فيروس كورونا ورواد الفضاء.. الوقاية أفضل من "العلاج الصعب"
خبير فضائي يقول إنه بمقدور أي فيروس الانتقال بسهولة في بيئة محطة الفضاء ذات الجاذبية المنعدمة، والتي تبقي الجسيمات معلقة في الهواء
إذا كان هناك اختلاف بين الخبراء على الأرض حول مدة بقاء فيروس كورونا المستجد في الهواء، فإن الأمر يبدو مختلفا في الفضاء.
وقبل ظهور الفيروس الجديد، كانت وكالات الفضاء حول العالم تفرض حجرا صحيا مشددا على رواد الفضاء قبل الانتقال لمحطة الفضاء الدولية، وبعد ظهور الفيروس الجديد بالغت وكالات الفضاء في إجراءات الحجر الصحي، تحت شعار أن الوقاية أفضل من العلاج الصعب.
وبمقدور أي فيروس الانتقال بسهولة في بيئة محطة الفضاء ذات الجاذبية المنعدمة، والتي تمنع استقرار الجسيمات لذلك يبقى معلقا في الهواء، ما يجعل تنقله سهلاً، وتكون فرص السيطرة على العدوى داخل المحطة صعبة، ناهيك عن أن الوجود في المحطة في حد ذاته يضعف المناعة، ما يجعل فرصة المقاومة أضعف.
ويقول جوناثان كلارك العضو السابق في فريق الجراحين ببرنامج المكوك الفضائي التابع لناسا في تقرير نشره موقع space.com في مارس/آذار الماضي، إن تاريخ السفر للفضاء يسجل حالات نادرة عانى خلالها رواد الفضاء من التهابات الجهاز التنفسي العلوي بسبب نزلة برد، ذلك لأنه لا يوجد عمليا ما يمنع فيروسات الإنفلونزا، وحتى فيروس كورونا الجديد، من الانتقال للفضاء.
ومن أبرز الحوادث ما تعرض له طاقم رحلة أبولو7 عام 1968، إذ أصيبوا جميعا بنزلة برد، حيث كان قائد الرحلة "والي شيرا" مصاباً ببردٍ خفيف ونقل العدوى لباقي الطاقم، ونفذت الأدوية والمناديل من رواد الفضاء لأن تصريف المخاط من الممرات الأنفية يكون صعبا بسبب انعدام الجاذبية.
وواجه رواد (أبولو8) و(أبولو9) الصعوبات نفسها، حيث أصابتهم نزلات برد، ونفذت وكالة الفضاء الأمريكية على إثر هذه الحوادث حجرا صحيا مشددا على رواد الفضاء قبل الإقلاع، وهي الإجراءات التي زادت مع فيروس كورونا المستجد، إضافة إلى إجراءات أخرى، حفاظاً على صحة وسلامة الطاقم.
وقبل نحو أسبوع من إطلاق كبسولة الفضاء (crew dragon) التي أنتجتها شركة Space x، نحو محطة الفضاء الدولية، عملت وكالة ناسا على تجنيب رائدي الفضاء بوب بهنكن (49 عاما) و دوج هيرلي ( 52 عاما)، اللذين نفذا المهمة في 30 مايو/أيار الماضي، أي احتمال للإصابة بالفيروس.
وعدلت ناسا نهجها تجاه هذا الحدث المرتقب للغاية، والذي عادت به الولايات المتحدة إلى إرسال رواد فضاء إلى محطة الفضاء من الأراضي الأمريكية، بعد 9 سنوات من الاعتماد على وكالة الفضاء الروسية في نقل روادها إلى محطة الفضاء.
وقال ستيف ستيتش، نائب مدير برنامج الطاقم التجاري لوكالة ناسا، في تصريحات صحفية نشرها موقع theverge، قبل 5 أيام من الإطلاق: "نتخذ احتياطات إضافية على الأرض، وتقوم الوكالة بإجراء فحوصات درجة الحرارة والإبعاد الجسدي في غرفة التحكم الخاصة بالمهمة".
ويتطلب الإطلاق الناجح عشرات الأشخاص الذين يعملون عادةً في أماكن قريبة بغرفة التحكم الخاصة، ولكن "ستيتش" قال: "نحرض على الفصل بين الناس قدر الإمكان، ونقوم بتطهير الغرفة بانتظام ووضع حواجز زجاجية بين العاملين".
وأضاف: "ننظر إلى كل الأشياء التي يمكننا أن نمارس فيها المبادئ التوجيهية للحفاظ على التباعد الاجتماعي".
وبالتوازي مع هذه الإجراءات دخل رائدي الفضاء "بوب بهنكن" و"دوج هيرلي" في الحجر الصحي منذ 13 مايو/أيار الماضي، أي قبل 17 يوما من انطلاق المهمة، وهذا جزء طبيعي من الاستعدادات لمثل هذه المهام، حيث تتجه أطقم الفضاء دائمًا إلى الحجر الصحي لفترة من الوقت قبل الإطلاق لتقليل فرصة نقل مرض معد من أي نوع إلى الفضاء.
وكخطوة إضافية، تم اجراء اختبار لهما للكشف عن فيروس كورونا المستجد مرتين قبل أن يغادرا إلى محطة الفضاء الدولية، كما تم اتخاذ إجراءات أخرى تشمل الكشف على أي شخص تفاعل معهما قبل الانطلاق، حيث كان يتعين عليه ارتداء أقنعة وقفازات والخضوع لقياس دائم لدرجة حرارته.
وبالإضافة إلى حماية رواد الفضاء والطاقم الأرضي، فإن وكالة ناسا حدت أيضًا من عدد الزوار الذين يمكنهم القدوم إلى مركز الفضاء لمشاهدة الإطلاق.
وكانت قائمة كبار الشخصيات لهذا الحدث تحديدا قصيرة جدًا، حيث حضر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وبعض أعضاء الكونجرس والمجلس الوطني للفضاء، وغابت الحشود المبتهجة التي كانت سمة من سمات المهمات السابقة.
وفي عام 2011، وهي المرة الأخيرة التي انطلق فيها رواد الفضاء من الأراضي الأمريكية، تجمهر ما يقرب من مليون شخص على الجسور والشواطئ في فلوريدا للمشاهدة، وهو ما لم يحدث هذه المرة.
ويقول جوناثان كلارك، العضو السابق في فريق الجراحين ببرنامج المكوك الفضائي التابع لناسا: "في حالة إصابة رائد الفضاء يتعين عزله عن الطاقم في الحجرة المخصصة للنوم الخاصة به، مع ارتداء الكمامة لاحتواء الفيروس".
وأوضح أن القسم الأمريكي في محطة الفضاء الدولية يحتوي على مرشحات الهواء HEPA (مرشح جسيمات الهواء عالي الكفاءة) ومسح منتظم للسطوح ومراقبة وجود أي ميكروبات، وذلك للحد من انتقال الفيروس لآخرين.
aXA6IDE4LjExNy4xMDMuMTg1IA== جزيرة ام اند امز