كيف فاجأ كورونا الأنظمة الصحية الأوروبية؟
10 آلاف من العاملين في قطاع الصحة بإيطاليا، أي نحو 9% من إجمالي الحالات في البلاد، أصيبوا بعدوى فيروس كورونا.
كشفت وثائق الاتحاد الأوروبي أن حكومات الدول الأعضاء أخطرت رئاسة الاتحاد في بروكسل أن نظمها الصحية جاهزة ولا داعي لطلب المزيد من الإمدادات، وذلك قبل شهر تقريبا من تحرك أوروبا على عجل للحصول على أقنعة طبية وأجهزة تنفس وأجهزة اختبار للكشف عن فيروس كورونا.
ويتناقض هذا التقييم بشكل صارخ مع أزمات نقص الأقنعة والمعدات الطبية التي ظهرت بعد بضعة أسابيع، عندما قدّرت المفوضية الأوروبية أن الاحتياجات في مختلف الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تزيد عشر مرات على ما هو متاح في العادة.
وفي حين أن ندرة المعدات ترجع في الغالب إلى تضخم الطلب العالمي فقد أظهرت وثائق داخلية وأخرى معلنة أن حكومات الاتحاد الأوروبي ربما تسببت في ازدياد الأزمة بالمبالغة في قدرتها على احتواء انتشار الفيروس.
ففي اجتماع مغلق مع دبلوماسيين من الدول الأعضاء في 5 فبراير/شباط بعد أسبوعين من تقييد الصين حركة ما يقرب من 60 مليون فرد في إقليم هوبي، أي ما يعادل سكان إيطاليا تقريبا، قال مسؤول في المفوضية الأوروبية "الأمور تحت السيطرة".
حدث ذلك قبل أسبوعين فحسب من سقوط أول ضحايا كورونا في إيطاليا، التي بلغت عدد حالات الوفاة بمرض كوفيد-19 فيها 12428 حالة الآن، أي ما يعادل تقريبا أربعة أمثال الوفيات في الصين، التي كانت أول دولة يظهر فيها المرض.
وعند سؤال متحدث باسم المفوضية عما إذا كانت الوثائق التي تظهر أن الاستجابة الأوروبية للمرض كانت أبطأ مما يجب، قال "من يناير/كانون الثاني عرضت المفوضية إمكانية الدعم على الدول الأعضاء".
وبدأت حكومات الاتحاد الأوروبي تدرك خطورة الوضع في مارس/آذار الماضي، غير أن حكومات كثيرة منها لجأت إلى إجراءات حمائية بدلا من التركيز على العمل المشترك، فأقامت حواجز تجارية لعرقلة صادرات المعدات الطبية إلى الدول المجاورة.
ولا تملك إيطاليا حتى الآن سوى نسبة بسيطة من 90 مليون قناع يحتاجها العاملون في القطاع الطبي كل شهر، وطلبت فرنسا، الأسبوع الماضي، شراء أكثر من مليار قناع كما تعمل شركات التصنيع على تعديل خطوط إنتاجها لصناعة أجهزة التنفس.
"القدرات موجودة"
كان التحليل المتفائل الذي قدمه مسؤول المفوضية الأوروبية في فبراير/شباط نابعا من سلسلة من الاجتماعات مع خبراء الصحة من الدول الأعضاء في الاتحاد، وفي اجتماع عقد في 31 يناير/كانون الثاني، قال مندوبون من وزارات الصحة للمفوضية إنهم لا يحتاجون إلى مساعدة في شراء المعدات الطبية.
وجاء في محضر الاجتماع "لم تطلب أي دولة حتى الآن دعما للحصول على تدابير مضادة إضافية"، وأن 4 دول أعضاء فقط حذرت من أنها قد تحتاج إلى معدات وقاية إذا تدهور الوضع في أوروبا، ولم ترد أسماء الدول الأربع في الوثيقة.
وفي 28 فبراير/شباط، وبعد شهر من عرض المساعدة الأول، وبعد حث الحكومات على توضيح احتياجاتها في اجتماعين آخرين على الأقل، بدأت المفوضية الأوروبية برنامجا مشتركا لشراء أقنعة الوجه ومعدات وقاية أخرى.
وفي البداية لم تقدم أي عروض في المناقصة التي أجريت لحساب 25 دولة من أعضاء في الاتحاد.
وتعمل الدول الأعضاء في الوقت الحالي على تقييم العروض التي وردت في مناقصة ثانية، لكن لم توقع أي عقود حتى الآن وتشير تقديرات المفوضية إلى أن أي كميات لن تسلم قبل أسابيع.
وكانت حكومات الاتحاد الأوروبي أكدت لبروكسل أن العاملين في القطاع الطبي لديها مطلعون بشكل كاف على كيفية التعامل مع مرضى كوفيد-19، على الرغم من أن إيطاليا لم تلزم الأطقم الطبية بارتداء الأقنعة عند التعامل مع الحالات المشتبه بها إلا بدءا من 24 فبراير/شباط.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن 10 آلاف من العاملين في قطاع الصحة بإيطاليا، أي نحو 9% من إجمالي الحالات في البلاد، أصيبوا بالعدوى.
وفي اجتماع عقده الاتحاد الأوروبي في 4 فبراير/شباط، قال خبراء الصحة من دول أعضاء "القدرات التشخيصية موجودة وبدأت عدة دول إجراء الاختبارات"، أما الآن فتواجه دول الاتحاد نقصا هائلا في أجهزة الاختبار، وقد بدأت تنفيذ خطة مشتركة لشرائها في 18 مارس/آذار.
ولم تظهر الحاجة لشراء أجهزة التنفس اللازمة للمرضى أصحاب مشاكل التنفس الحادة من خلال ترتيب مشترك، إلا في اجتماع لخبراء الصحة بدول الاتحاد عقد في 13 مارس/آذار، وبدأت المفوضية الأوروبية تنفيذ خطة للشراء في 17 مارس/آذار.
واعتبرت الوكالة الأوروبية المسؤولة عن مكافحة الأمراض أن مخاطر مواجهة نظم الرعاية الصحية لما يفوق قدراتها "منخفضة إلى متوسطة" في منتصف فبراير/شباط.
وتعتمد الوكالة على التقديرات الفردية للدول الأعضاء، وبعد شهر عدلت الوكالة تقديرها، وقالت إنه لن يكون لدى أي دولة ما يكفي من أسرة الرعاية المركزة بحلول منتصف أبريل/نيسان.