عاقبة الاستهانة بكورونا.. ضحايا استهتروا بالفيروس فقتلهم
الإفطار الجماعي تسبب في إصابة العشرات من 4 أسر بالسعودية، وأصيب 10 من عائلة واحدة، بينهم مسن وحفيد لم يتجاوز عمره 5 أشهر في سلطنة عمان
"كورونا سبب مضاعفات كثيرة في جسمي، لطالما نصحوني بالبقاء في البيت.. أرجوكم لا داعي للاستهتار لأنه مرض ليس سهلا، وقاتل ويدمر كل جزء فيك، لا أحد يموت من الجوع".. رسالة وجهها الشاب المصري محمد نادي من داخل غرفته في العناية الفائقة إلى الملايين حول العالم، قبل أن توافيه المنية قبل أيام جراء إصابته بكورونا، ليلحق به والده بعدها بـ3 أيام جراء إصابته بالمرض ذاته، فيما يرقد أخوه الآخر في مستشفى العزل يقاوم الإصابة بالفيروس.
لم تكن أسرة محمد نادي الوحيدة ضحية التهوين من كورونا والاستهانة به، فهناك أسر بكاملها في عدة دول وقعت ضحايا الإصابة بالمرض اللعين، نتيجة الاستهتار بالفيروس والإصرار على قيم وتقاليد ارتبطت بالشهر الكريم، ولكن على قدر جمالها، إلا أن التمسك بها أصبح خطرا على الجميع بسبب انتشار فيروس كورونا، ومن أبرزها الإفطار الجماعي.
وتسبب الإفطار الجماعي في إصابة العشرات من 4 أسر في السعودية، وأصيب 10 من عائلة واحدة، بينهم مسن وحفيد لم يتجاوز عمره 5 أشهر في سلطنة عمان، وأصيب 17 شخصا من 5 عائلات في مصر.
تلك القصص والمآسي وجب على الجميع أن يضعوها نصب أعينهم قبيل الاحتفال بالعيد، والإصرار على ممارسة عادات وتقاليد لطالما احتفلنا بها في الأعياد السابقة، ولكن مع انتشار فيروس "كورونا" أصبح لزاما على الجميع التخلي عنها، وتحقيق التباعد الاجتماعي، حتى تتم السيطرة على الفيروس، وإلا ستكون النتائج كارثية، وستتحول أفراح العيد إلى مآتم ودمار للكثير من الأسر.
ومع قرب الاحتفال بالعيد، تستعرض "العين الإخبارية" نماذج لقصص بعض ممن استهانوا بالمرض للعبرة والعظة..
قصة حزينة ونهاية مبكية
محمد نادي شاب مصري لم يتجاوز الـ30 من عمره، من أبناء قرية طه شبرا بمدينة قويسنا محافظة المنوفية شمال القاهرة، ومع ظهور فيروس "كورونا"، لم ترق له حالة الفزع من الفيروس، فنشر فيديو على صفحته على فيسبوك يوم 16 مارس/ آذار الماضي عبر فيه عن استهانته بالفيروس، معتبرا أنه "كذب"، وفزاعة أمريكية لتخويف الصين، ودعا الجميع إلى أن يعيش حياته بشكل طبيعي.
ومضى في حياته كما كانت، دون أن يعبأ بالفيروس، ولا بانتشاره، قبل أن يكتشف في نهاية إبريل/ نيسان الماضي أن ما كان يطالب الآخرين بعدم الخوف منه تمكن من جسده، قبل أن يتسبب في نقل العدوى لأبيه وشقيقه الأمر الذي كان أكثر إيلاما على نفسه.
تم نقل محمد نادي لمستشفى 15 مايو للعزل جنوب العاصمة المصرية القاهرة، فيما نقل والده المسن وشقيقه بهاء لمستشفيين آخرين للعزل.
وبينما كان يصارع الموت على فراش المرض، قام محمد بتوثيق معاناته مع المرض داخل المستشفى بالفيديوهات ليحذر الجميع من مغبة الاستهانة بالفيروس، ويدعوهم لعدم تصديق ما كان يقوله لهم سابقا.
وفي رسالة مؤثرة قال محمد: "أرجوكم لا داعي للاستهتار لأنه مرض ليس سهلا وقاتل ويدمر كل جزء فيك".
تمكن المرض من محمد ولفظ أنفاسه الأخيرة قبل أيام، ليلحق به والده بعد وفاته بـ3 أيام، فيما لا يزال شقيقه يصارع المرض في مستشفى آخر للعزل.
بالإفطار الجماعي.. "كورونا" ضيف قاتل
الاستهانة بالفيروس، كانت الرابط بين قصة محمد نادي والعديد من الأسر الأخرى في السعودية وسلطنة عمان ومدن أخرى في مصر.
قصص كشف فيها مسؤولون عن مغبة الاستهانة بالمرض، ونتيجة التمسك بعادات رمضانية مثل الإفطار الجماعي، رغم التحذير من نتائجها جراء انتشار الفيروس.
ففي السعودية كشف المتحدث باسم وزارة الصحة الدكتور محمد العبدالعالي، إصابة عدد من الجيران بفيروس كورونا بسبب اجتماعهم على وجبة إفطار.
وبين العبد العالي أن 4 أسر، وهم من الجيران، التقوا لتناول وجبة الإفطار سوياً، ما أدى إلى إصابة العشرات منهم بـ"كوفيد-19".
وحذر من التجمعات بكل أشكالها، نظراً لما تمثله من مخاطر في نقل "كورونا"، وتبعات ذلك التي قد تصل إلى الوفاة.
وأكد أن الاجتماع الواحد يسبب عشرات الإصابات لعدد من الأفراد، ولذا من الأجدى تفادي هذه الاجتماعات حفاظاً على حياة الأحبة والأصدقاء.
لا تكن كتلك الحالة
حساب وزارة الصحة العمانية في موقع "تويتر" يمتلئ بقصص واقعية لأشخاص تسببوا في إصابة أسرهم وأصدقائهم نتيجية الاستهتار والتهوين من الفيروس.
وتروي الوزارة القصة للعظة وأخذ العبرة، ودائما ما تعنون كل قصة واقعية ترويها بنصيحة الجميع لا تكن كالحالة رقم، وتذكر رقم إصابة الحالة .
ومن بين تلك القصص شاب شعر ببعض التعب وتوجه إلى المركز الصحي، وطلب الأطباء منه الالتزام بالحجر و عدم مخالطة أي شخص حتى ظهور نتيجة الفحص، ولكنه ضرب بتعليماتهم عرض الحائط، وخالط أفراد أسرته وأصدقائه، وفي اليوم التالي تلقى اتصالا من المركز الصحي يفيد بإصابته بالفيروس، فأخبرهم بأنه خالط أسرته وأصدقائه، وكانت المفاجأة بأنه نقل العدوى لجميع من خالطه في تلك الليلة وهم جميع أفراد أسرته الـ7 وأصدقائه الـ7 الذين التقاهم.
وفي سلطنة عمان أيضا قصة لعائلة قررت التجمع في بيت العائلة على إفطار جماعي، لكن لم يخطر في بال أحدهم أن كورونا اجتمع معهم وشاركهم الإفطار بجميع تفاصيله، فبدأت الحمى وبدأ الصداع.
وتكتمل القصة عند تأكيد تشخيص 10 إصابات من العائلة نفسها، بينهم مسن وحفيد لم يتجاوز عمره 5 أشهر، فكان الإفطار الجماعي بنكهة كورونا السبب وراء الإصابة.
وقصة ثالثة لعمانية استهانت بأعراض ظهرت عليها ودعت 7 أسر من العائلة والأصدقاء لإفطار جماعي، لتكتشف عقبها أنها نقلت الفيروس لأهلها وأصدقائها.
وفي مصر بكى الدكتور حسام حسني، رئيس اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كورونا، خلال مداخلة هاتفية لبرنامج “التاسعة” على الفضائية الأولى المصرية وهو يكشف عن : “إصابة 17 من 5 عائلات بسبب استهانتهم بالأعراض التي ظهرت عليهم وتناول الإفطار الجماعي”.
الرهان على وعي المواطن
جميع المسؤولين في مختلف الدول يؤكدون أن الرهان على وعي المواطن، وأنه لن تستطيع أي دولة في العالم أن تخصص شرطي لكل مواطن ليراقب مدى التزامه بالتباعد الاجتماعي حرصا على سلامته وأسرته.
ويشددون على أن تلك القصص يجب أن تتكون ماثلة أمام الجميع خلال الاحتفالات بالعيد، حتى لا تكون مصائر المحتفلين مثل تلك العائلات، بعضهم فقد أصدقاءه وأحباءه والبعض الآخر يصارع المرض، وثالث داخل في صراع مع النفس لن ينتهي كونه كان سببا في نقل الفيروس لآخرين.. ولكن في كثير من الأحيان لا ينفع الندم بعد فوات الأوان.