تداعيات كورونا.. الإنسان يختنق والطبيعة تتنفس
فيروس كورونا يتسبب بأن تعيش الطبيعة فترة نقاهة تبدو استثنائية وسط ارتفاع معدلات التلوث وزيادة انبعاثات الكربون
أدى انتشار فيروس كورونا الجديد إلى التزام الإنسان في مختلف أرجاء المعمورة بمنزله خوفا من الإصابة بالمرض، فهدأت حركة السيارات في الشوارع، وتراجعت معدلات التلوث، وبدأ ثقب الأوزون الضخم فوق القطب الشمالي في أن يستعد للانغلاق.
وتماما كما يعتبر تفشي الفيروس المريع حدثا تاريخيا لم يشهده العالم منذ قرن، تعيش الطبيعة أيضا فترة نقاهة تبدو استثنائية وفي أشد الحاجة إليها وسط ارتفاع معدلات التلوث، وزيادة انبعاثات الكربون المسببة للاحترار المناخي.
جانب مضيء يقدمه كورونا لبشرية كانت حتى وقت قريب مهددة بالاندثار جراء إشكالات بيئية عويصة، أبرزها تآكل طبقة الأوزون، وتلوث الجو، ما تسبب في تزايد الأمراض، وارتفاع عدد الوفيات بين الناس.
أهم حدث بالقرن الـ21
ينتظر العالم حدثا تاريخيا في منتصف أبريل/نيسان الجاري، يشمل انغلاق ثقب الأوزون الضخم فوق القطب الشمالي، الناجم عن انخفاض درجات الحرارة في طبقة الستراتوسفير، حسب ما أعلنه خبراء في وكالة الفضاء الأوروبية، ما أثار ارتياحا عالميا وسط الحرب الدائرة ضد الوباء الذي اجتاح معظم دول المعمورة.
وقال الباحث من المركز الألماني للطيران والفضاء دييجو لويلا إن عمود الأوزون فوق القطب الشمالي بدأ، منذ 14 مارس/آذار الجاري، بالتقلص إلى المستوى الطبيعي الذي يعادل 2.2 وحدة دوبسون.
ويعتقد علماء مركز الفضاء الأوروبي أن سبب الثقب يعود لظروف جوية غير طبيعية، في مقدمتها درجات الحرارة المنخفضة جدا في الستراتوسفير، ما أدى إلى انخفاض حاد في مستوى الأوزون.
ووفق تقارير علمية، تقدر مساحة ثقب الأوزون فوق القطب الشمالي بنحو مليون كيلومتر مربع، ويعتبر هذا الثقب الأضخم من بين الثقوب التي ظهرت سابقاً.
ويحمي وجود الأوزون الحياة فوق سطح الأرض من الأشعة فوق البنفسجية المنبعثة من الشمس، والتي في حال تسربها تتسبب في سرطانات جلدية، كما يمكن أن تقود نحو محو الحياة من على وجه الكوكب.
ويظهر الثقب في شهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول من كل عام فوق القارة القطبية الجنوبية، ثم يأخذ في الاتساع في شهور الخريف، قبل أن ينكمش ويختفي في شهر نوفمبر/تشرين الثاني.
ويحدث الثقب داخل الدوامة القطبية، وهي كتلة كبيرة من الهواء المنعزل نسبيا فوق القارة القطبية الجنوبية خلال الشتاء القطبي والربيع، ومع أن الثقب يظهر موسميا إلا أنه يزداد سوءا في كل مرة يظهر فيها عن سابقتها، ونتيجة اتساع القطب الجنوبي فإنه ينذر بمخاطر تستهدف في مرحلة أولى جنوب الأرجنتين.
كورونا والتوازن البيئي
بفضل كورونا والحجر الصحي المفروض في جل البلدان تراجعت حركة الطيران إلى مستويات تقارب الصفر، لتنخفض معها نسبة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم، السبب الرئيسي في التدهور المناخي وتداعياته السلبية على حياة الإنسان.
وضع غير مسبوق لم يشهده العالم منذ الأزمة المالية التي ضربت العالم في عام 2008، وخبر سار لكوكب يصارع من أجل البقاء والتصدي للتغيرات المناخية وتقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ما يعني أن الفيروس منح العالم مهلة ونقطة انطلاق تمكن من تحقيق نسبة الـ45% المستهدفة من حال الطوارئ المناخية بحلول عام 2030، وفق الأمم المتحدة.
وكانت دراسة أمريكية نشرتها مجلة "نيتشر كلايمت تشينج" قبل ظهور فيروس كورونا، توقعت وفاة نحو 153 مليون إنسان بشكل مبكر خلال هذا القرن بسبب تلوث الهواء بالغازات الدفيئة.
ودقت الدراسة ناقوس الخطر، وحثت الحكومات على تسريع تدابيرها البيئية لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، ومن ثم تقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الضارّة.
aXA6IDMuMTIuMTUyLjEwMiA= جزيرة ام اند امز