مكاسب أفريقيا في COP28.. فرص واعدة للتخفيف والحماية من تغير المناخ
منح مؤتمر الأطراف COP28 بدبي في الفترة من 30 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 12 ديسمبر/كانون الأول قارة أفريقيا مجموعة واسعة من الفرص.
تشمل بعض انتصارات أفريقيا في COP28 الاستفادة من اعتماد صندوق الخسائر والأضرار، وقد أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة عن التزامها بمبلغ 100 مليون دولار أمريكي للصندوق، الذي يهدف إلى تقديم المساعدة المالية للدول المعرضة لمخاطر شديدة بسبب تغير المناخ، وذلك لدعم جهود التخفيف من آثار تغير المناخ والتعافي منها، وهو ما يمس أفريقيا بشكل مباشر.
ومن بين البلدان الأخرى التي تعهدت بالتزامات بارزة، وفق بيان المجموعة الأفريقية، ألمانيا، التي تعهدت بمبلغ 100 مليون دولار أمريكي، والمملكة المتحدة، التي تعهدت بمبلغ 40 مليون جنيه استرليني للصندوق، و20 مليون جنيه استرليني لترتيبات أخرى، واليابان، التي ساهمت بمبلغ 10 ملايين دولار أمريكي، والولايات المتحدة، التي تعهدت بمبلغ 17.5 مليون دولار أمريكي، والاتحاد الأوروبي الذي خصص مبلغ 145.6 مليون دولار أمريكي، ليصل إجمالي الالتزامات إلى أكثر من 400 مليون دولار أمريكي.
وأشادت المجموعة الأفريقية، التي تتفاوض باسم 54 دولة أفريقية في مؤتمرات المناخ السنوية، خلال COP28 بالقرار التاريخي بشأن تفعيل صندوق الخسائر والأضرار.وفي الوقت نفسه، أكدت المجموعة على أن التكيف يظل أولوية رئيسية للقارة وعنصرًا حاسمًا في تنفيذ اتفاق باريس.
- نمو «مذهل» في الطاقة المتجددة.. COP28 أعد العالم للمستقبل
- المناخ والاستدامة.. أبرز 10 أحداث عالمية في 2024
كما يُحسب لـCOP28 فيما يتعلق بأفريقيا بشكل خاص أنه وللمرة الأولى منذ نحو 3 عقود من هذه المحادثات، ذكر "اتفاق الإمارات" التاريخي أن الوقود الأحفوري - الفحم والنفط والغاز الطبيعي - سبب لتغير المناخ.
وقال الاتفاق في بند غير مسبوق على مستوى مؤتمرات المناخ إن العالم بحاجة إلى "الابتعاد" عن الوقود الأحفوري.
"بالوعة" كربون ومنجم ليثيوم
تلعب أفريقيا دوراً حاسماً في إزالة الكربون على الصعيد العالمي، حيث تُعد غابات أفريقيا، وخاصة غابات حوض الكونغو المطيرة، أكبر بالوعة للكربون، وتمتص 4٪ من انبعاثات الكربون العالمية.
كما تتمتع أفريقيا بأكبر حصص من المعادن الأرضية النادرة، مثل الليثيوم والكوبالت، الضرورية لانتقال الطاقة المناخية. يأتي حوالي 70٪ من الكوبالت المستخدم في البطاريات في الهواتف المحمولة والسيارات الكهربائية في العالم من جمهورية الكونغو الديمقراطية، وتأتي نسبة كبيرة من مدغشقر.
أيضاً دول مثل زيمبابوي وناميبيا لديها أكبر احتياطيات الليثيوم في العالم.
هذه المعادن ضرورية للانتقال إلى الطاقة النظيفة، إذا أرادت البلدان تحقيق هدف اتفاقية باريس المتمثل في الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستوى ما قبل الصناعة.
معاناة أفريقيا
وعلى الرغم من أن صندوق الخسائر والأضرار يُعد خطوة قابلة للتنفيذ نحو التخفيف من حدة المناخ، إلا أن أفريقيا ستحتاج إلى ما بين 290 و 440 مليار دولار بين عامي 2020 و 2030 لتمويل احتياجات الخسائر والأضرار، بحسب مفيمبا فيزو ديزوليلي، مدير برنامج أفريقيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية "csis".
الخطوة جاءت في توقيت مهم لا تزال فيه الاحتياجات المالية المناخية في أفريقيا تعاني من نقص حاد في الخدمات، ومع ذلك، لا تزال آثار تغير المناخ تشكل تهديدا غير مسبوق للقارة.
تصارع البلدان الأفريقية مع الديون، وأشار مؤتمر قمة نيروبي للمناخ في سبتمبر/أيلول الماضي، وكان أول قمة مناخية تستضيفها أفريقيا، إلى المؤسسات المالية العالمية ومصارف التنمية المتعددة الأطراف وكيف يمكن إصلاح تلك المؤسسات لتمويل احتياجاتها.
وإذا قارنا مستوى الانبعاثات في البلدان الأفريقية المنخفض نسبيا، فإن تغير المناخ يؤثر عليها بشكل غير متناسب على مستوى إذا قارناه بالبلدان التاريخية التي تنبعث منها مثل البلدان المتقدمة، فهو لا مثيل له.
وفي عام 2009 خلال COP15 في كوبنهاغن، تعهدت الدول المتقدمة بتعبئة 100 مليار دولار سنويا لدعم البلدان النامية في معالجة أزمة المناخ العالمية، مع مراعاة احتياجات وأولويات الدول المتقدمة.
ومع ذلك، فإن الدول المتقدمة النمو المعنية بالكاد أوفت بتلك التعهدات، ولا تزال الاحتياجات المالية المناخية في أفريقيا تعاني من نقص حاد في الخدمات.
الكثير من البلدان الأفريقية في الوقت نفسه تتصارع مع الديون، مثل زامبيا التي تخلفت بالفعل عن السداد، وتكافح من أجل تحقيق إعادة هيكلة الديون حتى يتمكنوا من تمويل بعض الاحتياجات المناخية.
كما أن معظم بلدان جنوب الصحراء الكبرى، في الواقع نصف بلدان جنوب الصحراء الكبرى تعاني بالفعل من ديون، وهذا يعني أن عليهم إعطاء الأولوية إما للاستثمار في الإنفاق الاجتماعي، أو التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه.
التمويل وسد الفجوة
يقول دينيس أويني، المتدرب في برنامج "أفريقيا هنا" في "CSIS" والذي شارك في مؤتمر COP28 إن أفريقيا بحاجة لآليات التمويل الذكية والمبتكرة الأخرى تشمل أيضا سوق الكربون من أفريقيا، خاصة ولدى القارة غابات مطيرة يمكن الذهاب إليها وشراء أرصدة كربون.
ومن خلال بنوك التنمية المتعددة الأطراف أيضا، يمكن لهذه البلدان الأفريقية جمع التمويل من تلك الأماكن، والشيء الوحيد الذي يمكن أن يستفيد منه عدد من البلدان الأفريقية هو مقايضة الديون بالطبيعة أو مقايضة الديون بالمناخ.
الديون وإصلاح النظام المالي
تقترض البلدان الأفريقية بتكلفة باهظة من سوق رأس المال، وأنه حتى لو كانوا يقترضون من أطراف متعددة الأطراف مثل البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي، فإن ذلك لا يزال مكلفا بالنسبة لهم.
البلدان الأفريقية بحاجة إلى إصلاح النظام المالي الدولي حتى يتسنى للكتل الأفريقية العمل مع بقية العالم للتخفيف من تغير المناخ، لأن العالم بطبيعة الحال بحاجة إلى العمل مع بقية القارة.
ولقد تطرق COP28 إلى الأمن الغذائي كقضية كبرى في أفريقيا، والانتقال العادل الذي يتطلب حماية السكان الأصليين، والحماية مثل الغذاء الأساسي لهذه المجتمعات، الانتقال العادل يعني أنك بحاجة إلى النظر في الاحتياجات المالية لبعض هذه البلدان التي لم تستغل بعد مواردها النفطية.
ويرى آندرو دابالين كبير الخبراء الاقتصاديين لمنطقة أفريقيا بالبنك الدولي -بحسب رويترز- أن التضخم المصحوب بالركود هو أحد أكبر المخاوف.
ووفقا للبنك الدولي؛ من المتوقع أن يصل نمو الاقتصاد الأفريقي إلى 3.1% في 2023 في حين أن التضخم سيكون في خانة العشرات في مناطق واسعة من القارة.
وأشار البنك إلى أن ما يفاقم المخاوف هو أن نحو نصف دول أفريقيا جنوب الصحراء تتعثر في سداد التزاماتها أو معرضة لخطر التعثر بصورة كبيرة.
دعم المواجهة والتكيف والتخفيف
لا تزال القارة السمراء بحاجة لمزيد من دعم الشمال في مواجهة تغير المناخ والتخفيف من تداعياته بالإضافة لسد فجوة التمويل بشأن التكيف، لمواجهة الجفاف والفيضانات التي طال أمدها، ومواجهة انعدام الأمن الغذائي، مثل كل هذه المشاكل الأخرى التي يواجهونها. وهذه هي الاحتياجات التي تتعامل معها بعض هذه البلدان الأفريقية. وربما ليست هذه هي المشاكل التي تتعامل معها بعض دول الجنوب العالمي الأخرى.
ولا يعد تحقيق أي هدف مناخي مستحيلاً بعدما استطاع COP28 الوصول إليه، فبعد أن اتفق قادة العالم لأول مرة على أن الوقود الأحفوري هو السبب الأكثر تأثيراً لتغير المناخ يمكن للبلدان الأفريقية أن تفعل شيئا في هذا الشأن.
ويظل تحقيق انتصارات مناخية في أفريقيا مرهوناً بوفاء الدول المتقدمة بتعهداتها، وعلى رأسها جمع 100 مليار دولار للبلدان النامية، وإصلاح المؤسسات العالمية، والهيكل المالي.
قمة من أجل أفريقيا في COP28
في الأول من ديسمبر/كانون الأول الماضي وفي أوج فعاليات COP28 نظم المؤتمر بالتعاون مع مجموعة البنك الأفريقي للتنمية، والمركز العالمي للتكيف، ومفوضية الاتحاد الأفريقي، وحكومة كينيا، وحكومة السنغال "قمة تمويل التكيف من أجل أفريقي".
وفرت القمة حدثاً رئيسياً في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين في دبي، ومرحلة حاسمة للقادة الأفارقة وشركاء التنمية والمؤسسات المالية لتلبية الحاجة الماسة لتمويل التكيف في أفريقيا لتحقيق:
- تأمين الالتزامات المتجددة بأهداف الرسملة الخاصة ببرنامج تسريع التكيف في أفريقيا
- تعزيز التعاون بين وزراء المالية والاقتصاد الأفارقة لإطلاق الاجتماع الوزاري لتمويل التكيف من أجل أفريقيا في عام 2024
- تعزيز دمج القدرة على التكيف مع تغير المناخ في أجندة التنمية في أفريقيا
ومثلت البلدان الخمسة المشاركة لأول مرة في المنطقة في صندوق المرونة والاستدامة التابع لصندوق النقد الدولي نصف إجمالي المستفيدين.
كما أطلقت أفريقيا أكبر برنامج للتكيف في العالم، وهو برنامج تسريع التكيف في أفريقيا بقيمة 25 مليار دولار، بقيادة البنك الأفريقي للتنمية، ومفوضية الاتحاد الأفريقي، والمركز العالمي للتكيف، لتحقيق رؤية مبادرة التكيف في أفريقيا.
وبالرغم من ذلك، لا تزال أفريقيا تتأثر بشكل غير متناسب بتغير المناخ على الرغم من مساهمتها الأقل في الانبعاثات العالمية. وتحتاج القارة إلى موارد مالية كبيرة للتكيف بفعالية مع المخاطر المناخية المتصاعدة.
ويجب أن يزيد تمويل التكيف، الذي يبلغ حاليا 39% من إجمالي تدفقات تمويل المناخ إلى أفريقيا، بسرعة في السنوات المقبلة لتمكين القارة من إدارة المخاطر المناخية المعقدة والمتصاعدة التي تهدد المجتمعات واقتصادها الناشئ سريع الخطى.