COP28 والغابات المطيرة.. رئة العالم محمية في «اتفاق الإمارات» (تحليل)
يصف خبراء المناخ والبيئة الغابات برئة العالم، خاصة الغابات المطيرة العملاقة في الأمازون والكونغو وغيرها، حيث تشغل تلك الغابات نحو ثلث مساحة اليابسة على الكرة الأرضية.
وأبدى COP28 خلال جلساته على مدار أسبوعين وكذلك بيانه الختامي التاريخي "اتفاق الإمارات" اهتماما كبيرا بكل مكونات الطبيعة التي تقدم للبشرية خدمات جليلة ومتنوعة، وعلى رأسها الغابات المطيرة، لأهميتها في التقليل من الآثار السلبية للتغيرات المناخية على الكوكب، خاصة تقليل ظاهرة الاحترار التي تتولد عنها التغيرات المناخية.
- الوقود الأحفوري وسر المادة 28.. هكذا حقق COP28 المعادلة الصعبة (تحليل)
- الأضخم والأعلى طموحا.. قراءة في أهم قرارات COP28
وإذا كان الاحتباس الحراري يمثل العدو الأكبر لتلك الرئة سعى COP28 للتأكيد على 3 مسارات في هذا الاتجاه وهي:
- مجمل آليات مواجهة التغيرات المناخية التي تتسبب ضمن تداعياتها جراء الاحترار حرائق الغابات والقضاء على ملايين الهكتارات سنويا.
- تطوير النظم الزراعية واعتماد نهج الزراعة المستدامة والاستثمار في الابتكار الزراعي لدعم تلك الغابات وعدم اللجوء للقضاء عليها لاستبدالها بالزراعات التقليدية اللازمة للغذاء.
- آليات الدعم للحفاظ على تلك الغابات عبر برامج مختلفة وكذلك آليات التعويض عن الخسائر التي قد تتعرض لها البلدان خاصة في الدول النامية التي تضم تلك الغابات جراء التغيرات المناخية.
ومثلت قمة المناخ COP28 في دولة الإمارات نقطة فارقة في حماية الغابات عالمياً.
ماذا تحقق الغابات للعالم؟
أثرت الأنشطة البشرية الاقتصادية خاصة الرغبة في زيادة إنتاجية المحاصيل الغذائية حول العالم لمواجهة الاستهلاك البشري الهائل والمتنامي، وكذلك الاحتباس الحراري وما سببه من حرائق الغابات بالإضافة لوقله المياه وتغير أنماط الامطار إلى تهديد كبير لرئة العالم من الغابات.
هذا التهديد يدعو للتوقف عند أهمية الغابات المطيرة التي سعى COP28 لحمايتها والتي تتمثل في الكثير من الفوائد المناخية للعالم ومنها:
- إعادة التوازن مرة أخرى والتخلص من ثاني أكسيد الكربون.
- المساهمة في امتصاص 29% من ثاني أكسيد الكربون الصادر عن الأنشطة البشرية.
- الحد من احترار كوكب الأرض بأكثر من 1.1 درجة مئوية مقارنةً مع مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
- تبريد المناخ العالمي بمقدار 0.5 درجة مئوية، ووكبح جماح الاحترار العالمي والتغير المناخي وآثاره السلبية على الكوكب.
- الحد من خسائر الأصول الطبيعية يمكن تعزيز جهود التخفيف من تداعيات تغير المناخ بنسبة 30%.
- الحفاظ على إمكانية تحقيق هدف الـ 1.5 درجة مئوية بحلول 2030.
- حماية الطبيعة تؤدي دوراً حاسماً في الحد من أخطار تغير المناخ مثل الفيضانات والحرائق.
- حماية الطبيعة يمكن أن تسهم في خلق فرص تجارية واقتصادية جديدة بقيمة 10 تريليون دولار، وتوفير ما يقرب من 400 مليون فرصة عمل.
ووضع COP28 أمام العالم الحقيقة التي يجب الاعتراف بها والتعامل بها وهو أننا أمام خياران أولهما الانحياز إلى الزراعة وزيادة مساحة الغذاء والإتجار في الأخشاب وتحقيق عائد اقتصادي، والثاني هو حماية الكوكب من الآثار السلبية للتغيرات المناخية.
تقرير حوض الكونغو
جاءت مخرجات قمة الأطراف المعنية بالتغيرات المناخية COP28 لتؤكد على مواجهة التحديات وتقود العالم للعمل الجدي من أجل استعادة الغابات أو النظم البيئية لها، سواء بالتوقف على إزالتها أو صيانتها والاهتمام بها أو زراعة غابات جديدة، مشددة على الاهتمام بحماية وصيانة الغابات والعناية بها على المستوى العالمي.
ونجح COP28 في جمع أكثر من 100 ألف من المندوبين والمفاوضين وجماعات الضغط وأعضاء العائلات المالكة والمحامين من جميع أنحاء العالم لمناقشة قضايا المناخ والتخطيط للمستقبل، وعرض التعلم من الابتكارات المتعلقة بتغير المناخ.
وشهد COP28 التكليف بإعداد تقرير علمي متعمق لدراسة حوض الكونغو - ثاني أكبر الغابات المطيرة في العالم، وحصل التقرير على الضوء الأخضر على هامش القمة.
وسيتبع مساراً مشابهاً للجنة العلمية لمنطقة الأمازون، التي تم التكليف بها في عام 2021، ونتج عن ذلك تقرير من 1300 صفحة يلخص الإجماع العلمي حول الغابات المطيرة.
وسيشمل هذا الغوص العميق الجديد في طبيعة وبيئة حوض الكونغو، أقساماً حول كيفية تنظيم الغابات المطيرة للمناخ الإقليمي وكيفية تأثير البشر على نظامه البيئي.
100 مليون دولار من الإمارات لحماية الطبيعة
شهد "يوم الطبيعة واستخدام الأراضي والمحيطات" في COP28؛ توقيع القادة على التزامات وتعهدات بتقديم أكثر من 186 مليون دولار لتحفيز العمل المناخي، ومواصلة بناء الزخم لتعزيز حماية الطبيعة وتنميتها.
ركزت الالتزامات على حماية الغابات، وتنمية أشجار القرم، والمساحات الخضراء، وتحفيز التمويل لحماية الطبيعة واستدامة المحيطات، كما شدد القادة على أهمية اتخاذ إجراءات فورية لحماية الطبيعة كعامل أساسي لتحقيق أهداف اتفاق باريس.
وتستند الالتزامات التي صدرت خلال اليوم إلى التعهدات الصادرة عن القمة العالمية للعمل المناخي في COP28 في 2 ديسمبر/كانون الأول، حيث تم جمع وتحفيز 2.5 مليار دولار لحماية الطبيعة وتنميتها.
وأعلنت رزان المبارك، رائدة الأمم المتحدة للمناخ في COP28، خلال القمة عن مساهمة دولة الإمارات بتمويل جديد بقيمة 100 مليون دولار لمشروعات حماية الطبيعة ومواجهة تداعيات تغير المناخ، منها استثمار أوّلي بقيمة 30 مليون دولار في "خطة تعزيز المرونة المناخية في غانا" الصادرة عن الحكومة الغانية.
كما عقدت دولة الإمارات شراكة استراتيجية مع البرازيل مدتها عامان لربط النتائج والمخرجات بين مؤتمري COP28 وCOP30.
انطلاقا نحو COP30
الإنجازات العالمية خلال COP28 تمهد الطريق لتعزيز جهود حماية الطبيعة في COP30 المقرر انعقاده في مدينة بيليم بالبرازيل.
كان قادة العمل المناخي قد اتفقوا في COP26 على الوقف التام لإزالة الغابات وتفعيل جهود تنميتها بحلول عام 2030، واعتمدوا في العام الجاري "الإطار العالمي للتنوع البيولوجي"، الذي يستهدف حماية 30% من الأراضي والمحيطات بحلول عام 2030، ويعتمد تحقيق هذه الأهداف على الاستثمار في دعم مجتمعات الشعوب الأصلية ودورها الرائد، حيث تحمي 80% من التنوع البيولوجي للعالم.
ويُمثل البيان المشترك من رئاسة COP28، وجمهورية الصين بصفتها الرئيسة الحالية لـ"اتفاقية التنوع البيولوجي" (COP15)، إحدى النتائج المهمة ليوم الطبيعة، حيث حصل "البيان المشترك لـCOP28 بشأن المناخ والطبيعة والإنسان" على دعم 18 دولة تقود شراكة المناخ والطبيعة و11 شراكة للتنوع البيولوجي في إطار حماية وتنمية الغابات وأشجار القُرم والمحيطات، ويتضمن البيان تعهدات جديدة من الدول بوضع وتنفيذ استراتيجيات دعم العمل المناخي وحماية الطبيعة.
وشاركت البرازيل بأكبر وفد في تاريخ المؤتمر، والذي ترأسته لأول مرة امرأة من السكان الأصليين، الوزيرة سونيا جواجاجارا بعد رحيل الرئيس لولا دا سيلفا.
وقبل يومين، أعطى زعيم البرازيل الكلمة لوزيرة البيئة وتغير المناخ، مارينا سيلفا، التي كانت مسؤولة عن البرنامج الذي أدى إلى خفض إزالة الغابات في منطقة الأمازون بنسبة 84% في الفترة من 2004 إلى 2012.
وأطلقت البرازيل مؤخراً خطة التحول البيئي، وتمكنت في أقل من 12 شهراً من الحد من إزالة الغابات بنسبة تزيد على 20%. لقد كانت خطوة مهمة نحو تحقيق الأهداف التي اقترحها مؤتمر الحوار الوطني، والتي تم تحديثها في سبتمبر/أيلول لتصحيح الانتكاسات التي منيت بها الحكومة السابقة.
الغابات محمية في COP28
تضمنت الإعلانات الصادرة عن القمة العالمية للعمل المناخي من بين أمور أخرى:
- وضع 15 حكومة خريطة طريق "نتائج وأرصدة الكربون للغابات"، التي تضمنت خطة لتوسيع نطاق الاستثمار في نتائج وأرصدة الكربون المرتبطة بحماية الغابات وتنميتها، وأكدت على الفرصة الكبيرة المتاحة لأسواق الكربون في الغابات؛ بهدف زيادة المدفوعات مقابل تقديم الخدمات المناخية والبيئية.
- إصدار 17 دولة بياناً مشتركاً بشأن استخدام الأخشاب المستدامة في البناء.
- إعلان أكثر من 150 شركة ومؤسسة مالية عن نيتها تحديدَ أهداف بشأن حماية الطبيعة ومواجهة تداعيات تغير المناخ، بحيث تندرج في «شبكة الأهداف المستندة إلى الحقائق العلمية»، و«الأهداف الدولية المستندة إلى الحقائق العلمية في مجال الغابات والأراضي والزراعة».
كما أعلنت رئاسة COP28، ولولا دا سيلفا، رئيس البرازيل عن شراكة مدتها عامان لجمع وتحفيز موارد جديدة، وحشد الدعم السياسي للعمل المناخي المعني بالطبيعة، تمهيداً لانعقاد COP30 في بيليم.
كان كبير مفاوضي البرازيل بشأن المناخ، كشف عن اقتراح للبرازيل بتمويل "ضخم" لتمويل الحفاظ على الغابات الاستوائية خلال قمة COP28.
واتفقت الدول في العام الماضي على إنشاء صندوق ضخم مخصص للتنوع البيولوجي وآخر لدفع تكاليف الدمار الناجم عن تغير المناخ.
والبرازيل هي أكبر دولة غابات مطيرة في العالم وتحتوي على حوالي 60% من غابات الأمازون، ويُنظر إليه على أنه أمر حيوي للحد من تغير المناخ وحماية الأنواع النباتية والحيوانية الفريدة.
وعرضت البرازيل فكرة إنشاء صندوق للحفاظ على الغابات الاستوائية في اجتماع مع وزراء من سبع دول أخرى في غابات الأمازون المطيرة، وفقا لما ذكره كبير الدبلوماسيين البرازيليين المعنيين بالمناخ أندريه كوريا دو لاجو.