التسامح والعمل المناخي.. جناح الأديان في COP28 نموذج «الأمل والعمل»
الأزهر والفاتيكان وقعا إعلاناً لدعم العمل المناخي
"التسامح والتعايش بين البشر هو الضامن لاستدامة النمو والاستقرار والسلام العالمي".. وفق هذه الرؤية لقيادة دولة الإمارات، تتشارك رئاسة COP28 وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة ومجلس حكماء المسلمين في استضافة جناح الأديان في COP28، وهو أول جناح من نوعه في COP.
يستضيف جناح الأديان حلقات نقاش مع شخصيات دينية وعلماء وقادة سياسيين، بالإضافة إلى تشجيع الحوار بين الأجيال الذي يضم القادة الدينيين الشباب وممثلي السكان الأصليين.
وتكمن أهمية هذا الجناح في أهم حدث مناخي عالمي في امتلاك المؤسسات الدينية شبكات واسعة ومصداقية داخل المجتمعات، مما يعزز الثقة والقدرة على تعبئة الموارد والدعم، مما يجعلها عبر بوابة "التسامح" داعما قويا للعمل الناخي لصالح البشرية على قدر تنوعها.
ويمكن أن يكون تأثيرها على سلوكيات الناس وعقلياتهم مفيدا في تعزيز الممارسات المستدامة، مثل الإدارة المسؤولة للموارد، والحفظ، وبناء قدرة المجتمع على الصمود.
ومن خلال حملات التثقيف والتوعية، يمكن للجماعات الدينية أن تنشر بفاعلية المعرفة بشأن استراتيجيات التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره، وتمكين المجتمعات المحلية من مواجهة التحديات البيئية.
وتدعو الجماعات الدينية إلى التعاطف والعدالة والإشراف على الناس والكوكب، ولديهم روابط عميقة والتزام برعاية البيئة.
وتوفر هذه الروح المشتركة أساساً متيناً للمنظمات الدينية للمشاركة بنشاط في حل الأزمات الاجتماعية والبيئية التي يحفزها تغير المناخ.
الصمود وبناء المستقبل
ويدفع تركيز المنظمات الدينية على المسؤولية الأخلاقية غالبا إلى دعم المجتمعات الضعيفة المتضررة من النزاعات والجوع الناجم عن المناخ. وهي تقدم المعونة، وتدعو إلى السياسات التي تعالج الأسباب الجذرية للنزاعات، وتيسر برامج الأمن الزراعي والغذائي المستدامة.
علاوة على ذلك، تعمل المؤسسات الدينية كبوصلات أخلاقية، تدعو إلى التسامح والسلام والحوار والمصالحة في المناطق التي تتصارع مع الصراع الذي تغذيه الضغوطات البيئية.
ومن خلال تعزيز الحوار بين الأديان، تعمل هذه المجموعات على تعزيز الوحدة والقدرة على الصمود والمسؤولية المشتركة في معالجة الصراعات الناجمة عن المناخ، وبالتالي تعزيز الاستقرار على المدى الطويل.
وتقول الخبيرة ورائدة العمل المناخي، كاثرين هايهو: "تجلب المجتمعات الدينية والدينية إحساسا بالأمل والقدرة على الصمود في مواجهة التحديات الهائلة التي نواجهها".
وتضيف: "لقد حان الوقت للمجتمع العالمي للاعتراف بالمنظمات الدينية ودعمها والتعاون معها، والاستفادة من قيمها وتأثيرها للتصدي بفعالية لآثار تغير المناخ على الصراع والجوع".
رؤية الإمارات حول "التسامح والمناخ"
وحسب البوابة الرسمية لحكومة دولة الإمارات التي تستضيف النسخة الأحدث من مؤتمر الأطراف فإن قيادة دولة الإمارات تستهدف إيجاد مستقبل أفضل للأجيال الحالية والمستقبلية، ومن هنا تنتهج في سياستها تبني دور القيادات الدينية وتلاقي الأديان كأمر ضروري في التنقل في الشبكة المعقدة من التحديات التي يفرضها المناخ المتغير، مما يضمن عالما أفضل وأكثر انسجاما للأجيال الحالية والمستقبلية.
ومع هذه السلبيات التي تشهدها أرضنا وكائناتها الحية وأكثر يقف وراءها جميعاً نشاط البشر، سلوك البشر غير المستدام في الإنتاج والاستهلاك قد يراه كثيرون طبيعيا ومنطقيا، مرتكنين إلى تخيل بأن موارد الطبيعة لا تفنى، وأن قيمتها أيا كانت أقل بكثير من حياة إنسان غير مدركين أنها أساس هذه الحياة.
بالإضافة إلى عدم تسامح يتسم به سلوك الكثيرين تجاه البيئة سواء بعدم وعي أو رغبة في النمو وتحقيق المكاسب الاقتصادية، عدم تسامح خلف انقراض لحيوانات عدة، واختفاء لنباتات أكثر، وشح في موارد الطبيعة، وخلال العقود الأخيرة تفاقمت حدة في تداعيات التغير المناخي.
إن التسامح يبدأ بتعاملنا مع البيئة ومكوناتها، وقدرتنا على حمايتها وتحقيق منظومة الإنتاج والاستهلاك المستدامين سيخلق متجمع صحي من الناحية النفسية والجسدية، ما سينعكس إيجابيا على سلوك البشر مع بعضهم، ويمهد الطريق لقادة ومسؤولي كل دولة على تحقيق التعايش والتسامح بين سكانها كافة، الأمر الذي انتهجته دولة الإمارات.
وترسل دولة الإمارات باستضافة هذا جناح الأديان لأول مرة في تاريخ مؤتمرات المناخ، للعالم أجمع، رسالة محبة ودعوة لنبذ التطرف عبر استضافتها لقطبي الإسلام والمسيحية، فإنها ترسل ومنذ سنوات رسائل للمجتمع الدولي بأهمية وكيفية التسامح مع البيئة، رسائل تشمل تطبيق تجارب محلية ناجحة في التحول نحو الاقتصاد الأخضر، والحفاظ على التنوع البيولوجي وضمان استدامة الموارد الطبيعية وخفض مسببات التغير المناخي.
وتشمل أيضا مطالبات رسمية خلال المحافل الدولية المتخصصة وعلى رأسها COP28 بمزيد من الالتزام الدولي بحماية البيئة والعمل من أجل المناخ، كما تشمل مساعدة للبشر في دول ومجتمعات عدة حول العالم في تحقيق هذا التسامح عبر التحول لمزيد من صداقة البيئة.
إن دولة الإمارات وعبر هذا الدور تخاطب العالم أجمع وتؤكد أن التسامح ليس معاملات يجب ان نفرضها بين البشر، بل سلوك وصفة تنبع من الفرد وتنعكس على محيطة بالكامل من بيئة وبشر وحيوان ونبات وتتحول لحالة مجتمعية قادرة على استيعاب كافة الاشكال والاجناس والأعراق والمعتقدات وتخلق رادعاً قوياً لأي تطرف.
واتساقا مع هذه الرؤية وقعت وزارة التسامح والتعايش ورئاسة مؤتمر COP28، مذكرة تفاهم تؤسس للتعاون معاً لتفعيل قيم التسامح والتعايش والأخوة الإنسانية ضمن أنشطة الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، لما لها من أثر إيجابي على قضايا الاستدامة البيئية، والمناخ، إضافة إلى مشاركة الوزارة في تنظيم وإدارة جناح الأديان في COP28.
رموز الأديان ودعم العمل المناخي
في سياق الرؤية الإماراتية التي ينسجم فيها مفهوم التسامح والاخوة الإنسانية مع العمل المناخي لصالح كل البشر بمختلف أديانهم، وقع البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية والإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف اليوم إعلانًا لدعم العمل المناخي العاجل.
التوقيع جاء على هامش مشاركة القيادتين الدينيتين عبر تقنيةِ الفيديو في افتتاح جناح الأديان في مؤتمر الأطراف “COP28” في مدينة إكسبو دبي.
وخلال احتفالية رسمية تم بث رسالتي فيديو من البابا فرنسيس والإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر إلى الوفود المشاركة في مؤتمر الأطراف COP28؛ حيث شارك الرمزان الدينيان رسالتيهما حول الأمل والحالة الطارئة لتعزيز العمل المناخي.
ووقَّع البابا فرنسيس والإمام الأكبر أحمد الطيب على البيان المشترك بين الأديان بشأن العمل المناخي لمؤتمر الأطراف COP28 ، الذي يهدف إلى تسخير التأثير الجماعي لممثلي الأديان من أجل إلهام الإنسانية لتعزيز العدالة البيئيَّة؛ اعترافًا بأن الغالبية العظمى من سكان العالم ينتمون إلى الأديان.
استند بيان الأزهر والفاتيكان إلى مفاهيم أبرزها:
- العدالة
- تفادي أي تأثير ضار
- تعزيز الانسجام مع جميع الكائنات الحية
- نداءً إلى رؤساء الدول والحكومات والمجتمع المدني وقادة الأعمال لحثهم على الاستجابات السريعة، ومنها تسريع تحولات الطاقة، وحماية أمنا الأرض، واعتماد أنماط حياة دائرية تتماشى مع الطبيعة والاعتماد السريع للطاقة النَّظيفة.
شارك في صياغة هذا البيان المشترك لفيفٌ من كبار قادة الأديان من مختلف أنحاء العالم قُبيَل انعقاد مؤتمر الأطراف COP28، وذلك خلال قمة قادة الأديان العالمية الَّتي عُقِدَت في أبوظبي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، التي نظَّمها مجلس حكماء المسلمين بالتعاون مع رئاسة مؤتمر الأطراف COP28 ووزارة التَّسامح والتعايش بدولة الإمارات وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.
وقع على البيان قادة الأديان والقادة الروحيُّون من مختلف أنحاء العالم، الذين يمثِّلون المسلمين السنة والمسلمين الشيعة والأنجليكانيين، والبهائيين، والبهرة، والبوذيين، والأقباط الأرثوذكس، والأرثوذكس الشرقيين، والإنجيليين، والهندوس، والجانيين، واليهود، والماهيكاري، والمندائيين، والبروتستانت، والروم الكاثوليك، والسيخ.
نداء الضمير
أكد المستشار محمد عبد السلام الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين أن جناح الأديان الأول من نوعه في مؤتمر الأطراف COP28 يمثِّل ساحة للسلام والتعاون بين الجميع، وهو منصة لدمج الحكمة التي تزخر بها الأديان في مؤتمر الأطراف COP28.
وأشار إلى أن توقيع قادة الأديان ورموزها والمعتقدات على نداء الضمير: بيان أبوظبي المشترك بين الأديان لمؤتمر الأطراف COP28، يبعث برسالة قوية إلى صنَّاع السياسات حول أهمية حشد المجتمعات الدينيَّة لرفع مستوى الوعي حول أزمة المناخ.
وأضاف أن البابا فرنسيس والإمام الأكبر أحمد الطيب، قد حرصا على توقيع نداء الضمير: نداء أبوظبي المشترك بين الأديان لمؤتمر الأطراف COP28، والمشاركة برسالة مسجلة في هذا الحدث المهم يؤكِّد إصرارهما على استكمال مسيرتهما المشتركة لتعزيز الأخوة الإنسانية ووقوفهما معًا يدًا واحدةً في مواجهة التحديات التي تواجه البشرية وفي مقدمتها قضية التغير المناخي.
والتزم قادة الأديان أيضًا في البيان بدعم جناح الأديان في مؤتمر الأطراف COP28، الَّذي ينعقد بمشاركة أكثر من 300 من كبار قادة الأديان والشخصيات العامة رفيعة المستوى خلال أكثر من 70 جلسة.
ويهدُفُ الجناح إلى تعزيز التعاون والمشاركة الهادفة بين الأديان، وتحفيز العمل المناخي الفعَّال والطموح، ويستضيف الجناح عددًا من النقاشات الحواريَّة والجلسات لتعزيز التعاون في مجال العدالة المناخية بين الممثلين الدينيين وممثلي السكَّان الأصليين والعلماء والشباب والقادة السياسيين.