كورونا يكشف معدن الشعب البرازيلي.. سخاء يخجل الشركات الكبرى
حملات التمويل الشعبية نجحت في إطلاق مشروعين لمساعدة جامعي الخردة، أحدهما منح 2200 من هؤلاء العاملين مبلغ 115 دولارا لكل منهم
أظهر تفشي وباء كورونا المستجد المعدن الحقيقي للشعب البرازيلي الذي نجح في جمع المال عبر الإنترنت، في حملات تمويل شعبية نجحت في إنجاز ما فشلت الحكومة أو حتى الشركات الكبرى فيه.
وسجلت حملات التمويل التشاركي (الشعبية) في البرازيل عبر الإنترنت طفرة كبيرة تعكس سخاء شعبيا لافتا، ما يوفّر مبالغ مالية كبيرة لدعم إنجاز المشاريع أو مساعدة السكان على الصمود، وذلك منذ بداية تفشي وباء كورونا المستجد في مارس/آذار الماضي.
وشهدت حملات التبرع في البرازيل قدرا كبيرا من التضامن غير المسبوق، كما شملت جمهورا ومتبرعين جددا، مدوا يد العون سواء أكانوا موظفين أم حتى عاطلين من العمل، بعيدا عن الشركات الكبرى.
ومع تدابير الحجر التي بدأت في مارس/آذار الماضي، تبدد دخل ملايين البرازيليين أو تقلص بدرجة كبيرة.
حملات شعبية للتبرعات
ولم تعوض المساعدة الحكومية الطارئة بقيمة 600 ريال برازيلي (108 دولارات) نقص الرواتب، فضلاً عن أن توزيعها لم يحصل بصورة منهجية.
ويجمع كارلوس دوس رييس -52 عاما- الخردة من الطرق ليبيعها منذ أكثر من عقدين، لكن بلدية ساو باولو منعته من الاستمرار في هذا النشاط.
وقال دوس رييس إن "على مدى أكثر من شهرين، لم يُسمح لنا بالعمل لأن المواد التي كنا نجمعها قد تكون ملوثة" بالفيروس.
وأضاف "كنت يائسا لأني كآخرين لم أحصل على المساعدة الحكومية الطارئة، نشعر كعمال مستقلين أننا متروكون".
وقد دفع به هذا الوضع إلى إطلاق مشروع للتمويل التشاركي لتمكينه ومعاونيه من دفع بعض الفواتير وتوفير تكاليف صنع الكمامات.
وحققت هذه المبادرة نجاحا كبيرا.
وأوضح دوس رييس "لم أر يوما هذا القدر من التضامن الاجتماعي كما حصل هذه السنة.. لا أتحدث عن الشركات الكبرى بل عن الناس الذين مدوا يد العون، سواء أكانوا موظفين أم حتى عاطلين من العمل".
ومنذ ذلك الوقت رأى مشروعان من هذا النوع النور لمساعدة جامعي الخردة.
وأتاح أحدهما منح 2200 من هؤلاء العاملين مبلغ 650 ريال برازيلي (115 دولارا) لكل منهم.
ويتساءل دوس رييس "كيف يمكن أن نكون قد نجحنا في جمع هذا المال عبر الإنترنت فيما الحكومة لم تستطع فعل ذلك لنا؟".
جمهور جديد من الواهبين
ومن جهته أكد رودريغو ماتشادو، أحد مؤسسي منصة "كاتارس" البرازيلية للتمويل التشاركي أن ظاهرة جمع الأموال عبر الإنترنت، سجلت طفرة بعد أولى تدابير العزل.
وأوضح "شهدت منصتنا إطلاق أكثر من ألفي مشروع متصل بكوفيد-19.. بعضها لا يستقطب أي تمويل، لكن في المجموع قدم 35 ألف شخص تبرعاتهم حتى اللحظة".
ويبلغ متوسط كل تبرع 50 ريالا برازيليا (9 دولارات)، وهي تترافق عموما مع مكافآت أو هدايا صغيرة للواهبين.
وقال رودريغو ماتشادو إننا لاحظنا ظهور جمهور جديد ومتبرعين جددا.. يعيش كثير منهم في جنوب شرق البرازيل وأوضاعهم مستقرة نسبيا.
وتابع: هذا الجمهور الجديد يقول "إذا ما استطعت أن تشارك هذا مع أناس يعيشون أوضاعا طارئة فأنا أفعل ذلك".
وقد استُخدمت المبالغ التي جُمعت في هذه الحملات على نطاق واسع في أحياء البؤس أو حتى في قرى السكان الأصليين خلال الأشهر الأخيرة، وأتاحت تمويل مبادرات مختلفة بينها توزيع حصص من المنتجات الأساسية على العائلات.
مبادرات تضامنية
وفي البرازيل كما في بلدان كثيرة أخرى، كانت الزراعة من القطاعات الأكثر تضررا خلال فترة الحجر المفروضة بفعل تفشي الوباء.
وقد سعت إسميرالدا غزال وهي أستاذة رقص كلاسيكي -67 عاما- لإيجاد وسائل تساعد فيها الراقصين في ساو باولو.
وقالت "اقترحت تقديم حصص رقص عبر الإنترنت لجمع المال ومساعدة الفنانين الذين يمرون في أوضاع صعبة".
وأضافت "لدي امتياز الانتماء إلى مؤسسة تدفع لي راتبا، لذا يمكنني إظهار التضامن مع زملائي ممن لا يتمتعون بالوضع عينه".
ومن جابنها قالت إستيلا لابوني، وهي راقصة استفادت من مشروع التمويل التشاركي المسمى "أنقذوا الرقص في ساو باولو".. هذا المشروع "واحة وسط هذا الكمّ من المشكلات.. حصولنا على 450 ريالا (82 دولارا) شكّل مصدر ارتياح لنا".
وأضافت "لم يتح لي ذلك دفع كل مستحقاتي، لكن ذلك ساعدني على الأقل في تسديد بعض الفواتير".
ولابوني أيضا لم تحصل على مساعدة حكومية وقد أرجئت العروض التي كان مقررا أن تشارك في إحيائها إلى أجل غير مسمى.
وقد أعلن الرئيس جايير بولسونارو الذي تظهر استطلاعات الرأي ازدياد شعبيته بعد خطة المساعدات الحكومية أثناء الجائحة، عن برنامج جديد سيحصل بموجبه المستفيدون على 300 ريال برازيلي (54 دولارا) في الشهر.