«COP28» دق ناقوس الخطر.. «الملوثات قصيرة الأجل» كارثة تضاهي CO2
"الملوثات قصيرة الأجل"، من القضايا البارزة التي نجحت الدورة الـ28 من مؤتمر الأطراف "COP28"، في توجيه اهتمام العالم إليها.
ومع الاعتراف بأن ثاني أكسيد الكربون "CO2" ليس المساهم الوحيد في تغير المناخ، فإن هناك مجموعة من ملوثات المناخ القصيرة الأجل، أبرزها غاز الميثان، ومركبات الهيدروفلوروكربون (HFCs)، وأكسيد النيتروز، وجميعها يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة بشكل هائل.
رغم ذلك تظل هذه العناصر أقل من ثاني أكسيد الكربون "CO2" في الغلاف الجوي، ولكنها تسبب تأثيرات مناخية كبيرة.
- التكيّف مع التغير المناخي.. أولوية عالمية حتى 2029
- ما هي عتبة 1.5 درجة مئوية وماذا يحدث عندما نتجاوزها؟
وتساهم الملوثات قصيرة الأجل مجتمعة فيما يزيد على 40% من ظاهرة الاحتباس الحراري الحالية، وبالتالي تستحق الاهتمام المتعمق.
تهديدات مناخية أكبر
تستمر دقة قياس هذه الملوثات في التحسن، مما يؤدي إلى إشراك الأقمار الصناعية والطائرات والطائرات بدون طيار في التحرك نحو قوائم جرد أكثر دقة.
ويكشف هذا بشكل روتيني عن إطلاقات ملوثات أعلى بكثير من التقديرات الرسمية، مما يشير إلى تهديدات مناخية أكبر مما تم الاعتراف به سابقًا.
ويشير التقدم التكنولوجي في كل من القياس والتخفيف إلى طرق عديدة يمكن من خلالها خفض الإطلاقات المستقبلية بشكل ملحوظ، مما يحقق فوائد مناخية فورية، وهو الأمر الذي تم عرضه في دبي خلال COP28، ضمن عدد كبير من الاجتماعات، وورش العمل، والتعهدات، والإعلانات التي ركزت على هذه الملوثات.
وتشير تقديرات أمريكية إلى أن "التخفيضات المتسارعة" في هذه الغازات يمكن أن تتجنب ما يصل إلى 0.5 درجة مئوية من ارتفاع درجات الحرارة بحلول منتصف القرن.
وانتهت فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ "COP28" إلى مجموعة متفاوتة للغاية من الالتزامات المحلية والعالمية لمعالجة هذه الملوثات.
ولكن حتى بالنسبة لغاز الميثان، المسؤول عن نحو 30% من الاحتباس الحراري العالمي الحالي، فإن الاختلافات السياسية الأساسية تظل تعتمد على ما إذا كان مصدره هو النفط، أو الغاز، أو الفحم، أو النفايات، أو الزراعة، بحسب البرفيسور "باري راب" أستاذ السياسات البيئية والمناخية، في كلية "جيرالد ر. فورد" للسياسة العامة في جامعة "ميشيغان" الأمريكية.
مركبات الهيدروفلوروكربون
يرى عالم السياسات المناخية والبيئية "باري راب" أنه لا يزال التطوير السريع ونشر بدائل مركبات الكربون الهيدروفلورية لتحويل قطاع التبريد هو المعيار الذهبي لسياسة المناخ.
وعن التجربة الأمريكية في هذا المجال فإن التنفيذ المستدام لـ"تعديل كيغالي" على أساس بروتوكول مونتريال الخاص بالمواد المستنفدة للأوزون يحظى إلى جانب التشريعات الأمريكية والتصديق على المعاهدات بدعم من الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
ويعكس هذا الاهتمام مبادرة عالمية قوية تدعم التقدم التكنولوجي السريع من خلال أدوات تنظيمية وتسعيرية وسياسات تجارية متسلسلة، وتعمل هذه جنباً إلى جنب مع آلية فريدة لتمويل التحول العالمي.
وخلال مؤتمر الأمم المتحدة الأخير المعني بتغير المناخ "COP28" تم إبرام تعهد عالمي للتبريد لتوسيع نطاق كيغالي إلى ما هو أبعد من المواد الكيميائية المستخدمة عادة في تكييف الهواء والتبريد إلى تسريع كفاءة الطاقة والقدرة على تحمل تكاليف معدات التبريد الناشئة.
وانضمت أكثر من 60 دولة إلى "تحالف التبريد" الجديد خلال مؤتمر الأطراف لتعزيز مهمة قطاع التبريد الموسعة هذه.
وتنبع أهمية هذا التعهد من افتقار أكثر من أربعة مليارات شخص حاليًا إلى إمكانية الوصول إلى أنظمة التبريد الكافية، فيما يستهلك التبريد الحالي بالفعل خمس الكهرباء العالمية، مما يخلق فرصة فريدة لتوسيع التأثيرات.
انبعاثات الميثان
يساهم الوقود الأحفوري بحوالي 35% من غاز الميثان الناتج عن الإنسان على مستوى العالم، في وقت يستلزم وضع سياسة تخفيف غاز الميثان عالميا محل اهتمام.
ويدرس عدد من الدول المنتجة للنفط والغاز سياسات لتقليل التنفيس والحرق، وإلزام بإصلاح سريع للتسريبات، واستخدام معدات إنتاج منخفضة الانبعاثات، وإنشاء أنظمة إفصاح أكثر دقة وشفافية.
وخلال مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ "COP28"، كشفت الولايات المتحدة عن مجموعة من الأحكام التنظيمية الجديدة، وقدمت منذ ذلك الحين خططًا لتشغيل نظام تشريعي يحدد رسوم إطلاق غاز الميثان على الصناعات منخفضة الأداء ورفع مستوى الإبلاغ عن الانبعاثات.
كما اقترحت أوروبا معايير جريئة لخفض انبعاثات غاز الميثان من النفط والغاز الذي تنتجه وتستورده، الأمر الذي يزيد من احتمالات التوصل إلى شكل ما من أشكال عملية تعديل حدود غاز الميثان من خلال الطاقة المتداولة عالمياً.
وتبنت أكثر من أربعين شركة كبرى لإنتاج النفط والغاز، بما في ذلك بعض الكيانات المملوكة وطنيا، ميثاق إزالة الكربون من النفط والغاز في "COP28"، بهدف إنهاء حرق الغاز الروتيني وتحقيق انبعاثات "قريبة من الصفر" بحلول عام 2030، والتحرك نحو "صافي الصفر" للانبعاثات بحلول عام 2050.
ومع ذلك، فإن تنفيذ هذه المقترحات في إطار تدابير سياسية شفافة وفعالة لا يزال يمثل تحديًا كبيرًا.
وفي كل الأحوال كان لافتا أن ملوثات المناخ قصيرة العمر حققت بشكل جماعي أهمية غير مسبوقة في COP28، في حين لا يزال تطوير السياسات الفعلية والأداء يتباين بشكل كبير حسب نوع الملوثات ومصدرها.
ويبدو من المرجح أن يستمر التقدم المتسارع في قطاعات التبريد والنفط والغاز في التعويض عنه بخطوات أكثر تواضعا في قطاعات الفحم والنفايات والزراعة، مع بقاء المشاركة الأكثر قوة في السياسات بمثابة فرصة ضائعة لتحقيق حماية المناخ في الأمد القريب.