إعلان COP28 للإغاثة والتعافي والسلام.. قراءة متأنية (تحليل)
ليس مجرد إعلان وليس مجرد إنجاز جديد تمخض عنه مؤتمر الأطراف COP28 في دبي ولكنه أقرب إلى نموذج متكامل
لوصف واقعي للحالة ومحاولة العلاج في قضية المناخ.. هو إعلان "الإغاثة والتعافي والسلام".
ومع الإعلان الصادر رسمياً في الثالث من ديسمبر/كانون الأول ضمن فعاليات COP28 بشأن المناخ والإغاثة والتعافي والسلام، يخطو العالم تحت وفي طليعته دولة الإمارات خطوة مهمة تسعى للتركيز على تسريع الجهود العالمية لدعم الدول والمجتمعات الأكثر عُرضة للصراعات وتداعيات تغير المناخ وتعزيز مرونتها المناخية.
ويمثل إعلان الإغاثة والتعافي والسلام التزاما جماعيا بزيادة الاستثمار ودعم إجراءات تعزيز المرونة المناخية في الدول الأكثر احتياجا لمواجهة الصراعات وتداعيات تغير المناخ دعمته ووقعت عليه 70 حكومة و39 مؤسسة.
- بدعم أكثر من 60 دولة.. «تعهد التبريد» إنجاز جديد لـCOP28
- الإمارات تحتضن «أكاديمية تمويل المناخ».. حقائق ودلالات
ويؤكد السفير ماجد السويدي، المدير العام والممثل الخاص لرئاسة دولة الإمارات لمؤتمر الأطراف COP28 أن أهمية هذا الإعلان على وجه التحديد تنبع من الاعتراف بحقيقة تأثير تداعيات تغير المناخ على جميع البشر بشكل متفاوت من مجتمع لآخر.
وكذلك تشخيص الحالة بالاعتراف بأضرار الظواهر الجوية القاسية في البيئات الضعيفة والمتأثرة بالصراعات على ثلاثة أمثال عدد الأفراد سنوياً مقارنة بالدول الأخرى.
ويضاف إلى ذلك أن من يعيشون في دول نامية وضعيفة يحصلون على 1.25% من التمويل المناخي، مقارنة بمن يعيشون في غيرها، ولذا تلتزم رئاسة COP28 بتنسيق العمل وتكريس التوافق لتغيير هذا الوضع.
بين التوافق والإلزام
العمل المناخي قد يحتاج في بعض جوانبه إلى الإلزام ولكن النهج الأكثر نجاعة في هذا العمل الإنساني الذي يستهدف البشر جميعا وإنقاذ الكوكب الذي يضمهم هو "التوافق" وهو نهج تبنته منذ البداية دولة الإمارات وظهر دون مواربة في بيانات رئاسة COP28 .
التوافق هو الذي سيدفع الجهد الجماعي والمشاورات التي ستستمر لمدة عام على مدى العام لرئاسة مؤتمر الأطراف COP28، البلدان وغيرها لتحويل مبادئ الإغاثة والتعافي والسلام إلى وقائع وأرقام تخدم الشعوب خاصة الفقيرة والأكثر عرضة لآثار تغير المناخ.
وقد أثار أصحاب المصلحة مرارا وتكرارا الحاجة إلى تنسيق القادة بشأن الضرورة الملحة والخيارات لضمان وصول العمل المناخي والتمويل إلى الأشخاص المعرضين بشدة لتغير المناخ والمهددين أو المتضررة من الهشاشة أو الصراع أو الاحتياجات الإنسانية الشديدة.
ويعكس الإعلان التوافقي رغم كونه دعوة غير ملزمة للعمل خارج المفاوضات الرسمية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ الاهتمامات والمواقف والحلول المشتركة للدول والمؤسسات من المجالات الإنسانية والتنموية ومجتمعات المناخ والسلام من أجل تعزيز القدرة على الصمود في وجه تغير المناخ بشكل عاجل لدى الفئات الأكثر ضعفاً.
"لا أحد خلف الركب"
يعترف الإعلان بأن العمل المناخي ممكن وفعال في هذه البيئات، وأن التقاعس عن العمل يأتي بتكلفة باهظة بالنسبة للتنمية البشرية والاستقرار، ولذلك ضمن اداف الإعلان حشد الدعم والعمل حول تعزيز القدرات التقنية والمؤسسية والمالية والموارد والبيانات والمعلومات لبناء القدرة على التكيف مع تغير المناخ و"عدم ترك أحد خلف الركب".
وفي سبيل تحقيق هذا الهدف تم تطوير الإعلان من قبل الرئاسة القادمة لمؤتمر الأطراف الثامن والعشرين، في شراكة وثيقة مع اجتماع غير رسمي لـ"المجموعة الأساسية" من البلدان ومجموعة استشارية من المؤسسات الرئيسية ذات الخبرة في العمل في البيئات المعرضة للمناخ، ومع البلدان والمجتمعات المتضررة من الهشاشة أو الصراع أو الظروف الشديدة الاحتياجات الإنسانية.
وعقدت رئاسة COP28 سلسلة من ورش العمل والمشاورات مع الأعضاء الأساسيين بلدان المجموعة، مع مؤسسات المجموعة الاستشارية ومع العديد من البلدان والمنظمات الأخرى للوصول للإعلان.
وسعت رئاسة COP28 إلى أن تعكس المشاورات الأولويات والاحتياجات بشكل مناسب البلدان والجهات الفاعلة الرئيسية، وقامت بالبناء على المبادرات الأخرى والتنسيق معها، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر مع مبادرة رئاسة COP27 للاستجابات المناخية من أجل الحفاظ على السلام (CRSP)، التي تسعى إلى ضمان ذلك لتساهم الاستجابات المناخية المتكاملة في تحقيق السلام والتنمية المستدامين بما يتماشى مع المعايير الوطنية الملكية وخصوصية السياق.
تمت مشاركة مسودة الإعلان قبل إطلاقه رسميا مع الأطراف عبر القنوات الدبلوماسية، بما في ذلك البعثات الدائمة إلى الأمم المتحدة في نيويورك، في 9 أكتوبر/تشرين الأول للتعليق، وبعد دمج التعليقات، أصبح الإعلان بشأن المناخ والإغاثة والإنعاش والسلام متاحاً للمصادقة عليه اعتباراً من 6 نوفمبر/تشرين الثاني.
الحلول البرنامجية
يدعو الإعلان إلى زيادة العمل المناخي وحصول المجتمعات والبلدان على التمويل مهددون أو متأثرون بالهشاشة أو الصراع أو يواجهون احتياجات إنسانية حادة؛ لتعزيز المعرفة والحلول البرنامجية للعمل المناخي في مثل هذه البيئات؛ وتعزيز التعاون في مستويات متعددة وعبر المناطق والجهات الفاعلة الإنسانية والإنمائية والمناخية والسلام التي يجب معالجتها.
ويحاول البيان استقطاب أكبر تعاون من الحكومات والمنظمات الدولية والإقليمية والدولية والمؤسسات المالية، والهيئات الخيرية، وكيانات القطاع الخاص، ومنظمات المناخ، وقطاعات البيئة والتنمية والإنسانية والسلام.
ويرتكز على "حزمة حلول" أولية تتضمن الالتزامات الطوعية ومساهمات الحكومات والمؤسسات لدعم تفعيل الإعلان، وبناءً على مشاورات الرئاسة، تشمل هذه الإجراءات، على سبيل المثال:
- دعم إعداد المشاريع والبرامج لتمكين الوصول إلى التمويل العالمي للمناخ الآليات وفرص التمويل الأخرى.
- الاستثمارات المالية في برامج التكيف مع المناخ والقدرة على الصمود.
- المساهمة في تحديد الأولويات التي حددتها البلدان المتضررة في استراتيجيات التكيف مع المناخ الوطنية أو الإقليمية، ومنها عللا سبيل المثال:
1- برامج تقديم الإنذار المبكر والإجراءات الاستباقية والمبكرة.
2- استعادة التربة والمياه والغابات، وغيرها من النظم البيئية الطبيعية.
3- بناء الغذاء والماء وأنظمة الطاقة.
4- زيادة التغطية التأمينية ضد مخاطر المناخ العالمية.
5- تعزيز الصدمة.
6- الحماية الاجتماعية سريعة الاستجابة.
7- وضع السياسات والأطر والإرشادات واعتبارات العملية الأخرى لتسهيل طلب التمويل.
8- التنسيق والتوحيد في إجراءات التقديم لمختلف مقدمي التمويل.
9- وضع برامج مخصصة لبناء القدرات للحكومات والمجتمعات المتضررة للوصول إلى استيعاب واستخدام الأموال.
10- وضع أطر العمل الحساسة للنزاعات، من تصور المشروع إلى اكتماله، وتعزيز المرونة لضبط المشاريع والبروتوكولات التشغيلية مع الأوضاع المتغيرة في موقع المشروع،
11- ابكار أدوات مالية جديدة ومصممة خصيصًا لتحسين البيئة التمكينية للبلدان المتضررة للحد من المخاطر المتصورة وتحسين الحيز المالي للبلدان المتضررة للعمل والاستجابة بشكل مسبق، أثناء وبعد الأحداث المتطرفة،
12- دعم المنظمات الإقليمية في تطوير وتنفيذ السلام المراعي للمناخ.
13- وضع تقييمات المخاطر الدقيقة والمتكاملة ورسم خرائط المخاطر عبر القطاعات، مع ضمان توافر البيانات.
14- المعرفة بالممارسات الجيدة لتخفيف المخاطر وإدارتها والدروس المستفادة من العمل بشكل أكثر فعالية في حالات الأزمات، بناءً على الأدلة الوافرة للعمليات الناجحة المشاريع التي تقودها المجتمعات المحلية أو بالشراكة معها.