كورونا يجتاح "القارة العجوز".. موجة جديدة تعيد إغلاق أوروبا
تتوقع أوروبا التي "فوجئت" بعنف الموجة الثانية من وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) شهرا صعبا، تصاحبه قرارات شديدة لاحتواء المرض.
فمن إعادة حجر عام اعتبارا من الجمعة في فرنسا إلى تشديد وشيك للقيود في ألمانيا وبلجيكا تسعى القارة "العجوز" لكبح جماح فيروس كورونا المستجد.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في خطاب بثه التلفزيون، الأربعاء: "مثل كل جيراننا، يغرقنا التسارع المفاجئ للوباء بفيروس يبدو أنه يكتسب قوة مع اقتراب الشتاء وانخفاض درجات الحرارة".
وأضاف الرئيس الفرنسي: "مرة أخرى، يجب أن نتحلى بالكثير من التواضع، فنحن جميعا في أوروبا متفاجئون بتطور الفيروس"، قبل أن يعلن عن فرض حجر لمدة شهر واحد على الأقل.
وقال إن البلاد قد تشهد "ما لا يقل عن 400 ألف حالة وفاة إضافية" خلال بضعة أشهر إذا لم يتم فعل أي شيء.
وأكد ماكرون أن "بعض البلدان مثل إسبانيا وأيرلندا وهولندا اتخذت إجراءات أكثر صرامة في وقت أبكر من بلدنا. ومع ذلك فنحن جميعا في النقطة نفسها، نواجه موجة ثانية تفوق طاقتنا وأصبحنا نعرف أنها ستكون على الأرجح أنها ستكون أقسى وأكثر فتكا من الموجة الأولى".
وتخشى السلطات الفرنسية أن تبلغ خدمات الإنعاش أقصى طاقتها، إذ إن أكثر من نصف الأسرّة المتوفرة فيها والبالغ عددها 5800، مشغولة حاليا.
وبذلك أصبحت فرنسا واحدة من البلدان أو المناطق النادرة في أوروبا - إلى جانب أيرلندا ومقاطعة ويلز البريطانية - التي تختار حجر سكانها بالكامل، الإجراء الذي يشكل أقوى سلاح ضد الانتشار السريع للفيروس.
وقالت كليمانس بيرجنوكس (22 عاما) التي تقيم في ستراسبورج: "حتى لو كان هذا يزعج الجميع، أعتقد أنه لخير الجميع".
وأضافت "أنه أمر مزعج ولكن ليس لدينا الكثير من الخيارات، لذلك سنفعل ذلك".
وفرض العديد من الدول الأوروبية الأخرى قرارات حظر تجول وهو إجراء يوصف في أغلب الأحيان بأنه خطوة أخيرة قبل إعادة فرض حجر كامل.
"وضع مأساوي" في ألمانيا
في ألمانيا، حذرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الخميس، من "الأكاذيب والمعلومات المضللة" المتداولة حول وباء (كوفيد-19)، ووصفت الشعبوية بأنها "غير مسؤولة" مع تزايد تظاهرات المعارضين لوضع الكمامات في ألمانيا.
وقالت ميركل في كلمة أمام النواب في اليوم التالي لإعلان إغلاق المطاعم ومراكز الترفيه اعتبارا من الإثنين للحد من الموجة الثانية من الإصابات إن "الأكاذيب والمعلومات المضللة والتآمر والكراهية لا تؤثر على النقاش فحسب بل على مكافحة الفيروس أيضا".
كما أعلنت المستشارة الألمانية، الأربعاء، عن إجراءات جذرية بما في ذلك إغلاق لمدة شهر واحد للمطاعم والمراكز الترفيهية، إلى جانب دعم تصل قيمته إلى عشرة مليارات يورو لمساعدة الاقتصاد على تخفيف الصدمة.
وقالت "يجب أن نتحرك الآن" لتجنب أن "نجد أنفسنا في حالة طوارئ صحية"، بينما بلغ فيه عدد الإصابات الجديدة رقما قياسيا جديدا هو نحو 15 ألفا الأربعاء.
لا يزال صانعو السياسة يأملون في إنقاذ موسم العطلات على الرغم من إلغاء معظم أسواق عيد الميلاد العزيزة جدًا على الألمان، بسبب الوباء.
من جانبه، دافع ينس شبان وزير الصحة الألماني، عن قرار إجراءات الإغلاق الجزئي، لكنه كان يقدم النصائح ويترقب النتائج من منزله، حيث يخضع لعزل منزلي بسبب إصابته بكورونا المستجد.
ومن على مكتب صغير مجاور للنافذة في منزله، اعتاد شبان العمل لبضع ساعات يوميا، ومتابعة شؤون وزارته عبر الإنترنت في هذه الأوقات الصعبة، رغم مرضه.
كما أنه يحضر الاجتماعات عبر تقنية الفيديو، وكان عنصرا مهما في قرارات الإغلاق الجزئي التي اتخذتها الحكومة، الأربعاء.
ومن نفس المكان، اليوم، أجرى شبان مكالمة هاتفية مع شبكة "WDR" الاعلامية الألمانية، ودافع بقوة عن إجراءات الإغلاق.
وقال شبان "تجربة المرض صعبة، وغيرت نظرتي للفيروس بشكل عام".
وتابع "أنا بخير، وأعاني فقط أعراض نزلة برد خفيفة"، مضيفا "أتواجد حاليا في الحجر الصحي في المنزل".
وأضاف "حتى لا يتعرض كبار السن للخطر، كان لا بد من تقليص التواصل الاجتماعي."، متابعا "لا أريد الانتظار حتى تكتظ وحدات العناية المركزة بالمرضى".
اجتماع أزمة في بلجيكا
وعقدت بلجيكا البلد الذي يشهد الانتشار الشد كثافة لفيروس كورونا المستجد في العالم، اجتماع أزمة.
وقال المتحدث باسم الحكومة لوباء (كوفي-19) إيف فان ليثيم إن "الأسوأ لم يأت بعد".
واعترف رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو بأنه "قد يكون من الضروري اتخاذ مزيد من الإجراءات الصارمة في الأيام المقبلة".
وفي إنجلترا يتضاعف عدد الإصابات كل تسعة أيام حسب دراسة نُشرت، الخميس.
ومن المقرر عقد قمة افتراضية لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي الخميس لتقييم الوباء.
وقال شارل ميشال، رئيس المجلس الأوروبي: "كل يوم مهم. نحتاج الآن إلى عمل حازم على المستوى الأوروبي بالضرورة على أساس نقطتين: الاختبار/التتبع واللقاحات".