم على خفض انبعاثاتهم.
ومن ناحية أخرى، تواجه الدول ضغوطا لتعزيز أهدافها المناخية قبل دورة العام المقبل من محادثات الأمم المتحدة للمناخ (كوب28) التي تستضيفها دولة الإمارات. فهل ستتأجل إطلاق عملية "المناخ المستدام" عامًا آخر انتظارًا؟ لكن كم ستكون تكلفة ذلك؟ هذا ما سيجيب عليه الطقس من ناحية، وممارسات حكومات العالم من ناحية أخرى على مدار 12 شهرًا مقبلة.