كورونا يحرم "الأرثوذكس" بهجة عيد الفصح.. احتفالات إلكترونية
كثيرون من المسيحيين الأرثوذكس تابعوا مراسم إحياء عيد الفصح في منازلهم عبر الإنترنت أو التلفزيون خوفا من فيروس كورونا الذي تفشى بالعالم
يحيي أكثر من 260 مليون مسيحي أرثوذكسي في دول عدة عيد الفصح في منازلهم التزاما بتعليمات قادة كنائسهم، بهدف الحد من تفشي فيروس كورونا المستجد.
وفيما تابع كثيرون مراسم إحياء العيد على الإنترنت أو التلفزيون، تجاهل البعض مخاطر الفيروس وحضروا المراسم الكنسية في أهم أعياد التقويم الأرثوذكسي.
في جورجيا شارك بضع مئات من الأشخاص في قداس منتصف الليل بكاتدرائية الثالوث المقدس في تبيليسي، بعد أن سمحت الحكومة بالحضور الشعبي رغم إجراءات حظر تجول ليلي لاحتواء الفيروس.
وقالت لامارا جفانيا (58 عاما): "كان بإمكاني البقاء في المنزل ومتابعة المراسم على التلفاز لكن فقط هنا في هذه الكنيسة المقدسة يمكنني أن أجد راحة حقيقية".
ويحتفل المسيحيون الأرثوذكس، ثالث أكبر طائفة مسيحية في العالم، بعيد الفصح هذا العام بعد أسبوع على احتفال الكاثوليك والبروتستانت، الذين يتبعون تقويما مختلفا، بالعيد.
وجرت مراسم عيد الفصح للكاثوليك الأسبوع الماضي في كنائس فارغة، ووجه البابا فرنسيس رسالته التقليدية بالبث التدفقي من الفاتيكان في وقت باتت تجمعات الصلاة تمثل مخاطر كبيرة في ظل الوباء الذي فتك بأكثر من 160 ألف شخص في العالم.
عائلة كبيرة
ترأس البطريرك الروسي كيريل، الذي تضم كنيسته 150 مليون مؤمن، مراسم في كنيسة المسيح المخلص في موسكو من دون حضور شعبي.
وفي كلمة متلفزة ركز البطريرك على "المرض المروع الذي طال شعبنا"، قائلا إن الكنيسة فارغة لكن "نحن مع بعض.. عائلة كبيرة من المؤمنين الأرثوذكس".
ولم يحضر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قداس الفصح، لكنه توجه إلى كنيسة صغيرة مقامة ضمن مجمع مقره قرب موسكو.
وقال في رسالة بالفيديو جالسا قرب طاولة وضعت عليها حلوى العيد التقليدية: "هذا العام يحل العيد مع قيود فرضت علينا، إنها ضرورية لمحاربة انتشار المرض".
وفي موسكو ومحيطها حيث تتركز معظم الإصابات بوباء "كوفيد-19" في روسيا، أقامت الكنائس مراسم العيد خلف أبواب مغلقة تم بثها على الإنترنت أو التلفزيون.
وحمل بعض المؤمنين الشموع وتابعوا المراسم من خلف أسوار الكنائس، فيما أحيا الكهنة الزياح الذي يجري كل عام في باحاتها.
وبقيت المراسم مفتوحة في معظم أنحاء روسيا التي سجلت قرابة 36800 إصابة بالفيروس وأكثر من 300 وفاة.
وفي معظم المنطقة الأرثوذكسية الأوسع، لم تفتح الكنائس أبوابها أمام العامة، وأمرت بطريركية القسطنطينية ومقرها إسطنبول بإجراء المراسم خلف أبواب مغلقة وبثها على الإنترنت.
والقرار نفسه اتخذ في قبرص واليونان وصربيا ومقدونيا الشمالية وكذلك في مصر، حيث يشكل الأقباط الأرثوذكس بين 10 و15% من عدد السكان.
أما البلدة القديمة في القدس، التي عادة ما تكون مكتظة في الفصح الأرثوذكسي، فكانت شبه مقفرة في عطلة نهاية الأسبوع وسط إجراءات الإغلاق الصارمة التي تفرضها السلطات الإسرائيلية.
وأقيمت مراسم شعلة النور المقدس السنوية خلف أبواب مغلقة في كنيسة القيامة في القدس، ونقلت الشعلة فيما بعد إلى دول أرثوذكسية في مختلف أنحاء العالم.
وطبقا للمعتقدات، فإن كنيسة القيامة مبنية في الموقع الذي صُلب فيه المسيح ودُفن.
في رومانيا وفيما أغلقت الكنائس أبوابها، توجه المتطوعون ورجال الدين إلى منازل الأهالي لتوزيع أرغفة الخبز المكرس ونار الشعلة المقدسة.
ضغوط رجال الدين
عارض عدد من الكنائس الأرثوذكسية فرض تدابير إغلاق على أهم أعيادهم.
في بلغاريا، سمحت الكنيسة الأرثوذكسية للجميع حضور المراسم، لكن اشترطت على المصلين وضع الكمامات والوقوف على بعد المسافة المحددة عن بعضهم البعض.
ووضع ديمتري جولدمان (46 عاما) كمامة خلال حضوره احتفال منتصف الليل أمام كاتدرائية الكسندر نيفسكي في وسط صوفيا، وقال إنه يصلي من أجل "الصحة والتغلب على هذه الأزمة وخروج الناس إلى الشوارع مجددا".
ورضخت جورجيا لضغوط السلطات الدينية وسمحت بإقامة المراسم في أكبر الكنائس، رغم حظر تجول وإغلاق عام في الدولة المطلة على البحر الأسود والتي سجلت 385 إصابة مؤكدة.
وفي أوكرانيا، برزت خلافات مشابهة في الآراء؛ إذ حض الرئيس فولوديمير زيلينسكي المواطنين على البقاء في منازلهم، فيما شجعت الكنيسة الأرثوذكسية الموالية لبطريركية موسكو المصلين على المشاركة في المراسم في الهواء الطلق.
غير أن الكنيسة سجلت إصابة 93 شخصا في دير كييف-بيشيرسك التاريخي، حيث توفي 3 نساك بالفيروس.
وفي بيلاروسيا، الجمهورية السوفياتية السابقة البالغ عدد سكانها 9 ملايين نسمة والتي سجلت عددا مرتفعا نسبيا من الإصابات، حض رئيس الكنيسة البيلاروسية المتروبوليت بافل المؤمنين على لزوم منازلهم، وقال إن "الطقوس ثانوية فيما حياة الإنسان أكثر قيمة بكثير".
وشارك في مراسم إحياء العيد هذا العام ثلث العدد الطبيعي من المشاركين، لكن الرئيس الكسندر لوكاشنكو المشكك في مدى تفشي الوباء، أكد أنه سيحضر المراسم في الكنيسة الأحد، قائلا: "سأكون في الكنيسة، هذه عادتي".