«نداء أبوظبي للعمل».. ضربة COP28 «القوية» لجرائم المناخ
أفاد برنامج الأمم المتحدة للبيئة بأن العدد الإجمالي للقضايا المعروضة على المحاكم بشأن تغير المناخ تضاعفت منذ عام 2017، وهي نسبة آخذة في الازدياد في جميع أنحاء العالم.
ويطرح مؤتمر الأطراف COP28، الذي تستضيفه مدينة إكسبو دبي وتستمر فعالياته حتى 12 ديسمبر/كانون الأول الجاري، عشرات القضايا التفصيلية الخاصة بالعمل المناخي، بينها التصدي لجرائم المناخ والبيئة.
وتسعى دولة الإمارات من خلال المؤتمر، حسب بيانات رئاسة COP28، لوضع أطر تنفيذية وإطلاق مبادرات قابلة للتطبيق بشأن العمل المناخي، مستندة إلى الطرح الواقعي الجاد والعمل لتوافق الآراء وضم الجميع للتصدي لمهمة "إنقاذ كوكب الأرض".
وفي سابقة مهمة بمؤتمرات المناخ جاء إطلاق "نداء أبوظبي للعمل"، بهدف تعزيز وتوسيع دور أجهزة إنفاذ القانون في مكافحة الجرائم البيئية والمتعلقة بالمناخ.
تأمين العمل المناخي والعدالة
التقرير الحديث الذي أصدره برنامج الأمم المتحدة للبيئة بالاشتراك مع "مركز سابين لقانون تغير المناخ" بجامعة كولومبيا، في يونيو/حزيران الماضي وحمل عنوان: "التقرير العالمي للتقاضي بشأن المناخ: استعراض الحالة لعام 2023" أكد أن التقاضي المناخي أصبح جزءاً لا يتجزأ من تأمين العمل المناخي والعدالة.
واتساقا مع العمل الأممي ضمن جهود العمل المناخي وتحقيق العدالة المناخية وضمن فعالياته وجلساته الديناميكية التي لا تتوقف، بحث مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP28" دور قوى إنفاذ القانون في حماية التنوع البيولوجي وضمان التعافي المناخي، وذلك بتنظيم من وزارة الداخلية.
جاء ذلك خلال المنتدى الوزاري برئاسة الفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية، لبحث التحديات من منظور المسؤولين والعاملين في مجال إنفاذ القانون، لضمان مستقبل أفضل وأكثر استدامة للبشرية.
وأشار الفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان خلال المنتدى إلى التزام دولة الإمارات بمواجهة التغير المناخي، حيث أنشأت شراكة مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، نتج عنها إطلاق "المبادرة المناخية الدولية لإنفاذ القانون I2LEC"، الخاصة بالتغيرات المناخية لمؤسسات إنفاذ القانون، ضمن جهود متواصلة ومشاريع ومبادرات متلاحقة ستستمر خلال الفترة 2023-2025 وما بعدها.
وأوضح أن إطلاق "نداء أبوظبي للعمل"، بهدف تعزيز وتوسيع دور أجهزة إنفاذ القانون في مكافحة الجرائم البيئية والمتعلقة بالمناخ، وقد حصل بعد ثلاثة أشهر من المفاوضات، على ترحيب ودعم واسع، تجلى بدعم خمس منظمات شرطية إقليمية، وخمسين جهة إنفاذ قانون حول العالم".
التزام وقدرة
تقول المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، إنغر أندرسن "إن سياسات المناخ تتخلف بصورة كبيرة عن المطلوب للحفاظ على درجات الحرارة العالمية دون عتبة 1.5 درجة مئوية، في حين أن الظواهر الجوية الشديدة والحرارة الشديدة تزيد من حرارة كوكبنا بالفعل‘‘.
وأضافت أندرسن أن الناس يلجؤون بشكل متزايد إلى المحاكم لمكافحة أزمة المناخ، ومحاسبة الحكومات والقطاع الخاص وجعل التقاضي آلية رئيسية لضمان العمل المناخي وتعزيز العدالة المناخية.
هذا الجانب المهم من العمل المناخي دفع COP28 وبالأحرى جهود العمل المناخي لدولة الإمارات عموما بالعمل لإنشاء شراكة بتمثيل واضح للدول من القارات المختلفة، لتعكس وجهات النظر، وتعمل على إيجاد نتائج حيوية بناءً على معلومات وبيانات واقعية.
وأكد الفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان: "على مدى تسعة أشهر، بذلت فرق العمل من مختلف المنظمات الدولية، جهوداً استثنائية، وأثمر تعاونها الوثيق عن مخرجات واضحة لسبع مبادرات رئيسة، بالشراكة مع منظمات دولية وإقليمية، شرطية وبحثية.
واعتبر أن "هذا الإنجاز ليس فقط شهادة على التزامنا المشترك في التصدي لتداعيات التغيرات المناخية، بل يعد أيضاً دليلا على قدرتنا في تحقيق التغيير الإيجابي، عندما نعمل معاً بروح الشراكة الفاعلة".
آليات عمل ونتائج مثيرة
تقع معظم النزاعات الجارية المتعلقة بالمناخ في واحدة أو أكثر من الفئات الست التالية:
- النزاعات التي تستند إلى حقوق الإنسان المنصوص عليها في القانون الدولي والدساتير الوطنية.
- التحديات المتعلقة بعدم إنفاذ قوانين وسياسات المناخ على المستوى الوطني.
- المدعون الذين يسعون إلى الاحتفاظ بالوقود الأحفوري في باطن الأرض.
- الدعوة إلى المزيد من الكشف عن المعلومات المتعلقة بالمناخ ووضع حد للغسل الأخضر.
- مطالبة الشركات بالمساءلة وتحمل المسؤولية عن الأضرار المناخية.
- المطالبات التي تتناول الإخفاقات في التكيف مع آثار تغير المناخ.
واستباقا لانعقاد لجنة منع الجريمة والعدالة الجنائية عام 2024 في فيينا، عملت دولة الإمارات في هذا الإطار ضمن جهودها المناخية وCOP28 مع معهد بحوث النظم البيئية "إسري ESRI" على مسارين مهمين:
الأول: "نموذج تقييم الاستعداد العالمي"، الذي يوضح مدى استعداد الدول والمجتمعات لمواجهة الجرائم البيئية وآثارها عبر الاستبيانات وجمع البيانات، وذلك لرسم خريطة طريق لبناء القدرات بشكل منهجي.
والثاني: إنشاء "الخريطة الحرارية للجرائم البيئية"، التي تعرض للمرة الأولى تأثيرات الجرائم البيئية على تغير المناخ بنطاقه العالمي.
وأظهر نموذج العمل الإماراتي بعض النتائج المبدئية المثيرة للقلق على النحو التالي:
- وجود أدلة واضحة على أن الجرائم البيئية ترتبط بجرائم متنوعة، مثل غسل الأموال، والاتجار بالبشر، والاتجار بالمخدرات.
- عائدات الجرائم البيئية التي تشكل مصدر تمويل لمرتكبي الجرائم المنظمة، والإرهابيين، والجماعات المتمردة، مؤثرة بذلك سلباً على تطور المجتمعات ونهضتها.
- تقديرات بأن التجارة غير المشروعة في منطقة صغيرة بأفريقيا، تدر وحدها ما بين (8.75) مليون إلى (16) مليون دولار شهرياً للمنظمات الإجرامية.
- جريمة الاتجار بالبشر المرتبطة بالتغير المناخي بسبب نزوح المجتمعات كانت خلال الفترة الماضية الأكثر شيوعاً في كل من أفريقيا، وأمريكا الجنوبية، وجنوب شرق آسيا
- كشفت الخريطة أن الأنهار الألف في أنحاء العالم المختلفة، والمسؤولة عن نحو (80%) سنوياً من التلوث البلاستيكي في بحار الكرة الأرضية، تكشف واقعاً مؤلماً، وقصة معكوسة ومأساوية حول سلبية التأثير البيئي لإنتاج الدول المتقدمة صناعياً ونفاياتها، ودوره في زيادة ثقل الضغط البيئي على كاهل الدول الفقيرة المستهلكة، وهو ما توضحه النقاط الساخنة على الخريطة الحرارية حول المناطق في جنوب شرق آسيا وشرق أفريقيا.
إنجازات مبادرة "I2LEC" المناخية لإنفاذ القانون
في إطار العمليات الميدانية التي تم تضمينها في "I2LEC"، جرى تنفيذ عمليتين ميدانيتين في نيجيريا والبرازيل وبوليفيا والباراغواي، كما بدأ العمل مع شرطة الأمم المتحدة في الشهور السابقة على منظومة إعداد وتأهيل ضباط شرطة الأمم المتحدة العاملين في مناطق النزاع.
وكشفت الدكتورة غادة والي، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة، والمديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أن بعض الإنجازات الرئيسة التي حققتها مبادرة "I2LEC" منذ إطلاقها في القمة العالمية للحكومات في دبي في شهر فبراير/شباط من هذا العام، إنشاء مجموعة عمل عالمية تابعة للمبادرة تضم أصحاب المصلحة العالميين الرئيسيين لتعزيز تبادل الممارسات المتعلقة بتخفيف تغير المناخ والتأهب له.
وأشارت إلى إنشاء لجنة تسيير مبادرة "I2LEC" لجمع الخبرات المتخصصة لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، إلى جانب المنظمات الرئيسة الأخرى مثل:"الإنتربول"، ومعهد "ESRI"، ووحدة البيئة المشتركة للأمم المتحدة، ووزارة الداخلية في دولة الإمارات.
وحول الإنجازات التي تم تحقيقها قالت الدكتورة والي إنها تتضمن:
- تطوير أول برنامج تدريبي عبر الإنترنت حول تغير المناخ العالمي بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة، ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، لتزويد المستجيبين الأوائل بالمعرفة والمهارات المناسبة للتخفيف من تأثير الكوارث البيئية.
- إطلاق خريطة الطريق "I2LEC 2023-2025"، التي تضم خمس مبادرات رئيسية تهدف إلى تمكين وكالات إنفاذ القانون في جميع أنحاء العالم على معالجة أزمة المناخ بشكل فعال، بما في ذلك تقييمات التأهب، ورسم خرائط الجرائم التي تؤثر على البيئة، وتوفير التدريب لوكالات إنفاذ القانون، وإصدار البحوث والنتائج الأولية للتقييم العالمي للدور المتطور لوكالات إنفاذ القانون في سياق تغير المناخ.
وأكدت دعمها لدعوة الفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية بدولة الإمارات، الجهات والمؤسسات المختصة بإنفاذ القانون كافة لدعم "نداء أبوظبي للعمل"، وتعزيز دور القانون ووكالات إنفاذه في مكافحة الجرائم التي تمس البيئة.
وقالت: "يحرص مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة على مواصلة العمل مع شركائنا في المبادرة خلال الفترة المقبلة عبر الجمع بين نقاط قوتنا، ويعمل لتقديم المساعدة التقنية بشأن الجرائم التي تؤثر على البيئة في أكثر من (40) دولة، بما في ذلك بناء القدرات في مجال إنفاذ القانون.
وأوضحت أنه على مدى السنوات الثلاث الماضية، أسهم المكتب في تفكيك (44) شبكة ضالعة في الاتجار بالحياة البرية والأخشاب، كما يعزز المشروع الإقليمي لإنفاذ القانون بشأن الحياة البرية التعاون بين سلطات إنفاذ القانون.