كورونا يشن "هجمة مرتدة".. 3 أسباب وراء التفشي الأكبر للفيروس
هجمة مرتدة شنها فيروس كورونا المستجد على البشر بعد أشهر من التراجع؛ تزامناً مع حملات التطعيم المكثفة لتسريع العودة لحياة ما قبل الجائحة.
التفشي الضخم لفيروس "كوفيد-19" بمعظم الدول حالياً يرجع لأسباب عدة، على رأسها تخاذل كثيرين في الحصول على لقاح كورونا، والتساهل في التعامل مع الإجراءات الاحترازية والتنبيهات الدورية للمنظمات الصحية للوقاية من العدوى.
ومع ذلك، هناك سبب آخر خارج حسابات البشر وقدرتهم على التعاطي معه لا تزال محدودة، وهو تحورات الفيروس التاجي التي قد يضعف أمامها مفعول اللقاح.
وحذرت منظمة الصحة العالمية من ظهور طفرات أكثر خطورة من المتحورات الحالية التي تسببت بظهور موجات جديدة بمختلف الدول؛ لتتخطى حصيلة الوفيات 4 ملايين شخص.
ورأت المنظمة الأممية أن "دلتا"، وهو أخطر متحورات كورونا حتى الآن، "بمثابة تحذير يخبرنا أن الفيروس يتطور، وعلينا التحرك قبل ظهور أشكال أكثر خطورة من الحالية".
ولخصت حلول النجاة في تطبيق الإجراءات الوقائية السابق وضعها منذ انتشار الفيروس في ديسمبر/كانون الأول 2019، وتلقي اللقاحات باعتبارها "الحلّ السحري الوحيد ضد الفيروس"، وفق المنظمة.
"العين الإخبارية" تسلط الضوء على أسباب استشراء الفيروس التاجي مؤخراً، استناداً لتصريحات كبار المسؤولين في منظمة الصحة العالمية وعلماء أجروا أبحاثاً حديثة لتحليل الوضع.
غير المطعمين ينشرون فيروس كورونا
رغم أن أغلب الحكومات تسارع الزمن لتطعيم أكبر قدر من مواطنيها ضد فيروس كورونا، فإن تقاعس الأفراد عن الاستجابة لحملات التطعيم والحصول على اللقاح أحد أبرز أسباب نشر العدوى.
ومنذ أواخر العام الماضي، بدأت حملات التلقيح ضد الفيروس التاجي مستهدفة كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة في المقام الأول، نزولاً إلى الشباب والأقل سناً حتى 12 عاماً، تمهيداً لإقرار لقاحات لمن هم دون هذه السن خلال الأشهر المقبلة.
وأرجع كبير مستشاري البيت الأبيض الأمريكي، أنتوني فاوتشي سبب ازدياد الأمور سوءاً وهجوم الفيروس على البشر بضراوة إلى عدم أخذ اللقاح مع إن "الحل يكمن في التطعيم".
وقال فاوتشي، في مقابلة مع قناة "ABC" الإخبارية قبل أيام، إن التفشي الجديد للمرض يأتي غالباً من الأشخاص غير الملقحين، وهناك حاجة كبيرة للتطعيم في ظل ارتفاع عدد حالات الإصابة الأسبوعية حالياً.
وكشف عن عدم تلقيح مليون شخص في الولايات المتحدة مؤهلين للحصول على الجرعات حتى الآن، مشدداً على ضرورة اتباع الإرشادات الحكومية الجديدة والحصول على التطعيم حتى لا تزداد الأمور سوءاً.
تعويل المسؤول الأمريكي على اللقاح لتفادي وضع أسوأ ليس الأول، إذ كشفت مديرة مراكز السيطرة على الأمراض، روشيل والينسكي، في وقت سابق، أن أكثر من 97% من مرضى كورونا الذين يدخلون المستشفيات في جميع أنحاء البلاد لم يتلقوا التطعيم.
كما كشفت أحدث إحصاءات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في أمريكا "CDC" زيادة بنسبة 64.1% في حالات كورونا مع نهاية يوليو/تموز، مقارنة بالأسبوع الذي سبقه بمعدل 66606 حالات يومياً.
وأفادت المراكز الأمريكية بأن المتوسط الأسبوعي لدخول حالات المستشفى للمصابين بكورونا ارتفع بنسبة 44% عن الأسبوع الممتد بين 16 إلى 22 يوليو/تموز.
التهاون في اتباع الإجراءات الاحترازية ينقل العدوى
أحد أهم الحلول السحرية لتحجيم تفشي فيروس كورونا منذ ظهوره الأول مروراً بتحوراته المتعددة هو الإبقاء على تدابير الحماية الوقائية الفعالة.
وحثت منظمة الصحة العالمية، في آخر مؤتمر صحفي أجرته بخصوص متحورات فيروس كورونا، جميع الأشخاص بالاستمرار في تطبيق تدابير تقلل من انتقال "كوفيد-19".
وأهم الإجراءات التي سلطت المنظمة الأممية الضوء عليها هي: الالتزام بالتباعد الجسدي والمسافات الآمنة بين البشر، وارتداء الكمامات الواقية في الأماكن المناسبة وغسل اليدين بالماء والصابون أو تطهيرهما بالكحول، والتأكد من عدم قضاء وقت طويل مع عدد كبير من الأشخاص في أماكن سيئة التهوية، والحرص على الوجود فقط بداخل الأماكن المغلقة جيدة التهوية.
وحذر المدير العام لمنظمة الصحّة العالمية تيدروس أدهانوم جيبرييسوس من الزيادة المذهلة في عدد الإصابات بفيروس كورونا مؤخراً، معتبراً أن "الإجراءات ذاتها التي سبق وطبقناها ستوقف هذا الفيروس".
وقال: "كمعدل وسطي، في 5 من إجمالي 6 مناطق تابعة للمنظمة، ارتفعت إصابات كوفيد-19 بنسبة 80%، أي تضاعفت تقريباً، في غضون الأسابيع الأربعة الأخيرة، أما في أفريقيا فزادت الوفيات بنسبة 80% خلال الفترة ذاتها".
بينما أكد المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية أن منطقة الشرق الأوسط سجلت نحو 12.6 مليون إصابة بكورونا، وأكثر من 236 ألف حالة وفاة حتى 31 يوليو/تموز.
كما تم الإبلاغ عن 363 ألف إصابة و4300 وفاة جديدة أسبوعياً في المتوسط على مستوى الإقليم خلال الأسابيع الأربعة الأخيرة، وهو ما يُشكل زيادة بنسبة 67% في عدد الإصابات و24% في عدد الوفيات مقارنةً بالشهر السابق، وفقاً للمكتب.
اندماج متحورات كورونا يعقد الموقف
يجاهد العلماء وخبراء الأمراض لمعرفة هل اندمجت تحورات فيروس كورونا معاً، وهل الاتحاد الجيني يضعف من فاعلية اللقاح أم لا؟.
أكاديميون بريطانيون تحدثوا عن "إعادة التركيب" بين نوعين مختلفين من المتغيرات، مثل بين بيتا وألفا أو دلتا، ما قد يتسبب في تفش أكبر للفيروس أو إنتاج نوع جديد أشرس.
وأبدى الأكاديميون، بعد تحليل أجروه ونقلته وسائل إعلام بريطانية عن المجموعة الاستشارية العلمية الرسمية لحكومة المملكة المتحدة "SAGE"، مخاوفهم من أن اندماج المتغيرات قد تؤدي إلى ظهور متغير آخر من كورونا قادر على إفشال اللقاحات الحالية.
وقالوا إن بعض المتغيرات التي ظهرت خلال الأشهر القليلة الماضية تُظهر قابلية أقل للتأثر بالمناعة المكتسبة من اللقاح.
وأخطر سلالات كورونا المتحورة هي "دلتا"، التي يعتقد أنها تتفشى بسرعة أكبر وتسبب أعراضاً أشد من السلالات السابقة، وحتى 28 يوليو/تموز أبلغ 132 بلداً حول العالم عن اكتشاف المتحور دلتا، منها 15 بلداً في الشرق الأوسط.
وحذرت المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية، في تقرير نشرته الجمعة، من أن سلالة دلتا المهيمنة الآن في العالم "قد تكون أكثر خطورة من الأخريات".
وأظهرت 3 أبحاث أجريت في كندا وسنغافورة واسكتلندا أن المصابين بـ"دلتا" أكثر عرضة لدخول المستشفيات من الذين أصيبوا بالمرض في وقت سابق من الجائحة.
وقال خبراء الأمراض في مقابلات مع "رويترز" إن الأبحاث الثلاثة تشير إلى مخاطر أكبر من السلالة "دلتا"، مرجحين أن سرعة انتشارها تسهم في زيادة أعداد الحالات الخطيرة التي تصل للمستشفيات.
وأشارت الدراسات إلى أن خطر احتجاز المصابين بالمتحورة "دلتا" في المستشفيات يزيد بنسبة 120% في المتوسط على خطر احتجاز المصابين بالسلالة الأصلية، بينما يزيد خطر الوفاة بنسبة 137% في المتوسط، كما تزيد احتمالية دخول المصابين بـ"دلتا" وحدة العناية المركزة بنسبة 287% في المتوسط.
وفي ظل مخاوف المختصين من اتحاد السلالات المتحورة للفيروس التاجي وتضاعف ضراوتها، يعد الالتزام بالإجراءات الوقائية الضمانة الأكبر لتجنب العدوى بفيروس "سارس-كوف-2".
أيضاً يعد تلقي اللقاحات الذي ثبت أنه يقلل الحاجة إلى دخول المستشفى لتلقي العلاج أو الوفاة بسبب "كوفيد-19" أبرز الوسائل للوقاية من المرض.
وأوصى الأكاديميون البريطانيون الحكومات بأن تستمر في الحد من انتقال الفيروس قدر الإمكان بتطبيق الإجراءات الاحترازية؛ لتقليل فرصة وجود متغير جديد مقاوم للقاحات.
aXA6IDMuMTQ5LjI0LjE5MiA= جزيرة ام اند امز