COP28.. أول تقييم لاتفاق باريس وتكتل عالمي لمواجهة تغير المناخ
أدت موجات الحرارة غير المسبوقة التي ضربت مناطق مختلفة في دول عدة خلال شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب الماضيين، إلى اضطرابات كبيرة عالميا.
فقد تسببت موجات الحرارة في اندلاع حرائق الغابات وشح المياه والغذاء وأعاصير راح ضحيتها الآلاف من البشر، ما عزز وتيرة تزايد الطموحات العالمية بالحلول الفاعلة التي سيتخذها قادة العالم بشأن مواجهة التغير المناخي خلال مشاركتهم في مؤتمر الأطراف "COP28" الذي تستضيفه مدينة "إكسبو دبي" خلال المدّة من 30 نوفمبر/تشرين الثاني حتى 12 ديسمبر/كانون الأول 2023.
وتمثل هذه النسخة من مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ نقطة فارقة في تاريخ مواجهة التغير المناخي، وذلك بعد اتفاق باريس "cop21" الذي عقد في فرنسا عام 2015، وهو أول اتفاق عالمي ملزم قانونياً بالعمل على الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري بأقل من 2 درجة مئوية ومواصلة الجهود لحصر ارتفاع درجة الحرارة في حد لا يتجاوز 1.5 درجة مئوية، مقارنة بمستوى ما قبل الثورة الصناعية.
حلول التكيف
توصلت الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ "cop" خلال اجتماعها في باريس عام 2015 "cop21" إلى اتفاق تم وصفه بـ "التاريخي"، يستهدف تعزيز الاستجابة العالمية لخطر تغير المناخ عن طريق الحفاظ على ارتفاع متوسط درجات الحرارة العالمية خلال هذا القرن دون درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية ومواصلة الجهود للحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى أبعد من ذلك إلى 1.5 درجة مئوية.
وتمثلت أبرز بنود اتفاق باريس في مواجهة مشكلة انبعاثات الغازات الدفيئة، وإيجاد حلول للتكيف معها، والتخفيف من حدة ضررها على البيئة، ومطالبة الدول الصناعية بتيسير نقل التكنولوجيا والتكيف مع الاقتصاد الخالي من الكربون. ونص الاتفاق على إجراء عمليتي مراجعة، كل واحدة على مدى خمس سنوات حتى 2025.
- أغرب تداعيات تغير المناخ.. منتجع إيطالي يتزحزح إلى سويسرا بين ليلة وضحاها
- لماذا يضرب الجفاف المناطق الأكثر فقرا في العالم؟.. دراسة تجيب
وقد دخل اتفاق باريس حيز التنفيذ في عام 2016 بعد توقيع 195 دولة منضمة لاتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي على الاتفاقية في ديسمبر/كانون الأول 2015 وصادقت عليها 191 من أصل 197 دولة.
وتبدأ في "cop28" أول عملية تقييم عالمية لمدى التقدم المحرز في تنفيذ أهداف اتفاق باريس، وهي آلية قياس ترصد تقدم الدول على صعيد وفائها بالتزاماتها المناخية، وهي عملية ستشجع البلدان على اتخاذ إجراءات مناخية طموحة تحافظ على ارتفاع درجة الحرارة دون 1.5 درجة مئوية.
تصحيح المسار
وقالت الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي عبر موقعها الإلكتروني":" يجب أن يكون مؤتمر الأمم المتحدة الثامن والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "cop28"، النقطة التي نبدأ منها تصحيح المسار".
وأشارت تقديرات خدمة كوبرنيكوس لتغير المناخ (C3S) إلى أن شهر أغسطس/آب 2023 كان أكثر دفئاً بنحو 1.5 درجة مئوية من متوسط درجة الحرارة في فترة ما قبل العصر الصناعي ما بين 1850-1900.
ووصف أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، أزمة المناخ بـ "أنها فتحت أبواب جهنم"، مضيفاً في افتتاح "قمة المناخ"، التي عقدت على هامش الدورة الـ 78 من الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي بمدينة نيويورك الأمريكية، "إنه ما زال بإمكاننا الحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية لتبقى عند 1.5 درجة مئوية. ولا يزال تعزيز الاستجابة العالمية لخطر التغير المناخي صعباً للغاية خاصة في الدول الفقيرة لحاجتها إلى التمويل كما أن تنفيذ الوعود المناخية بخفض الانبعاثات الكربونية والاعتماد على الطاقة النظيفة صعب لمعظم الدول خاصة الفقيرة".
وفي سبتمبر/أيلول من العام 2021، قال تيدروس أدهانوم مدير منظمة الصحة العالمية:" إن التعرض للهواء الملوث يتسبب في وفاة سبعة ملايين شخص كل سنة حول العالم. وأنه منذ عام 2005 "تراكمت مجموعة كبيرة من الأدلة، توضح بدرجة أكبر مدى تأثير تلوث الهواء على كل أجزاء الجسم من الدماغ، إلى الجنين في رحم الأم، حتى بمعدلات تركيز أقل مما كان ملحوظا في السابق".
وتقول الأمم المتحدة على موقعها الإلكتروني: "الطاقة في صميم التحدي المناخي وهي مفتاح الحل"، مشيرة إلى أن الوقود الأحفوري، مثل الفحم والنفط والغاز، يعد إلى حد بعيد أكبر مساهم في تغير المناخ العالمي، إذ يعد مصدر أكثر من 75% من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية وحوالي 90% من جميع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
وتؤكد المنظمة أنه لتجنب أسوأ آثار تغير المناخ، يجب خفض الانبعاثات بمقدار النصف تقريباً بحلول عام 2030 والوصول بها إلى مستوى الصفر بحلول عام 2050، منوهة إلى أن العالم يحتاج، لتحقيق هذه الجهود، إلى التخلص من الاعتماد على الوقود الأحفوري والاستثمار في مصادر بديلة للطاقة تكون نظيفة ومتاحة وفي المتناول ومستدامة وموثوقة.
وتابعت: "لا يزال الوقود الأحفوري يمثل أكثر من 80% من إنتاج الطاقة العالمي، لكن مصادر الطاقة الأنظف تزداد قوة، فحوالي 29% من الكهرباء تأتي حاليًا من مصادر متجددة".