الديون المقاومة للمناخ «CRDCs».. آلية إنقاذ ودعم
انضمت غالبية كبيرة من الدول التي شاركت في قمة المناخ الأخيرة في دبي COP28 إلى دعوة لجميع الدائنين لتقديم الديون المقاومة للمناخ "CRDCs" بحلول عام 2025.
وستسمح هذه الخطوة للدول المدينة المتضررة من تغير المناخ التي تحتاج تمويلات للتكيف والتخفيف ومواجهة الخسائر والأضرار بإيقاف سداد الديون مؤقتا إذا كانت ستواجه تأثير كارثة مناخية.
وخلال COP28 جدد وزير التنمية وشؤون أفريقيا البريطاني أندرو ميتشل ورئيسة وزراء بربادوس، ميا أمور موتلي، دعوتهما جميع الدائنين إلى تقديم شروط الديون المعنية بالقدرة على الصمود في مواجهة المناخ بحلول عام 2025.
- الاستثمار في الهواء النظيف ينقذ ملايين البشر.. تعهدات COP28 رسمت خريطة النجاة
- سلطان الجابر: الإمارات أدارت مفاوضات COP28 بحكمة وإنصاف وتوازن
وانضمت 66 دولة أخرى إلى هذه الدعوة، ما يعني أن هنالك 73 دولة تدعو العمل بهذا الصدد.
و"الديون المقاومة للمناخ" إحدى الأدوات المالية التي تعنى بالدول الأشد احتياجا ويمكن من خلالها مساعدة تلك البلدان في تدابير مكافحة تغير المناخ، وكذلك في اتخاذ إجراءات التخفيف والتكيف.
فما هي تلك الأداة المالية التي تسهم في جهود التكيف ومكافحة التغير المناخي خاصة في الدول الفقيرة في أفريقيا وآسيا المسماة "الديون المقاومة للمناخ"؟.
الدين المناخي
قبل الحديث عن الديون للمقاومة للمناخ تجدر الإشارة إلى تعريف "الدين المناخي" بشكل عام وهو مصطلح يشير إلى ديون البلدان المتقدمة تجاه البلدان النامية بسبب الأضرار الناجمة عن مساهماتها الكبيرة وغير المتكافئة في التغير المناخي.
وتشكل الانبعاثات العالمية لغازات الدفيئة على مر التاريخ، التي ساهمت بها الدول المتقدمة إلى حد كبير، تهديدات كبيرة للبلدان النامية الأقل قدرة على التعامل مع الآثار السلبية للتغير المناخي.
ويعتبر البعض تبعًا لذلك، أن الدول المتقدمة تدين للدول النامية، بسبب مساهماتها غير المتكافئة في التغير المناخي.
ويعد مفهوم الدَين المناخي جزءًا من المفهوم الأوسع للدَين البيئي، وحظي باهتمام متزايد منذ أن طُرح في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 2009، حيث سعت البلدان النامية، بقيادة بوليفيا، إلى استرداد الدَين المناخي.
ويشمل الدَين المناخي، ديون التكيف وديون الانبعاثات، كما تشير ديون التكيف إلى الديون التي تدين بها البلدان المتقدمة للبلدان النامية لمساعدتها في التكيف مع التغير المناخي.
ويشير مصطلح ديون الانبعاثات إلى الديون المستحقة على البلدان المتقدمة بسبب الكمية غير المتناسبة من انبعاثات غازات الدفيئة.
واختُلف حول تفسير الدَين المناخي بشكل صحيح، منذ أن طُرح هذا المفهوم، إذ اتخذت البلدان المتقدمة والبلدان النامية، وكذلك أصحاب المصلحة المستقلون، مجموعة متنوعة من المواقف بشأن هذه القضية.
ويقول المدافعون عن مصطلح الدين المناخي إن الشمال العالمي مدين للجنوب العالمي بديون لمساهماته في التغير المناخي، وسرعان ما تبع ذلك دعم من دول العالم.
الديون المقاومة للمناخ
دعت البلدان النامية خلال قمة سابقة الجنوب لمجموعة سبع وسبعين إلى الاعتراف بالديون المناخية المستحقة على شمال الكرة الأرضية كأساس لحلول قضايا المناخ. لم يُعرّف مفهوم الدَين المناخي بشكل صريح في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي.
ورفضت دول من بينها بوليفيا وفنزويلا والسودان وتوفالو اعتماد اتفاق كوبنهاغن في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 2009، مشيرة إلى أن الدول الصناعية لا تريد تحمل المسؤولية عن التغير المناخي.
وقدمت بوليفيا وكوبا ودومينيكا وهندوراس ونيكاراغوا وفنزويلا في المؤتمر، اقتراحًا لتقييم الدَين المناخي للبلدان المتقدمة تجاه البلدان النامية على مر التاريخ. حلل الاقتراح أسباب التغير المناخي، وشرح ديون التكيف وديون الانبعاثات.
كما استضافت بوليفيا ودول نامية أخرى في عام 2010، مؤتمر شعوب العالم بشأن "التغير المناخي وحقوق أمنا الأرض"، وتوصلت إلى اتفاق الشعوب الذي ينص على أن "ديون المناخ مستحقة من خلال التعويض المالي، وكذلك العدالة الإصلاحية، ورفضت اتفاقية كوبنهاغن وضوحًا".
وانقسم الخبراء والمراقبون بين مؤيدين ومعارضين لمفهوم الدَين المناخي بعد ظهوره في وسائل الإعلام العامة، بعيدًا عن الاتفاقيات الرسمية بين الدول، ومن هنا ظهر مصطلح "الديون المقاومة للمناخ".
ويعني هذا المصطلح تقديم شروط الديون المعنية بالقدرة على الصمود في مواجهة المناخ التي تسمح للحكومات بتأخير سداد الديون، وبالتالي تمكنها من توفير الموارد لتمويل الاستجابة للكوارث والتعافي منها.
وعمل البنك الدولي على توسيع نطاق الخدمة التجريبي ليشمل القروض القائمة. كما أشادت كريستالينا غورغييفا، المدير العام لصندوق النقد الدولي، بدور المملكة المتحدة في قمة COP28 في إحداث نقلة في الكيفية التي يتعامل بها العالم مع البلدان والمشاريع المتضررة من الكوارث الطبيعية.
"CRDCs" في COP28
ضمن الإنجازات التي حققها مؤتمر الأطراف للمناخ الذي عقد في دبي خلال الفترة من 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 حتى 12 ديسمبر/كانون الأول 2023، قال البنك الدولي إنه سيوسع نطاق شروط الديون المقاومة للمناخ، التي تعلق سداد الديون عند وقوع الكوارث الطبيعية، في قروضه لتشمل جميع القروض الحالية للبنك الدولي المقدمة للبلدان الأكثر ضعفا.
وكانت الإمارات وبريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة من بين الدول التي ساهمت بما يزيد قليلا على 300 مليون دولار في صندوق جديد للتصدي للكوارث المناخية.
كما شهدت فعالية استضافتها المملكة المتحدة في قمة COP28 اجتماع بعض أكبر الدائنين في العالم لتقديم شروط الديون المعنية بالقدرة على الصمود في مواجهة المناخ (CRDCs).
وتوصلت الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات إلى اتفاق بشأن إضافة هذه الشروط إلى اتفاقات القروض الجديدة والقائمة مع السنغال وغويانا، كما أن هناك عشر دول أخرى تدرس هذا العرض.
جاء ذلك بعد إعلان المملكة المتحدة في قمة COP27 أن الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات ستصبح أول وكالة ضمان صادرات على مستوى العالم تشمل هذه الشروط في قروضها المباشرة التي تمنحها للبلدان منخفضة الدخل والدول الجزرية الصغيرة النامية.