"كورونا" يكشف عن الصراع الدفين بين الفخفاخ ورجال أعمال تونس
اتخذت الحكومة التونسية حزمة من الإجراءات لحماية الطبقات المتضررة من أزمة "كورونا" بلغت 2.5 مليار دينار (900 مليون دولار)
دعا رئيس الحكومة التونسية إلياس الفخفاخ، في حوار متلفز مساء الخميس، رجال الأعمال في تونس إلى مزيد من الإسهام في المجهود الصحي لمكافحة فيروس "كورونا"، ملوحا بين ثنايا كلامه بإمكانية الذهاب إلى فرض ضريبة استثنائية على الثروات الكبيرة والذهاب إلى عملية تأميم ومصادرة بعض الشركات الخاصة.
وأكد أن الحكومة قد تلجأ إلى هذا الخيار في حال لم ينخرط العديد من أصحاب المؤسسات الاقتصادية، خاصة المتهربين ضريبيا، في دعم الموازنة العامة للدولة في مجابهة تداعيات "كورونا"، مشيرا إلى أن تداعيات الحجر الصحي الشامل تعد ثقيلة على الاقتصاد التونسي، خاصة بعد توقف قطاعات حيوية مثل السياحة والنقل وقطاع الحرفيين.
وقد اتخذت الحكومة التونسية حزمة من الإجراءات لحماية الطبقات المتضررة من أزمة "كورونا" بلغت 2.5 مليار دينار (900 مليون دولار).
- موجز العين الاقتصادي.. الهند تقاطع قطر وإيطاليا تساعد تونس ضد كورونا
- إيطاليا تقرض تونس 50 مليون يورو لمواجهة كورونا
هذه التصريحات المتجددة تدعم ما كرره الفخفاخ في حواراته منذ توليه رئاسة الوزراء في تونس منذ أواخر شهر فبراير، حيث أبدى عدم رضاه عن عدم مساهمة بعض رجال الأعمال في تونس في الثروة الوطنية، متوعدا بمحاسبة كل المتهربين من الضرائب وملاحقة المحتكرين.
وفي حواره المتلفز، توجه الفخفاخ إلى من اعتبرهم متنفذين في المشهد بالقول: "لا أحد فوق القانون"، وإنه سيجمع بين محاربته لفيروس "كورونا" والحرب على الفساد.
هذه التصريحات التي تأخذ تارة الطابع المبطن وطورا الشكل المباشر، يرى فيها العديد من المراقبين حربا معلنة من قبل الفخفاخ على طبقة رجال الأعمال، خاصة أنه سليل عائلة اشتراكية (حزب التكتل من أجل العمل والحريات).
وتعد هذه التصريحات بمثابة "تتمة" لما قاله الرئيس التونسي قيس سعيد، الثلاثاء، في كلمته أمام مجلس الأمن القومي التونسي إن الفئات المحتكرة للمواد الأساسية والغذائية خلال هذه الفترة من انتشار فيروس كورونا هم "مجرمو حرب".
وكان قد دعا إلى اتخاذ عقوبات ضدهم والتعجيل باتخاذ الإجراءات الكفيلة بإيصال المؤونة للتونسيين حتى تصبح الحياة "مقبولة"، على حد قوله.
ردود منظمة "الأعراف "
من جانبه، اعتبر سمير ماجول، رئيس اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (نقابة رجال الأعمال)، أن الأولوية هي تخفيف العبء الضريبي على المؤسسة الاقتصادية التونسية في هذا الظرف حتى تستطيع المساهمة في المجهود الصحي والمشاركة في تبرعات صندوق 18-18 (صندوق تونسي لجمع التبرعات من أجل مجابهة كورونا).
وانتقد ما جاء في تصريحات إعلامية ما اعتبره "ابتزاز" الحكومات لأصحاب المؤسسات، مؤكدا أنه على الحكومة والبنك المركزي التونسي توفير السيولة المالية لتوفير أجور العاملين المتضررين من وباء "كورونا".
وتعتبر منظمة رجال الأعمال أن طبقة رجال الأعمال من صناعيين وحرفيين وتجار هم في الصف الأول لإنتاج الثروة، وأنه يجب على الدولة فرض إكراهاتها بالقوة، ما ينبئ بصراع مفتوح بين اتحاد الأعراف (الذي تأسس سنة 1946) وحكومة إلياس الفخفاخ.
وفي ظل هذه التجاذبات الثنائية، سيعقد البرلمان، اليوم الجمعة، جلسة عامة للمصادقة على طلب الحكومة توسيع صلاحياتها وتطبيق الفصل الـ70 من الدستور، الذي يخول لها إصدار قوانين ومراسيم خاصة خلال شهرين لمكافحة فيروس كورونا.
وقد تنذر عملية المصادقة على الفصل الـ70 من الدستور بـ"حرب" مفتوحة بين إلياس الفخفاخ من جهة والعديد من رجال الأعمال المتهربين جبائيا، الذين تقدر قيمة تهربهم حسب الأرقام الرسمية بنحو 10 مليارات دينار (نحو 4 مليارات دولار).