تسريبات "بو حبيب" وإساءات قرداحي.. لبنان في "عين العاصفة"

بعد الأزمة بين لبنان ودول الخليج العربي، والتي بطلها جورج قرداحي، أتت تسريبات وزير خارجية بيروت

سقطة وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب، رغم أنه دبلوماسي ليس جديداً في عالم السياسة ومثّل لبنان لفترة طويلة في الولايات المتحدة في أتون الحرب الأهلية، استنكرتها مصادر سياسية لبنانية، معتبرة أن لتلك التسريبات "تأثيرا مدمرا على لبنان".

تسريب مقصود

المصادر السياسية البارزة قالت لـ"العين الإخبارية" إن:"وزير الخارجية اللبناني كان يعلم أنه يمكن تسريب حديثه خاصة أنه كان يتحدث أمام مجموعة من الصحفيين وهذا في صلب العمل الصحفي".

وأضافت المصادر، التي فضلت عدم ذكر اسمها، قائلة: "بالتالي فمن المنطقي أن عبدالله بو حبيب أراد تسريب حديثه".

وفي هذا السياق رأى شارل جبور، المسؤول الإعلامي في حزب "القوات اللبنانية" أنه:"أي وزير خارجية بأي دولة وفي ظل أزمة يفترض أن يعالج الأزمة بشكل صامت ويتحدث بلغة الدبلوماسية لأجل عدم تعكير صفو العلاقات ومعالجة المشكلات".

وقال لـ"العين الإخبارية"، إنه: "المطلوب بإلحاح حاليا هو معالجة تلك الأزمة مع دول الخليج العربي التي تشكل محورا لدعم لبنان"، مشيراً إلى أن " تصريحات "بو حبيب" تسكب الزيت على النار وتعكس وجهة نظر ليس إيجاد الحل بل تأزيم الموقف والمواجهة".

 وأضاف أن "الأزمة الحالية بمعزل عن أي اعتبار، ويجب أن تعالج الأزمة بالقنوات الدبلوماسية وليس المواقف الاستفزازية على غرار المواقف التي سمعناها أو قرأناها".

وأكد "جبور" أن "ما يحدث أظهر أن التوجه الغالب للحكومة اللبنانية هو توجه وأجندة حزب الله"، مدللا على ذلك بقول إن "الحكومة لم تتمكن من الاجتماع نتيجة أن الحزب رفض عقدها عندما خيّرها بين الشلل وبين رأس طارق البيطار، المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت".

وأضاف: " حزب الله يتجه لتعطيل حكومة لبنان وبالتالي لديه القدرة على ذلك انطلاقا من الأكثرية التي يملكها ومن سلاحه "

وخلص جبور الى أن" موقف حزب الله هو الذي يتحكم ويعطل الحكومة بدءا من أزمة القاضي البيطار وصولا إلى منعها من الاجتماع لتتخذ الموقف المناسب بإقالة قرداحي". 

طبقة سياسية غير مسؤولة

 بدوره أشار المحلل السياسي والأستاذ الجامعي مكرم رباح إلى أننا كنّا اعتقدنا أن "حزب الله" هو فقط المرض بهذه الحكومة إنما ظهر أن المرض الحقيقي هو الوزير عبدالله بو حبيب الذي من المفترض أن يتكلم على أنه مسؤول لكن في الحقيقة تظهر أنه ليس لديه اي حس بالمسؤولية مع ما يرافق ذلك من مغالطات. 

وقال لـ"العين الإخبارية": "التركيز على السعودية هو خطأ وما قامت به دول الخليج لم يكن فقط تضامن مع السعودية وليس نوعا من الحرد بل موقفا سياسيا صريحا من طبقة سياسية في لبنان تحتمي بحزب الله وتعطي شرعية لهذا السلاح غير الشرعي الذي يخطط لإغراق الأسواق الخليجية بالمخدرات ".

وأضاف: "الكلام ان لبنان قام بمكافحة المخدرات هو كذب هم يقومون بشكل ممنهج لتصنيع المخدرات وإرسالها الى المملكة لضرب المجتمع والاستقرار الخليجي".

ورأى أن الخطوات الإجرائية من الخليج هي ليست ضد الشعب انما ضد هؤلاء المسؤولين كعبدالله بو حبيب.

وأردف: " الكذب الحقيقي هو اعتبار أن هذه الطبقة السياسية تستطيع إنقاذ لبنان من ما يقوم به حزب الله بالتكافل مع ميقاتي وعون الذي شرع سلاح حزب الله عند انتخابه رئيسا لبنان".

وختم حديثه بالتأكيد أن لبنان الآن هو تحت احتلال معنوي من الطبقة السياسية التي تستخدم سلاح الحزب ضد الشعب والمرض الحقيقي هو هذه المنظومة التي حان وقت رحيلها .

إسقاط المنظومة بأكملها

وعن تسريبات بوحبيب غرّد رئيس "حركة الاستقلال"النائب المستقيل ميشال معوض عبر حسابه على "تويتر"، قائلًا: “وكأنه لم يكن تكفينا تصريحات وزير الاعلام جورج قرداحي لتأتي التسريبات الصادمة لوزير الخارجية عبدالله بوحبيب".

وأضاف: "لم يعد ينفع مع مثل هكذا حكومة استقالة وزير من هنا أو وزير من هناك وبات المطلوب استقالة أو إسقاط منظومة متكاملة لسلطة يديرها حزب الله وتتبنى سياساته العدائية ضد المصالح اللبنانية وتتسبب بعزلته".

أما حزب الكتائب اللبنانية فرأى أنّ "الأزمة التي اندلعت بين لبنان ودول الخليج هي نتيجة مسار من التنازلات والمساومات لمنظومة الحكم في لبنان أمام حزب الله".

وأضاف:" انتهى ذلك بالاستسلام التام لإرادة حزب الله، عبر انتخاب حليفه لرئاسة الجمهورية وتغطية الحكومات المتعاقبة، التي خضعت لإرادته، ومنحه مع حلفائه الأكثرية النيابية عبر قانون انتخاب فصل على هذا المقياس". 

وقال المكتب السياسي للحزب إنّ "حزب الله وبعدما سيطر على القرار السياسي في البلد، بدأ تنفيذ أجندته بعزل لبنان عن العالم وإبعاده عن أصدقائه وتغيير وجهه التاريخي، بهدف استخدامه كورقة تفاوض".

وتسائل، كيف لدولة تحترم سيادتها أن ترضى بوجود ميليشيا تخوض معارك خارج الحدود في سوريا واليمن وغيرها وتنشئ فروعاً مسلحة في دول العالم، لتحقيق مصالح راعيها الإقليمي وهو إيران؟، لافتاً إلى أن ذلك " يتم في ظل أن أهل البلد يهجرون وتتم ملاحقتهم في الدول التي لجأوا إليها".

إلى ذلك، عبّر حزب الكتائب عن رفضه "منطق الرضوخ لمحاولة حزب الله وضع يده على الدولة اللبنانية"، وقال إن: "الحل الفوري لاستعادة لبنان من حكم المليشيات وتواطؤ المافيا، هو بإعطاء الأولوية المطلقة لعملية الانتخابات، عبر حماية دولية تؤمن انتقالاً سلمياً للسلطة".

تسريبات صادمة

 ونشرت صحيفة "عكاظ" على تسجيلات لأحاديث صحافية أدلى بها بوحبيب لمجموعة من الصحفيّين على خلفية الأزمة الدبلوماسية الأخيرة مع السعودية،قلّل من جهود دول الخليج والسعودية في دعم لبنان، مطلقا اتهامات غير مسؤولة تجاه المملكة، إذ اعتبر أن الداعم الأكبر لبلاده ماليا هو الاتحاد الأوروبي.

ولاذ الوزير اللبناني باتهام السعودية بأنها "أعطت الكثير من الأموال، لكن ليس للدولة بل أعطيت في الانتخابات وأعطيت مساعدات لهيئة الإغاثة بعد 2006 التي لا نعرف أين صرفت، لكن الدولة لم تأخذ منها شيئا"، حسب زعمه.

وفي اصطفاف مع الإساءة للسعودية، قال بوحبيب: "حتى عندما أقلنا وهبة لم تقدّر السعودية... إذا كنا لا نستطيع أن نختلف ما بدي هيك أخوة، اليوم إذا أقالوا قرداحي ماذا سنحصد من المملكة؟ لا شيء.. سيطلبون أموراً أكثر".

وتمادى وزير خارجية لبنان في الإساءة للسعودية، عبر تبريره لتهريب المخدرات إليها، قائلا إن "تصديرها عبر بلاده إلى المملكة هي أن سوقها للمخدرات، هو الدافع الرئيسي خلف التهريب، لا تجار المخدرات في بيروت وضواحيها!".

وبدا الوزير عاجزا عن معالجة أزمة قرداحي، حين قال "إنه حتى لو أقال رئيس الجمهورية (ميشال عون) ورئيس الحكومة (نجيب ميقاتي) قرداحي، فسيدخلان في أزمة داخلية مع سليمان فرنجية"، زعيم تيار المردة.

ولم يسلم سفير السعودية في لبنان وليد بخاري، من سهام بوحبيب، حين قال إنه "لم يهاتفه عند اندلاع الأزمة الأخيرة، واتصل بمستشار رئيس الجمهورية، متسائلا: "لماذا لا يتكلم معي"!

لكن الوزير اعترف بمشكلة لبنان التي كررتها السعودية، حين قال: "المشكلة مع السعودية إذا أخوك مريض -في إشارة إلى أن لبنان مريض بحزب الله- لا يمكنك أن تقول لي كلمني عندما تُشفى. أنا لا أستطيع أن أُشفى ولا أستطيع علاج المرض".

في السياق نفسه، كشف الوزير اللبناني أن "الأمريكان كانوا يضغطون بشدة خلال عهد (الرئيس السابق دونالد) ترامب وبوجود وزير الخارجية (مايك) بومبيو، ويطلبون منا التخلص من حزب الله. إنما كيف يمكن التخلص؟ وقلت لهم مرة: ابعثوا 100 ألف مارينز وخلصونا".

وختم بوحبيب تصريحاته التي منع الإعلام اللبناني من نشرها، بأن ميشال عون "يتمنى اتصالا من الرياض ليطير بسرعة، مهما كان جدوله، إلى عاصمة القرار العربي"، في إشارة إلى الرياض.