نمو «مذهل» في الطاقة المتجددة.. COP28 أعد العالم للمستقبل
وكالة الطاقة الدولية تسجل نموا بنسبة 50% في 2023
نمت قدرة الطاقة المتجددة العالمية بأسرع وتيرة في السنوات العشرين الماضية في عام 2023، مما قد يجعل تحقيق هدف مناخي رئيسي
بحلول نهاية العقد في متناول اليد.
وقالت لوكالة الطاقة الدولية (IEA) التي تتخذ من باريس مقرا لها إن النمو السريع للطاقة الشمسية في الصين هو المحرك الرئيسي حيث أضاف العالم ما يقرب من 510 غيغاواط - وهو ما يكفي لتشغيل ما يقرب من 51 مليون منزل لمدة عام - كما شهدت أوروبا والولايات المتحدة والبرازيل نموا قياسيا.
ونقلت شبكة "يورو نيوز" الأوروبية للأنباء عن المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول قوله إن الطاقة المتجددة في طريقها لزيادة بمقدار 2 1/2 مرة بحلول عام 2030.
- الغليان العالمي.. كيف نبه COP28 العالم من الخطر القادم؟
- المناخ والاستدامة.. أبرز 10 أحداث عالمية في 2024
ورغم أن هذا قد لا يصل إلى 3 أضعاف ما اتفقت عليه الدول في محادثات المناخ السنوية التي عقدتها الأمم المتحدة الشهر الماضي في دبي خلال COP28، فإن بيرول قال إن "الهدف يمكن الوصول إليه".
وأضاف المسؤول الدولي أن زيادة الأموال المخصصة للطاقة النظيفة في البلدان النامية مثل التحدي الأكبر للوصول إلى 11 ألف غيغاواط من حوالي 3400 غيغاواط في عام 2022.
خطوة COP28 غير المسبوقة
حددت الدول هدفا للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية (2.7 فهرنهايت) في محادثات المناخ في باريس عام 2015 لتجنب أسوأ عواقب تغير المناخ.
وحذر العلماء هذا الأسبوع أن عام 2023 كان العام الأكثر سخونة على الإطلاق، ويتوقعون أن يكون شهر يناير/كانون الثاني الجاري دافئا لدرجة أن فترة 12 شهرا ستتجاوز عتبة 1.5 درجة لأول مرة.
وهنا يجب الإشارة إلى أنه للمرة الأولى منذ نحو 3 عقود من هذه المحادثات ذكر الاتفاق النهائي في دبي خلال COP28 في "اتفاق الإمارات" التاريخي الوقود الأحفوري - الفحم والنفط والغاز الطبيعي - كسبب لتغير المناخ.
وقال الاتفاق في بند غير مسبوق على مستوى مؤتمرات المناخ إن العالم بحاجة إلى "الابتعاد" عن الوقود الأحفوري.
ويتوقع تقرير الوكالة الدولية للطاقة أن يزيد نشر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح البرية حتى عام 2028 بأكثر من الضعف في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والهند والبرازيل، مقارنة بالسنوات الخمس الماضية.
كما تتوقع الوكالة إضافة 3700 غيغاواط من الطاقة النظيفة بحلول عام 2028 في 130 دولة، مع احتساب الطاقة الشمسية وطاقة الرياح كلها تقريبا.
ومن المرجح أن تمثل الصين، الرائدة عالميا بالفعل في مجال الطاقة المتجددة نحو 60% من قدرة الطاقة النظيفة الجديدة التي ستصبح جاهزة للعمل بحلول عام 2028.
تسارع استثمارات الطاقة المتجددة
وجد باحثو وكالة الطاقة الدولية أن أسعار المكونات الشمسية في عام 2023 انخفضت بنسبة 50% تقريبا على أساس سنوي.
ويتوقعون أن يستمر خفض التكاليف والنشر السريع في عام 2024 حيث يتجاوز التصنيع الطلب.
لكن وكالة الطاقة الدولية وجدت أن طاقة الرياح تواجه المزيد من التحديات، خاصة خارج الصين، التي لديها أكبر قدرة طاقة رياح في العالم.
وأشارت الوكالة إلى قضايا تشمل اضطرابات سلسلة التوريد وارتفاع التكاليف والروتين الذي يمنع المنشآت الأسرع.
ويخلص تقرير الوكالة إلى أن التحديات الرئيسية التي تواجه نمو الطاقة النظيفة في البلدان المتقدمة هي عدم اليقين بشأن السياسات، والبيئات الاقتصادية الهشة، وعدم كفاية الاستثمار في شبكات نقل الكهرباء لاستيعاب حصص أكبر من مصادر الطاقة المتجددة.
في المقابل حذر الاتحاد الأوروبي من أن مصادر الطاقة المتجددة ترتفع والانبعاثات انخفضت "لكن الآن ليس وقت الرضا عن النفس".
وتقول الوكالة الدولية للطاقة إن التحول "الذي لا يمكن وقفه" إلى الطاقة النظيفة سيشهد ذروة الطلب على الوقود الأحفوري قبل عام 2030 .
وتتمثل التحديات الرئيسية في البلدان النامية في الحصول على التمويل اللازم لتركيب الطاقة المتجددة والافتقار إلى أطر حوكمة وأطر تنظيمية قوية من شأنها أن تقلل من المخاطر وتجتذب الاستثمارات في مجال الطاقة النظيفة.
وسيعتمد التضاعف 3 مرات بحلول عام 2030 أيضا على قيام البلدان بتسريع التصاريح وبناء البنية التحتية للنقل والتخزين.
ويقول شون راي روش، مستشار السياسات في مركز أبحاث المناخ "E3G" الذي تتبع منذ فترة طويلة التطورات في الطاقة النظيفة: "يتعين على الحكومات والشركات أن تتحرك الآن لحماية الكوكب للأجيال القادمة". "لا يمكننا الانتظار - فالعمل في وقت لاحق متأخر جدا."
إعداد العالم للمستقبل الأخضر
في الخامس من ديسمبر/ كانون الأول وخلال فعاليات COP28 أكد الدكتور سلطان بن أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في الإمارات رئيس مؤتمر الأطراف COP28، أنه "تماشيا مع رؤية القيادة في دولة الإمارات تحرص رئاسة COP28 على بناء الشراكات الاستراتيجية وتعزيز التعاون مع كافة الأطراف، لمواجهة تحديات تغير المناخ وتحويلها إلى فرص للتنمية الاقتصادية المستدامة للجميع".
وعقب اختتام رئاسة COP28 ووكالة الطاقة الدولية جلساتهما الحوارية رفيعة المستوى، أشاد الدكتور سلطان بن أحمد الجابر بدور هذه الجلسات في الوصول إلى توافق في الآراء حول العناصر الأساسية المطلوبة لتحقيق انتقال منظم ومسؤول وعادل ومنطقي في قطاع الطاقة، مشيراً إلى أن هذه العملية وتعقيداتها تحتاج للتوافق على المكونات الأساسية اللازمة لتنفيذها.
وأضاف الدكتور سلطان بن أحمد الجابر أن تقديم استجابة عالية الطموح للحصيلة العالمية والحفاظ على إمكانية تفادي تجاوز الارتفاع في درجة حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية يتطلب عملاً جماعياً.
ورحبت دولة الإمارات بالتدابير التي اقترحتها القيادات العالمية خلال الجلسة الختامية، داعياً إلى مواصلة العمل بتفاؤل وذهنية منفتحة طوال فعاليات COP28 وبعدها.
الجلسة الختامية للحوار بين الوكالة الدولية ورئاسة COP28 كانت من الأهمية بمكان حيث شارك فيها أكثر من 40 من كبار المسؤولين من مختلف أنحاء العالم، بينهم 4 من رؤساء الدول والحكومات، و18 من الوزراء ورؤساء الوفود التفاوضية، بالإضافة إلى عدد من قادة المنظمات الدولية.
واختتمت الجلسات التي شارك في رئاستها الدكتور سلطان بن أحمد الجابر رئيس COP28 والدكتور فاتح بيرول، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، بالتوصل لتوافق في الآراء على ضرورة تكثيف الجهود للحفاظ على إمكانية تحقيق هدف 1.5 درجة مئوية، من خلال تحقيق انتقال منظم ومسؤول وعادل ومنطقي في قطاع الطاقة.
وأكد حينها المشاركون دعمهم لدعوة رئاسة COP28 إلى تقديم استجابة طموحة للحصيلة العالمية لتقييم التقدم في تنفيذ أهداف اتفاق باريس خلال المؤتمر.
دعم عالمي للتحول
أشاد فاتح بيرول بتكاتف المشاركين ودعمهم للأهداف الخمسة التي تدعو وكالة الطاقة الدولية للتوافق عليها في COP28، والتي تتضمن:
- زيادة القدرة الإنتاجية لمصادر الطاقة المتجددة 3 مرات بحلول 2030.
- مضاعفة معدل تحسين كفاءة الطاقة بحلول نفس الموعد.
- التزام قطاع النفط والغاز بتنسيق استراتيجياته بما يسهم في المحافظة على إمكانية تحقيق هدف 1.5 درجة مئوية بما يشمل الحد من انبعاثات النطاقين 1 و2.
- التركيز على الحد من انبعاثات غاز الميثان بحلول عام 2030.
- تفعيل آليات تمويل الطاقة النظيفة في الدول النامية على نطاق واسع.
- الخفض التدريجي لاستخدام الوقود التقليدي الذي لا يتم تخفيف انبعاثاته بدءاً بوقف الترخيص بإنشاء المحطات والمصانع الجديدة التي تعمل بالفحم.
حظي "التعهد العالمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة" الصادر عن رئاسة مؤتمر COP28، بدعم أكثر من 110 دول، فيما توصلت الجلسة أيضا إلى توافق على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف إنشاء المصانع ومحطات الطاقة العاملة بالفحم الذي يصعب تخفيف انبعاثاته، وتسريع وقف تشغيل المحطات الحالية.
وخلال الجلسة الحوارية، أبدى زعماء ومسؤولو الدول النامية دعمهم لتسريع التوسع في إنتاج واستخدام الطاقة المتجددة، والتزامهم بأهداف زيادة الطاقة المتجددة لعام 2030، وسلطوا الضوء على خطط عملهم الخاصة بكفاءة استخدام الطاقة.
يأتي الحوار الخامس الختامي، الذي عُقد خلال "القمة العالمية للعمل المناخي" على هامش فعاليات COP28 في دبي، بعد عام من المشاركات والارتباطات التي جرى فيها مناقشة العناصر الرئيسية للانتقال في قطاع الطاقة، والتي تضمنت الطاقة المتجددة، وكفاءة الطاقة، والتمويل، وجانبي العرض والطلب للنفط والغاز، والحد من الانبعاثات.