البنوك متعددة الأطراف.. انطلاقات ضخمة في COP28 بالأرقام
تعمل بنوك التنمية متعددة الأطراف ومؤسسات تمويل التنمية بشكل متزايد على ترسيخ تمويل المناخ.
وتعد البنوك متعددة الأطراف من أهم أدوات تفعيل وإنجاز المبادرات الهادفة لبناء القدرة على التكيّف مع المناخ التي تم إطلاقها في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين COP28 الذي استضافته دولة الإمارات خلال الفترة من 30 نوفمبر/تشرين الثاني حتى 12 ديسمبر/كانون الأول 2023.
وحسب خبراء الاقتصاد، تتعدد الأدوات المالية والمصرفية التي يمكن من خلالها مكافحة تغير المناخ وعلى رأسها إنشاء البنوك الخضراء، وأنظمة تداول غازات الاحتباس الحراري، والشراكات بين القطاعين العام والخاص.
- مكاسب أفريقيا في COP28.. فرص واعدة للتخفيف والحماية من تغير المناخ
- المناخ والاستدامة.. أبرز 10 أحداث عالمية في 2024
كما تستطيع البنوك متعددة الأطراف إطلاق تدابير التمويل التحويلية مثل السندات الخضراء والأدوات المرتبطة بالاستدامة، بالإضافة إلى تفعيل وتوجيه تعهدات التمويل الجديدة.
وتزداد شعبية الحلول متعددة التمويل والحلول المختلطة كوسيلة لإزالة مخاطر الصفقات ودعم نظام بيئي أوسع من المقرضين والمستثمرين.
لماذا البنوك متعددة الأطراف؟
تتعاون بنوك التنمية متعددة الأطراف، بما في ذلك مجموعة بنك التنمية الأفريقي، وبنك الاستثمار الأوروبي، وبنك التنمية الآسيوي، والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وبنك التنمية التابع لمجلس أوروبا، والبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، ومجموعة بنك التنمية للبلدان الأمريكية، والبنك الإسلامي للتنمية، وبنك التنمية الجديد، ومجموعة البنك الدولي، في مساندة البلدان النامية خاصة في أفريقيا وآسيا في جهودها للتكيّف مع تغير المناخ وبناء بنية تحتية وبرامج قادرة على الصمود للتخفيف من آثار تغير المناخ.
ويؤكد مايكل فاوندثاكيس الرئيس العالمي السابق لمجموعة الممارسات المصرفية والمالية في «بيكر ماكنزي» أن البنوك المتعددة الأطراف تختص بمجموعة من الميزات قد لا تتوافر للأدوات المالية الأخرى لمواجهة تغير المناخ وتفعيل التعهدات المناخية ولا سيما ما جاء خلال COP28 ومنها:
- تتحمل المخاطر السياسية.
- يمكنها الوصول إلى الحماية الحكومية.
- يمكنها دخول الأسواق التي لا يستطيع الآخرون القيام بها.
- قادرة بشكل فريد على تسهيل هياكل التمويل المبتكرة والإقراض طويل الأجل.
ومع ذلك، يرى فاوندثاكيس أن مقدار رأس المال اللازم لبناء القدرة على التكيف مع المناخ كبير والأسهم الخاصة وتمويل الديون والصناديق المتخصصة تدخل السوق.
ولتعبئة تمويل القطاع الخاص، هناك حاجة إلى سياسات وحوافز مواتية للمستثمرين للحد من الحواجز مثل عمليات الترخيص غير المؤكدة، ونقص سيولة السوق وقابلية التعامل مع البنوك.
وتأمل بنوك التنمية المتعددة الأطراف في اجتذاب رأس المال الخاص، وتوسيع نطاق الإبلاغ عن النتائج المناخية، ومساعدة البلدان في تحديد الأولويات والفرص الابتكارية المتعلقة بالاستثمارات المستدامة.
وقد رحبت هذه المجموعة من بنوك التنمية المتعددة الأطراف مؤخراً بإطلاق مبادرة الإنذار المبكر للجميع، التي تهدف إلى تعزيز نظم الإنذار المبكر الشاملة التي يمكن للجميع الوصول إليها بحلول عام 2027.
COP28 وشراكات قوية
ووفقاً للبيانات الصادرة عن COP28 فقد تم إطلاق الكثير من الشراكات بين القطاعين الخاص والعام وبدعم البنوك المتعددة الأطراف لتفعيل مبادرات التكيف والمواجهة التي توالت خلال مؤتمر الأطراف في دبي ومنها:
مبادرة «SAFE»
أعلن قادة أفريقيا والشرق الأوسط عن إطلاق مبادرة «SAFE» التابعة للمعهد العالمي للنمو الأخضر «GGGI» بقيمة 10 مليارات دولار أمريكي، وهي شراكة بين القطاعين العام والخاص تهدف إلى تحويل النظم الغذائية للملايين الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي بسبب تغير المناخ.
وأعلنت بنوك التنمية متعددة الأطراف، بما في ذلك بنك التنمية الأفريقي والبنك الإسلامي للتنمية والصندوق الدولي للتنمية الزراعية، عن استثمار مشترك بقيمة 1.6 مليار دولار أمريكي للمساعدة في تطوير مناطق خاصة للمعالجة الزراعية الصناعية «SAPZs» مع التركيز على النظم الغذائية المقاومة للمناخ، كجزء من مبادرة «SAFE».
ممر كهربائي بين مصر وإيطاليا
تم الإعلان عن تطوير ممر كهربائي من شأنه تسهيل نقل الكهرباء الخضراء بسعة 3 غيغاوات من مصر إلى إيطاليا في COP28.
وسيستخدم الممر كابل تيار مباشر عالي الجهد لنقل الطاقة المتجددة من مصر إلى إيطاليا، مما يخلق مركزاً جديداً للطاقة يربط بين الاتحاد الأوروبي والشرق الأوسط وأفريقيا.
أنظمة تخزين طاقة البطاريات «BESS»
تم إطلاق اتحاد أنظمة تخزين طاقة البطاريات «BESS»، الذي يهدف إلى تطوير حلول تخزين الطاقة المتقدمة للطاقة المتجددة في أفريقيا، بدعم من بنك التنمية الأفريقي، والبنك الدولي، وبنك التنمية الآسيوي، وبنك التنمية للبلدان الأمريكية، والوكالة الفرنسية للتنمية «AfD»، وأفريقيا 50 ومصدر، في COP28.
وقد أبدت بوركينا فاسو وتوغو وغانا وكينيا ومصر وملاوي وموريتانيا وموزمبيق ونيجيريا اهتمامها بالانضمام إلى البرنامج.
مشاريع التكيف في أفريقيا
- وقعت المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات (ICIEC) وبنك التنمية لغرب إفريقيا (BOAD) مذكرة تفاهم لوضع الأساس لتنفيذ مشاريع التكيف مع تغير المناخ والاتصالات التي ستؤدي إلى استثمارات اجتماعية واقتصادية واسعة النطاق عبر الدول الأعضاء المشتركة في المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات وبنك التنمية الأفريقي.
- أعلن بنك التنمية الأفريقي عن العديد من المبادرات خلال COP28، بما في ذلك مناقشات حول إنشاء «البنوك الخضراء»، والتي يمكن أن تجمع ما يصل إلى 1.5 مليار دولار من تمويل المناخ بحلول عام 2030. وسيشمل ذلك في البداية تنفيذ تسهيلات الاستثمار الأخضر في المؤسسات المالية في بنين وكوت ديفوار والمغرب ومصر، بهدف تعزيز القدرة الفنية للبنوك المحلية للتخفيف من المخاطر وجذب التمويل من المستثمرين.
- إطلاق نافذة العمل المناخي، التي تهدف إلى تعبئة 4 مليارات دولار للتكيف مع المناخ في 37 دولة منخفضة الدخل في جميع أنحاء القارة بحلول عام 2025.
- عرض مرفق التأمين ضد مخاطر المناخ في أفريقيا (ACRIFA) المخطط له، والذي يهدف إلى تعبئة 1 مليار دولار أمريكي من التمويل الميسر ورأس المال عالي المخاطر والمنح لدعم صناعة التأمين في إفريقيا. سيقدم المرفق تأمينا ضد تأثير المناخ لملايين المزارعين في جميع أنحاء القارة.
- سيؤدي التعاون بين البنك الأفريقي للتنمية ومؤسسة التمويل الأفريقية إلى خط ائتمان طويل الأجل بقيمة 350 مليون دولار أمريكي لتمويل مشاريع البنية التحتية المستدامة في أفريقيا. وستساعد الشراكة على تقليص فجوة البنية التحتية في أفريقيا، مع التركيز على قطاعات مثل الطاقة والنقل والاتصالات والموارد الطبيعية.
- تعهد البنك الأفريقي للتنمية والمصرف العربي للتنمية في أفريقيا وألمانيا وفرنسا واليابان بتقديم حوالي 175 مليون دولار للتحالف من أجل البنية التحتية الخضراء في أفريقيا، الذي يهدف إلى جذب رأس مال خاص بقيمة 10 مليارات دولار للبنية التحتية الخضراء.
- اقترح مدير الطاقة والحلول المالية والسياسات والتنظيم في بنك التنمية الأفريقي، والي شونيبار، إنشاء بنك للتسويات الأفريقية وعملة جديدة مدعومة باحتياطيات السلع الأساسية كطريقة مبتكرة للاستفادة من ثروة السلع في أفريقيا لإنشاء هيكل مالي جديد.
مبادرات أمريكية وأوروبية في COP28
شراكة الانتقال العادل للطاقة
أعلنت الولايات المتحدة، إلى جانب الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، أن شراكة الانتقال العادل للطاقة، التي تعد جنوب أفريقيا عضواً فيها، ستقوم الآن بتعبئة الاستثمار والإعلان عن خطط تنفيذ السياسات لتسريع «JET-IP».
ووعدت هذه الدول بتقديم حزمة تمويل بقيمة 8.5 مليار دولار لجنوب أفريقيا في COP27، في حين -قدمت جنوب أفريقيا خطتها النهائية للاستثمار في تحول الطاقة العادل «JET-IP» في COP28.
ويتماشى «JET-IP» مع الإطار الوطني للانتقال العادل الذي وافق عليه مجلس الوزراء ويحدد الاستثمارات المطلوبة لتحقيق التزامات البلاد بإزالة الكربون مع تعزيز التنمية المستدامة وضمان انتقال عادل للعمال والمجتمعات المتضررة.
ويغطي «JET-IP» الكهرباء ومركبات الطاقة الجديدة والهيدروجين الأخضر ويحدد 98 مليار دولار أمريكي من المتطلبات المالية على مدى السنوات الخمس المقبلة، والتي ستأتي من القطاعين العام والخاص.
أنظمة إنذار مبكر
في COP 28 ، أيضا أعلنت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) والرابطة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA) أنهما تعملان مع المنظمة العالمية للأرصاد الجوية ومكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث والمرافق الوطنية للأرصاد الجوية والهيدرولوجيا لإنشاء أنظمة إنذار مبكر متقدمة للفيضانات والجفاف والأعاصير والمحاصيل في 20 دولة أفريقية، وكذلك الدول الجزرية الصغيرة النامية (SIDS) وأقل البلدان نموا (LDC).
مبادرة صندوق المناخ الأخضر
كما تعهدت الولايات المتحدة بتقديم 3 مليارات دولار للتجديد الثاني لصندوق المناخ الأخضر «GCF»، رهنا بتوافر الأموال، وقالت إن البلاد ستدافع عن أجندة طموحة لتطوير الصندوق الأخضر للمناخ تتضمن تحسين الوصول إلى تمويل المناخ للدول الجزرية الصغيرة النامية وأقل البلدان نموا والدول الأفريقية.
وتم أيضا الإعلان عن دعم شركة الضمان الأخضر «GGC»، وهي أول شركة ضمان يديرها القطاع الخاص مكرسة للسندات والقروض الخضراء في البلدان النامية ، مع التركيز على إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
وكذلك أعلنت الولايات المتحدة، من خلال الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ووزارة الخارجية وازدهار أفريقيا، وإلى جانب وزارة الخارجية والتنمية في المملكة المتحدة، والصندوق الأخضر للمناخ وهيئة الاستثمار السيادي النيجيرية، عن مساهمات في الميزانية العمومية الأولية لشركة الخليج للاستثمار بقيمة 100 مليون دولار أمريكي.
مبادرات للمرأة والطاقة النظيفة
الولايات المتحدة أعلنت أيضا عن استثمارات بقيمة 1.4 مليار دولار من خلال مبادرة المرأة في الاقتصاد المستدام (وايز)، التي تستفيد منها أفريقيا.
بينما أعلنت المملكة المتحدة عن استثمارات جديدة بقيمة 44 مليون جنيه إسترليني من قبل شركة «بريتيش إنترناشيونال إنفستمنت» لدعم التحول إلى الطاقة النظيفة وبناء القدرة على التكيف مع المناخ في أفريقيا، مع مشاريع جارية في سيراليون وكينيا.
وتضيف المملكة المتحدة أيضا بنود الديون المقاومة للمناخ "CRDCs" إلى اتفاقيات القروض الجديدة والحالية مع السنغال وغيانا.
إيقاف سداد الديون
وانضمت غالبية كبيرة من الدول التي حضرت القمة إلى دعوة لجميع الدائنين لتقديم "CRDCs" بحلول عام 2025، مما سيسمح للبلدان المتضررة بإيقاف سداد الديون مؤقتا إذا كانت ستواجه تأثير كارثة مناخية.
وأعلنت "UK Export Finance) "UKEF) البريطانية عن أكثر من 600 مليون جنيه إسترليني في معاملات تدعم التكيف مع المناخ والاستدامة في جميع أنحاء إفريقيا والشرق الأوسط.
واستخدم بنك الاستثمار الأوروبي "EIB" وشركة أليانز جلوبال إنفستورز "AllianzGI" منصة COP28 للإعلان عن التزامات جديدة لصندوق العمل المناخي للأسواق الناشئة "EMCAF"، وهو صندوق تمويل مختلط مبتكر يوفر تمويلا في المراحل المبكرة لمشاريع التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه وكذلك الشركات الخضراء في الأسواق الناشئة والنامية.
وتعهدت المملكة المتحدة بتخصيص 9 ملايين جنيه إسترليني وستلتزم ألمانيا بمبلغ إضافي قدره 33 مليون يورو.
واستضافت المفوضية الأوروبية تسعة أحداث تركز على الطاقة في COP28، تغطي طرق تسريع انتقال الطاقة النظيفة، والتي تضمنت مشاركة الاتحاد الأفريقي.
وتركزت المناقشات على التحديات الجيوسياسية، والحقائق في سوق الطاقة، وكفاءة الطاقة، ودور المدن، وتمويل التكنولوجيا النظيفة، والانتقال العادل.
مبادرات أكثر وأكثر
- أعلنت إثيوبيا عن مبادرة مزرعة رياح بقيمة 600 مليون دولار أمريكي مع مطور من دولة الإمارات العربية المتحدة.
- أعلنت نيجيريا أنها ستطرح أسطولا من 100 حافلة كهربائية.
- أعلنت سيراليون أن أول مزرعة رياح لها ستدعمها مجموعة طاقة متجددة من المملكة المتحدة.
- أعلنت أنغولا أنه سيتم تطوير محطة للطاقة الشمسية لتزويد 90،000 منزل بالكهرباء، بدعم من شركة للطاقة المتجددة في دولة الإمارات العربية المتحدة.
- أعلنت تونس عن هدف خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في البلاد بنسبة 45% بحلول عام 2030 ، فضلا عن كونها واحدة من أوائل الدول التي أعلنت عن نيتها في أن تكون محايدة للكربون بحلول عام 2050.
- أعلنت أوغندا أنها ستحصل على 19 مليون دولار من صندوق البنية التحتية الأفريقية الناشئة لمشروع الطاقة الشمسية الكهروضوئية بقدرة 20 ميغاوات.
- أعلنت شركة "Copperbelt Energy Corporation) "CEC) في زامبيا أنها ستصدر أول سندات خضراء في زامبيا بحلول نهاية عام 2023، مع استخدام العائدات لتمويل توليد الطاقة الشمسية.
مستقبل أكثر مرونة
ومع الانطلاقات التي ظهرت في COP28 يتواصل التمويل الذي تم التعهد به من الجهات الفاعلة الرئيسية في العالم، والإعلان عن العديد من مبادرات التكيف مع المناخ، ومشاركة بنوك التنمية متعددة الأطراف ومؤسسات تمويل التنمية لتسهيل عملية التمويل وابتكارها، وزيادة تعبئة القطاع الخاص في مشاريع القدرة على التكيف مع تغير المناخ.
وتسعى البلدان النامية والأكثر احتياجاً للحصول على التمويل الهائل اللازم لتحصينها ضد تأثير تغير المناخ. في حين لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به، فهذه المبادرات التعاونية تمثل تقدما نحو مستقبل أكثر مرونة للمناخ واستدامة للعالم بشماله وجنوبه على السواء.