لقاحات كورونا وعلاج السرطان.. من ظلام الجائحة يولد فجر الأمل
يقولون إن أحلك فترات الليل تكون قبل ميلاد الفجر بقليل، ومع المتغيرات الجديدة في مواجهة كورونا فنحن نعيش بالقطع أحلك لحظات الظلام.
ويزيد ظهور سلالات جديدة للفيروس أكثر انتشارا في جنوب أفريقيا وبريطانيا، من أزمة العالم في مواجهة الجائحة، ولكن مع ذلك يبدو فجر يلوح من قريب، يحمل الأمل ليس فقط في القضاء على الفيروس المستجد، ولكن في هزيمة الأمراض الأكثر قتامة مثل السرطان، وهي اللقاحات الجديدة التي تعتمد على مرسال الحمض النووي الريبي (MRNA).
وتستخدم اللقاحات التقليدية فيروسات معطلة أو ضعيفة، والتي عند حقنها في الجسم تحفز الاستجابة المناعية التي يمكن أن تحمي لاحقًا من مسببات الأمراض الحية، لكن عملية صنع مثل هذه اللقاحات تتطلب مواد كيميائية مختلفة وزراعة الخلايا، وهذا يستغرق وقتا ويوفر فرصا للتلوث، ولكن الطريقة المعتمدة على مرسال الحمض النووي الريبي تستخدم معلومات وراثية (mRNA)، بما يسمح لخلايا الجسم بإنتاج البروتين الفيروسي في سيتوبلازم الخلايا ثم عرضها لجهاز المناعة حتى يتم تدريبه والتعرف عليه، وبناء ذاكرة مناعية ضد الفيروس، وهذه طريقة أسرع من التقليدية.
ويقول خالد شحاتة أستاذ الفيروسات بجامعة أسيوط (جنوب مصر): "إذا كان مطورو اللقاحات المعتمدة على مرسال الحمض النووي الريبي مثل لقاح ( فايزر-بيونتك) ولقاح (موديرنا) قادرين على توجيه خلايا الجسم لإنتاج البروتين الفيروسي، ومن ثم تدريب جهاز المناعة على مواجهة الفيروس، فإنهم قادرون على استخدام نفس المنطق بالعثور على بروتين مميز لكل نوع من السرطان، وعكس هندسة التعليمات الخلوية لاستهداف الجاني والسماح للجسم بالقيام بالباقي".
وفكر الباحثون منذ السبعينيات في استخدام هذه التقنية لمحاربة جميع أنواع الأمراض، لكن كالعادة، أنت في حاجة من أجل تطوير تلك التقنية بشكل يسمح باستخدامها إلى مبالغ ضخمة من المال والوقت والصبر لحل جميع المشاكل، وكانت العقبة الرئيسية هي أن هذه الطريقة تسبب في الحيوانات التهابا مميتا.
وعملت كاتالين كاريكو، عالمة مجرية هاجرت إلى الولايات المتحدة، في ثمانينيات القرن الماضي على هذه المشكلة، وبقيت الفئران التي استخدمت معها هذه الطريقة على قيد الحياة.
والتقط هذا الحل العالم ديريك روسي من جامعة ستانفورد الأمريكية، الذي شارك لاحقًا في تأسيس شركة موديرنا، كما لفت انتباه أوغور شاهين و أوزليم توريشي، وهما زوجان متخصصان في الأورام، شاركا في تأسيس (بيونتك) الألمانية، وكانا أكثر اهتمامًا بعلاج السرطان.
ويقول "شحاتة": "كان التقدم في هذا المجال بطيئا، ولكن جاءت جائحة كورونا التي فرضت التحرك سريعا من أجل توفير لقاح، ومن ثم فإن نجاح لقاحات كورونا التي تستخدم تلك التقنية لأول مرة في العالم، سيدفع الكثير من الشركات للاستثمار في مجال استخدامها لعلاج الأمراض الأخرى، وفي مقدمتها السرطان".
ويوجد لدى موديرنا وبيونتك بالفعل تجارب حالية لاستخدام التقنية في علاج سرطانات الثدي والبروستاتا والجلد والبنكرياس والدماغ والرئة والأنسجة الأخرى، بالإضافة إلى لقاحات ضد كل شيء من الإنفلونزا إلى زيكا وداء الكلب.
aXA6IDE4LjIyMi45OC4yOSA= جزيرة ام اند امز