هكذا تحاول بعض الفراشات التكيّف مع التغيرات المناخية
تحاول الكائنات الحية التعامل مع التغيرات البيئية حولها باستمرار مدفوعة بغريزة البقاء.
ويبدو أنّ فراشات «ميدو براون» (Meadow Brown) قد وجدت طريقها للتكيف مع الاحترار العالمي الذي جعلها تطور قدراتها على التمويه؛ لحماية نفسها من مفترسيها، وفقًا لدراسة حديثة منشورة في دورية «إيكولوجي آند إيفوليوشن» (Ecology and Evolution) في 17 يناير/كانون الثاني 2024.
هل تباين الجينات؟
تتمتع حشرة ميدو بروان بوجود بقع على أجنحتها البنية، منها بقعة كبيرة على أجنحتها الأمامية؛ لتُبعد عنها مفترسيها وتُخيفهم، وهناك بقع أخرى أصغر على أجنحتها الخلفية، ما يُساعدها في التمويه عندما تكون الفراشات في وضع الراحة، ما يحميها. لكن، اختلافات البقع في تلك الفراشات، أثار العديد من الأسئلة حولها، واجتهد العلماء على مر السنين في فهم السبب في ذلك، لعل أبرزهم عالم الأحياء الشهير «إدموند بريسكو فورد»، الذي فسر تباين البقع هذا ناتج عن تباين الجينات؛ أي اختلاف الجينات داخل نفس المجموعة.
ماذا عن الحرارة؟
أدركت مجموعة بحثية بقيادة «صوفي موبراي» أنّ الارتفاع في درجات الحرارة، يلعب دور ما؛ فلاحظوا مجموعات كبيرة من الفراشات من 3 مواقع على مدار عدة سنوات، للتأكد مما إذا كانت درجات حرارة الحقل مرتبطة بشكل ما بتباين البقع. وبالفعل وجدوا أنّ ارتفاع درجات الحرارة في وسط النمو، يتسبب في اختفاء البقع عندما تكون الفراشات في حالة الراحة. ووجدوا أنّ الإناث التي تنمو عند 11 درجة مئوية، لديها في المتوسط 6 بقع، بينما الفراشات التي تنمو عند 15 درجة مئوية، لديها فقط 3 بقع. لذلك، يتوقع مؤلفو الدراسة أنّ ارتفاع درجات الحرارة، سيُخفي البقع من جناحات الإناث عامًا بعد عام.
وما علاقة ذلك بالتكيّف؟
حسنًا، ببساطة، إخفاء البقع يساعد الفراشات على أن تُكيّف تمويهها مع التغيرات الحاصلة في البيئة حولها، خاصة في ظل التغيرات المناخية. ومع قلة أعداد البقع، قد يصعب اكتشافها على العشب البني الجاف، وتُصبح أقل عرضة للمفترسات.
لكن، من جانب آخر، لم يكتشف الباحثون التأثير القوي لدرجات الحرارة المرتفعة على أعداد البقع عند الفراشات الذكور، وأرجعوا السبب وراء ذلك إلى أنّ بقع الذكور مهمة في جذب الإناث من أجل التكاثر.
وجود الفراشات مهم بالنسبة للنظام البيئي، وتُبهرنا كل مرة تحاول فيها التكيف مع التغيرات المناخية، لكن ربما يأتي الوقت الذي تستنفذ فيه سُبل مقاومتها للتغيرات الحاصلة حولها.