مقابر سرية لضحايا كورونا.. إيران تدفن الحقائق في خنادق
حيثيات صادمة كشفتها صور ملتقطة عبر أقمار صناعية تعود لمقبرة جماعية لوفيات الوباء في مدينة قم الإيرانية
بدون مراسم تشييع، وفي سرية مطلقة وبمنتهى السرعة الممكنة، تدفن السلطات الإيرانية ضحايا فيروس كورونا المستجد في مقابر جماعية.
خنادق كبيرة بأطوال شاسعة جرى تحضيرها مسبقا لإخفاء الحصيلة الضخمة للوباء، وإنقاذ اقتصادها المتهاوي جراء ذلك، دون أن تغفل إخفاء الروائح التي عادة ما يخلفها تكدس الجثث عند دفنها، باستخدام مادة بيضاء من الكلس.
حيثيات صادمة كشفتها صور ملتقطة عبر أقمار صناعية نشرتها صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، مساء الخميس، وقالت إنها تعود لمقبرة جماعية لوفيات الوباء في مدينة قم الإيرانية.
كارثة إنسانية
وفي تقرير اطلعت عليه "العين الإخبارية"، نشرت الصحيفة صورا ملتقطة عبر الأقمار الصناعية في فترات مختلفة لمقبرة تسمى "بهشت معصومة" في مدينة قُم، فندت الرواية الإيرانية حول حصيلة الوفيات بالوباء، وأكدت أن الأرقام أكبر بكثير مما تنشره السلطات.
مقابر جماعية طمرت فيه طهران جثث مواطنيها، في الوقت الذي تقول فيه إن عدد الوفيات جراء فيروس كورونا المستجد بلغ حتى الآن 429 شخصا من بين عدد إصابات تجاوز 10 آلاف شخص، إلا أن صورا فضائية لمقابر تم تجهيزها في البلاد تكشف عكس هذه الرواية.
ولم تعلن السلطات الإيرانية أي وفيات في مدينة قم، التي بها أكثر من 1.2 مليون شخص، مكتفية بالقول إن أكثر من 846 أصيبوا بالوباء.
ووفق صور الأقمار الصناعية فإن قسما من المقبرة كان غير مستخدم في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وبدأ حفر جزء جديد في المقبرة بدءا من 21 فبراير/ شباط الماضي، أي عقب ظهور الفيروس وتفشيه في أنحاء العالم.
وعلقت الصحيفة عن خندقين بطول 92 مترا يظهران في الصور، وقالت استنادا إلى خبراء وشهادات إن المقبرة حفرت لاستيعاب العدد المتزايد من ضحايا الوباء.
كما أشارت إلى أن السلطات الإيرانية سارعت بدفن أعداد كبيرة من ضحايا الفيروس في تلك المقبرة الجماعية، وحرمت عائلاتهم من مراسم الدفن، حتى لا تتسرب أي معطيات حول الحصيلة الحقيقية للفيروس القاتل، سواء في مدينة قم أو في كامل أرجاء البلاد.
وحرصا على ألا تتسرب روائح الجثث عند دفنها، لفتت الصحيفة، نقلا عن خبير، إلى استخدام مادة بيضاء من الكلس بدت واضحة في الصور المنشورة.
نظرية المؤامرة
رغم التكتم الذي تفرضه طهران على حصيلة وفيات كورونا خاصة في قم، إلا أن فيديوهات ينشرها إيرانيون، بين الحين والآخر، عبر مواقع التواصل تفضح حجم الكارثة الحقيقية في البلاد، وتفاقمها جراء سياسة التجاهل التي تنتهجها السلطات.
بدوره، دعا عضو البرلمان في منطقة نجادة عبدالكريم زاده إلى "فرض حجر صحي فوري على مدينة قم، بسبب تدهور الأوضاع وتكدس الجثث في شوارعها جراء فيروس كورونا المستجد".
وحذر البرلماني في أكثر من مناسبة من أن "عدم عزل قم وكذلك مدينة رشت سيجعل من إيران الدولة الأولى من حيث عدد ضحايا كورونا في العالم".
في المقابل، تصر طهران على التكتم، ونشر أرقام بعيدة عن الواقع الصادم في مختلف المدن والمناطق، متشبثة بنظرية المؤامرة التي لطالما لجأت إليها لتبرير أي حقائق تخترق تكتمها وتخرج للعلن.
ومساء الخميس، أعلنت السلطات الإيرانية قرار بناء مقر صحي وعلاجي لمواجهة تفشي كورونا، تحسبا لاحتمال وقوع "هجوم بيولوجي"، في خطوة يعتقد مراقبون أنها تمهد لرواية متوقعة قد تخرج بها طهران لشعبها في الأيام المقبلة، للتغطية على فشلها في مواجهة الفيروس، وتهاونها في تحذير المواطنين عند بداية انتشاره.
وحسب بيان صادر عن مكتب المرشد الإيراني علي خامنئي، جرى الإيعاز لرئاسة الأركان العامة الإيرانية ببناء مقر صحي وعلاجي للحد من تفشي كورونا.
وكعادته، لم يفوت خامنئي فرصة طرح نظرية المؤامرة، عبر الإشارة إلى أن الفيروس قد يكون هجوما بيولوجيا.
وقال "بالأخذ بعين الاعتبار الأدلة التي تثبت أن يكون كورونا هجوما بيولوجيا فإن هذا المقر يمكنه أن يكتسي بطابع مناورة دفاع بيولوجي أيضا، ويعزز الاقتدار الوطني"، في محاولة يائسة لإبعاد التهم عن السلطات، وإلصاقها بعدو خارجي وهمي.
aXA6IDE4LjExNy43NS41MyA= جزيرة ام اند امز