هل تحققت معايير وكالة الطاقة الدولية لنجاح COP28؟.. النتائج تجيب
قبل انعقاد COP28، حددت وكالة الطاقة الدولية 5 أهداف حاسمة يجب قياس نجاح المؤتمر على أساسها، وبمراجعة نتائج القمة نجد أنها تحققت بامتياز.
قالت الوكالة آنذاك إن الباب إلى هدف الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض عند 1.5 درجة مئوية، يُغلق بسرعة، لكن COP28 يمكنه إبقاءه مفتوحًا إذا انتهى بتحقيق الأهداف الخمسة.
ثمنت الوكالة وقتها جهود الرئاسة الإماراتية للمؤتمر في الضغط من أجل تعهد عالمي بشأن الالتزام بمضاعفة قدرة العالم على توليد الطاقة المتجددة 3 مرات بحلول عام 2030، باعتباره أحد أهم هذه الأهداف.
كما أشادت بدور رئاسة COP28 في تحقيق توافق مبدئي بين العديد من الدول حول هذا التعهد، حتى قبل بداية المؤتمر.
- صندوق النقد الدولي يدعو العالم إلى البناء على مخرجات COP28
- العالم ينفق 1.8 تريليون دولار على الطاقة النظيفة في 2023.. أين تكمن الفرص
أهداف الوكالة الخمسة
يُظهِر تقرير توقعات الطاقة العالمية لعام 2023 الصادر في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، عن وكالة الطاقة الدولية، أن إبقاء الباب مفتوحاً لتحقيق هدف الحد من الاحترار عند مستوى 1.5 درجة مئوية يتطلب الاتفاق والعمل على 5 تدابير مترابطة، تعد بمثابة الركائز الأساسية للعمل من الآن وحتى عام 2030.
قال وقتها الدكتور فاتح بيرول، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، إن هذه التدابير الخمسة التي حددها التقرير، هي نفسها المعايير التي ستحدد نجاح COP28 من عدمه.
تشمل الأهداف الخمسة، مضاعفة القدرة العالمية للطاقة المتجددة 3 مرات بحلول 2030، ومضاعفة معدل تحسين كفاءة الطاقة بحلول العام نفسه، والالتزام بضمان انخفاض منظم في استخدام الوقود الأحفوري، بما في ذلك إنهاء الموافقات الجديدة لمحطات الطاقة التي تعمل بالفحم بلا هوادة.
ذلك بالإضافة إلى التزام صناعة الوقود الأحفوري، خاصة شركات النفط والغاز، بمواءمة أنشطتها مع اتفاقية باريس، بدءا بتخفيض انبعاثات غاز الميثان التشغيلية بنسبة 75%، وإنشاء آليات تمويل واسعة النطاق لمضاعفة الاستثمار في الطاقة النظيفة ثلاث مرات في الاقتصادات الناشئة والنامية.
أوضح بيرول أن بناء الإجماع بسرعة حول جميع هذه الركائز معًا، سيكون أمراً ضرورياً، لأن أياً من الركائز الخمس لن يحقق المطلوب دون الركائز الأخرى.
أشار أيضًا إلى أن تحقيق هذه الأهداف سوف يتطلب مجموعة من التدابير المصاحبة، مثل توسيع شبكات الكهرباء، وزيادة الوقود المنخفض الانبعاثات، وبناء المزيد من المحطات النووية، وضمان حصول الجميع على الطاقة بحلول عام 2030.
تظهر النتائج النهائية لمؤتمر الأطراف الثامن والعشرين لتغير المناخ (COP28)، أن المفاوضات التي قادتها دولة الإمارات العربية المتحدة توصلت إلى تعهدات وقرارات تحقق المعايير الخمسة لوكالة الطاقة الدولية.
المعيار الأول والثاني: امتياز
فيما يتعلق بالمعيارين الأولين، أعلنت رئاسة مؤتمر الأطرافCOP28 ، في اليوم الثالث للمؤتمر، عن توقيع 130 دولة على تعهد بمضاعفة قدرات الطاقات المتجددة في العالم 3 مرات بحلول عام 2030، مع زيادة القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة نحو 5 مليارات دولار.
تعهدت هذه الدول "بالعمل معًا" من أجل زيادة القدرات العالمية للطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة الكهرومائية من 3400 غيغاواط حاليًا إلى 11 ألف غيغاواط بنهاية العقد، على أن تؤخذ في الاعتبار "الفروقات والظروف الوطنية" لمختلف الدول.
كما وعدت الأطراف الموقعة على التعهد بمضاعفة الوتيرة السنوية للتقدم في مجال كفاءة استخدام الطاقة حتى عام 2030، من 2% إلى 4%.
بالإضافة إلى التعهد التاريخي، يدعو النص النهائي لأول تقييم عالمي لاتفاق باريس، والمعروف بتوافق الإمارات، جميع الأطراف لمضاعفة قدرة الطاقة المتجددة 3 مرات على مستوى العالم، ومضاعفة المتوسط العالمي والمعدل السنوي لتحسينات كفاءة الطاقة، بحلول عام 2030.
تعود أهمية هذه الدعوة إلى أنها تحدد موعدًا نهائيًا واضحًا وملموسًا في نص نهائي توافقت عليه جميع الأطراف المصدقة على اتفاق باريس.
المعيار الثالث: نجاح كبير
فيما يتعلق بالمعيار الثالث، المرتبط بالتزامات صناعة الوقود الأحفوري، وخاصة شركات النفط والغاز، بمواءمة أنشطتها مع اتفاقية باريس، بدءاً بتخفيض انبعاثات غاز الميثان التشغيلية بنسبة 75%، فقد تحقق أيضًا بنجاح كبير.
أطلقت رئاسة مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين والمملكة العربية السعودية ميثاق إزالة الكربون من النفط والغاز (OGDC ) في 2 ديسمبر/ كانون الأول 2023، وانضمت إليه 50 شركة نفط وغاز تنتج أكثر من 40% من النفط العالمي.
تمثل شركات النفط الوطنية أغلبية الموقعين على التعهد، وهو أكبر عدد على الإطلاق يلتزم بمبادرة لإزالة الكربون في تاريخ مؤتمرات الأطراف.
تلتزم الدول الموقعة على الميثاق باتباع مجموعة من الإجراءات في عملياتها التشغيلية بهدف الوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050 أو قبله، وإزالة انبعاثات غاز الميثان والوصول بها بالقرب من الصفر بحلول عام 2030، وكذلك وقف عمليات حرق الغاز بحلول العام نفسه.
على جانب آخر، يدعو النص الختامي لأول تقييم عالمي لاتفاق باريس جميع الأطراف بالتعجيل والحد بشكل كبير من الانبعاثات من غير ثاني أكسيد الكربون، بما في ذلك في وعلى وجه الخصوص، انبعاثات الميثان على مستوى العالم بحلول عام 2030.
المعيار الرابع: غير مسبوق
تكشف النتائج النهائية لمؤتمر COP28 عن أن المفاوضات استوفت المقياس الرابع لوكالة الطاقة الدولية، المتعلق بالتزام الأطراف بالتدابير التي تضمن انخفاضًا منظمًا في استخدام الوقود الأحفوري، بما في ذلك إنهاء الموافقات الجديدة لمحطات الطاقة التي تعمل بالفحم بلا هوادة، بشكل غير مسبوق.
يدعو النص النهائي جميع الأطراف للتحول بعيدًا عن استخدام الوقود الأحفوري في نظم الطاقة، بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة، وتسريع العمل في هذا العقد الحرج، وذلك لتحقيق صافي الصفر بحلول عام 2050.
كما يشير الاتفاق إلى "تسريع الجهود الرامية نحو التخفيض التدريجي للطاقة المعتمدة على الفحم بلا هوادة"، والإلغاء التدريجي في أقرب وقت ممكن لإعانات الوقود الأحفوري غير الفعالة التي لا تعالج فقر الطاقة أو التحولات العادلة.
بالتوازي، يدعو النص النهائي لتسريع الجهود العالمية نحو إنشاء أنظمة طاقة خالية من الانبعاثات، واستخدام أنواع الوقود الخالية والمنخفضة الكربون قبل منتصف القرن بوقت طويل أو بحلول منتصفه.
المعيار الخامس: اختراق جزئي
يشير المقياس الخامس لوكالة الطاقة الدولية إلى ضرورة إنشاء آليات تمويل واسعة النطاق لمضاعفة الاستثمار في الطاقة النظيفة 3 مرات في الاقتصادات الناشئة والنامية، وهو ما تحقق أيضًا في النص النهائي، وشهد اختراقات جزئية فيما يتعلق بالتعهدات.
أطلقت الرئاسة الإماراتية في COP28 "إعلان الإمارات بشأن الإطار العالمي للتمويل المناخي"، ووقعت عليه 13 دولة، بما في ذلك الولايات المتحدة والهند وفرنسا ودولة الإمارات العربية المتحدة، وتعهدت بالتركيز على الوصول إلى التمويل الكافي لتحقيق الأهداف المعلنة.
يقدم الإعلان نهجاً شاملاً وموحّداً لزيادة التمويل المناخي وتوسيع نطاقه بهدف الحد من تداعيات تغير المناخ، وضمان توفير التمويل بشروط ميسرة وبتكلفة مناسبة للدول النامية، وكذلك قدرة الاستثمارات المناخية على خلق فرص اقتصادية للجميع.
يعترف الإعلان أيضًا بالحاجة إلى استثمار ما بين 5 إلى 7 تريليونات دولار سنويا في تخضير الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030، ويقر بأن جزءا كبيرا من التمويل اللازم سيأتي من المدخرات المحلية والحوافز المالية الفعالة، بالإضافة إلى الدور المهم لتمويل القطاع الخاص وأسواق الكربون.
على جانب أخر، يشدد النص النهائي على أنه يجب استثمار حوالي 4.3 تريليون دولار أمريكي سنوياً في الطاقة النظيفة حتى عام 2030، ثم زيادتها بعد ذلك إلى 5 تريليونات دولار أمريكي سنويًا حتى عام 2050، كي يتمكن العالم من الوصول إلى صافي الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050.
كما يشدد على أهمية توسيع نطاق الأدوات الجديدة والإضافية القائمة على المنح والتمويل التساهلي للغاية وغير المتعلق بالديون لدعم هذه البلدان، لا سيما وهي تمر بمرحلة انتقالية بطريقة عادلة ومنصفة.
يشير النص أيضًا إلى أنه يتعين على البلدان المتقدمة الأطراف توفير الموارد المالية لمساعدة البلدان النامية فيما يتعلق بالتخفيف والتكيف على السواء لمواصلة التزاماتها القائمة في اتفاق باريس، وأن تواصل أخذ زمام المبادرة في تعبئة التمويل المتعلق بالمناخ من مجموعة واسعة من المصادر والأدوات والقنوات، مع تشجيع الأطراف الأخرى على تقديم هذا الدعم أو الاستمرار في تقديمه طوعاً.
التدابير المصاحبة
لم يغفل COP28 أيضًا التدابير المصاحبة التي أشارت وكالة الطاقة الدولية لضرورة أخذها في الاعتبار لتحقيق الأهداف الخمسة سالفة الذكر.
يدعو النص النهائي لتسريع الجهود العالمية نحو إنشاء أنظمة طاقة خالية من الانبعاثات، واستخدام أنواع الوقود الخالية والمنخفضة الكربون قبل منتصف القرن بوقت طويل أو بحلول منتصفه.
كما يدعو إلى التعجيل بخفض الانبعاثات الناجمة عن النقل البري على مجموعة من المسارات، بما في ذلك من خلال تطوير البنية التحتية والنشر السريع للمركبات منخفضة الانبعاثات أو الخالية منها.
وفيما يتعلق بالتعهدات على هامش المؤتمر، تعهدت 22 دولة بزيادة القدرة النووية الحالية ثلاث مرات بحلول عام 2050، لتقليل الاعتماد على الفحم والغاز.
من جانبه، علق فاتح بيرول، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، على النتائج النهائية للمؤتمر قائلًا: "يسعدني أن أرى معظم ركائز وكالة الطاقة الدولية تتحقق في COP28، مع التأكيد على الحاجة إلى بذل المزيد من الجهود لتمويل الاقتصادات النامية".