تتأثر الكثير من بلدان العالم بظواهر مناخية متطرفة في الأعوام الماضية، منها الجفاف الشديد، وموجات ارتفاع درجات الحرارة، وارتفاع مستويات سطح البحر، وزيادة حدة الكوارث الطبيعية، مع مؤشرات على ارتفاع معدل الاحترار العالمي بوتيرة سريعة.
وتختلف درجة تأثير تغير المناخ من دولة إلى أخرى، حيث تعاني البلدان النامية بشكل أكبر من آثار تغير المناخ، بسبب ضعف قدرات التكيف مع هذه الآثار، ما يزيد من احتمالية أن تؤدي تغيرات المناخ إلى المزيد من الفقر والجوع والهجرة والصراعات، ويتطلب معالجة هذه التغيرات تعاوناً دولياً، فلا يمكن لدولة أن تحل هذه المشكلة بمفردها.
وتهدف دولة الإمارات في قمة المناخ "COP28"، عبر شعار"عالم واحد"، إلى بناء حالة من الاصطفاف الدولي، وتوحيد الجهود الدولية عبر طرح رؤية بعيدة المدى للعمل المناخي الفعال ولمستقبل كوكب الأرض، تعتمد على الابتكار في جميع القطاعات، لتحقيق نقلة نوعية في التنمية المستدامة.
وتعكس رسالة قمة المناخ "عالم واحد" غاية إنسانية عنوانها الفعل والإرادة، لتكون دولة الإمارات نقطة التقاء الماضي والحاضر والمستقبل نحو غد أفضل، خلال اجتماع قادة العالم، في نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول 2023، في الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ.
وتقع على عاتق قمة المناخ "COP28" مهمة صعبة للغاية، وهي التفاوض على اتفاق عالمي جديد لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وأمام القمة فرصة تاريخية لاتخاذ خطوات ملموسة لمواجهة تغير المناخ، بتفاوض قادة العالم على اتفاق جديد يحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ويوفر الدعم للبلدان النامية للتكيف مع آثار تغير المناخ.
وتتمثل رؤية "عالم واحد" في التعاون بين جميع البلدان، بغض النظر عن نفوذها الدولي أو تأثيرها أو ثرواتها أو مواردها، أو معدلات التنمية التي تحققها، في توفير التمويل للبلدان النامية للانتقال إلى اقتصادات منخفضة الكربون، حيث يشمل هذا التمويل الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، وتحسين كفاءة استخدام الطاقة، وتقنيات إزالة الكربون من الغلاف الجوي، ولا تقتصر رؤية "عالم واحد" على التمويل فقط، بل أيضاً زيادة الوعي بتغير المناخ في جميع أنحاء العالم.
ولا سبيل أمام الدول النامية لتنفيذ المواجهة المناخية إلا من خلال دمج العمل المناخي مع أهداف التنمية المستدامة الأخرى، في إطار نهج شامل، أي العمل بالتوازي مع مكافحة الفقر وتوفير فرص العمل وإتاحة مصادر المياه والطاقة للجميع، ما يتطلب توسيع رؤية الدول المتقدمة فيما يتعلق بالاستثمار في العمل المناخي والتنموي في الدول النامية، مع التعامل الجاد مع مسألة أولويات التمويل في الدول المختلفة.
وبعد انقسام المجتمع الدولي بشأن التمويل المناخي لفترة طويلة، ما أدى إلى تأخير التقدم في معالجة تداعيات تغير المناخ، نجحت قمة المناخ "COP28" بإنشاء صندوق "الخسائر والأضرار"، لكن دون خطة واضحة لآليات التمويل، فيما ستركز قمة "COP28" على التمويل المناخي باعتباره عامل التمكين الأكثر فعالية للانتقال من مرحلة وضع الأهداف إلى تنفيذها، بتغطية تمويل التكيُّف وتقليل المخاطر والأضرار، مع تحفّيز القطاع الخاص في إتاحة التمويل بشروط ميسرة وبتكلفة مناسبة، ما يقلل من تداعيات التغيرات المناخية، ويحقق العدالة المناخية، بالاهتمام بالفئات الأكثر هشاشة أمام التغير المناخي.
ويمكن لقادة دول العالم في قمة COP28 تدشين بداية لعالم واحد يواجه تغير المناخ بشكل جماعي جاد يتماهى مع الأخطار والتحديات المناخية التي يراها ويعاني منها الجميع، من خلال التفاوض على اتفاق جديد لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتوفير الدعم للبلدان النامية للتكيف مع آثار تغير المناخ.
وفي حال نجاح هذه المهمة سينجح العالم في تخفيف آثار تغير المناخ، وتحسين صحة الإنسان، وزيادة النمو الاقتصادي، وتعزيز السلام والأمن، أي خلق عالم أكثر استدامة وعدالة للجميع.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة