في المستقبل لن يكون نظام التعليم عن بُعد خياراً ولكن مطلباً وواقعاً سيتماشى مع أساليب وبيئة العمل الحديثة في العالم وهو العمل عن بُعد
مما لا شك فيه إن هناك أكثر من منحة ستلدها محنة كورونا، ومنها تحرير التعليم على مستوى العالم وتحويلها للتعليم عن بُعد، فقد يكون حان الوقت أن نقول للنظام التعليمي الحالي شكراً بعد أن خدم الإنسانية لعقود، لا سيما بعد التجربة العملية الناجحة للدول المتطورة التي استخدمت نظام التعليم عن بُعد.
قد يكون ليس من الحكمة أن يتم هدم كل النظام التعليمي السابق خلال يوم وليلة لأنها ستشكل نتائج عكسية، ولكن الحكمة تقتضي أيضاً أن لا تتأخر الدول كثيراً عن ذلك لأن الشركات التعليمية ستتجاوز الحدود الجغرافية ولن تترك هذا الاستثمار، كما أن ذلك سيوفر على الحكومات ميزانيات كبيرة.
في المستقبل لن يكون نظام التعليم عن بُعد خياراً ولكن مطلباً وواقعاً سيتماشى مع أساليب وبيئة العمل الحديثة في العالم وهو العمل عن بُعد بَعد أن تبين نجاعته لكثير من المؤسسات الربحية والغير ربحية لما فيه تقليل من المصاريف.
وقد يفضل الوالدان التعليم عن بُعد لأسباب عدة وهي أن الخيارات التي ستقدمها الشركات التعليمية عبر الإنترنت ستكون متنوعة وأفضل لمستقبل أولادهم، وكذلك حتى على مستوى الرسوم الدراسية فهي ستكون أقل مقارنة مع الدراسة الحالية، لا سيما وأن الشركات التعليمية الجديدة لا تحتاج أن تعوض مصاريف بناء المدارس والمواصلات وغيرها من المصاريف المتعلقة بالدراسة بالإضافة إلى أن رواتب المدرسون غير مكلفة وهم يقومون بالتدريس من منازلهم في أي دولة في العالم.
في المستقبل لن يكون نظام التعليم عن بُعد خياراً ولكن مطلباً وواقعاً سيتماشى مع أساليب وبيئة العمل الحديثة في العالم.
قد تكون وزارات التعليم في بعض الدول المتطورة التي مارست نظام التعليم عن بُعد خلال أزمة كورونا لديها مقومات الاستثمار في هذا المجال وتتحول لمؤسسات تجارية ربحية تتجاوز حدودها الجغرافي بأن يكون لها طلبة في أكثر من دولة.
وهناك تحديات أمام التعليم عن بُعد ويجب أن توضع في الحسبان البدائل التي تكون جاهزة في حماية الأنظمة التعليمية عن بُعد في حالة اختراقها ومنها تفشي فيروس إلكتروني وإن كان أضرارها ستكون أقل من فيروس كورونا (كوفيد-19) وشبيهاتها.
و كأي نظام جديد في العالم فإن كثير من الأشخاص في العالم لن يقبلوه وينتقدوه فمنهم سيقول أن ذلك سيؤدي إلى القضاء على الحياة الاجتماعية التي تخلقها المدارس وعلى النشاطات الأخرى، وسيأتي رد المتحمسين للتعليم عن بُعد قد يبني الطلبة لأنفسهم حياة اجتماعية جديدة يلتقون فيها في أندية ومراكز وحتى حدائق.
وإذا قال البعض بأن نظام التعليم عن بُعد فيها مناهج لا تناسب بعض المجتمعات، فسيرد المؤيدون لفكرة التعليم عن بُعد إن نظم التعليم الربحية دائماً ستقدم ما تحتاجه الأسرة لأولادهم.
هناك مزايا وفوائد كثيرة ممكن أن يجنيها الطالب والمجتمع من نظام التعليم عن بُعد، ومنها أن الدروس تكون عملية ومرتبطة ببيئة العمل، فالتلميذ يمكن أن يدرس المادة ويتم ربطها مع المصانع والمعامل واالمواقع والمؤسسات المختلفة المرتبطة نشاطها بالدرس مما يوسع من مداركه بدلاً من طرق الدراسة التقليدية الجامدة، وقد نرى ذلك اليوم الذي يدرس فيه الطالب عن بُعد وهو في أرض زراعية يزرع ما سوف يأكله.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة